تمر الأيام وتبدأ الامتحانات.. وبمرور الوقت تقتنع والدة علياء أنها قد تركت موضوع رسائل الدكتور، وتبذل علياء المزيد من الجهد في المذاكرة، لا يؤرقها في كل هذا إلا الرسالتانالأخيرتان..
لقد بذلت فيهما مجهودًا كبيرًا، ولكنها لا تحرز أي تقدم.قرأتْ الرسائل من البداية، وحاولت أن تربطهم ببعض لفهم الرسالتين الأخريتان ولكن لا فائدة، فقررت أن تؤجل النظر فيهما لبعد الامتحانات وقد تبقىأسبوعان وتنتهي الامتحانات.
في نفس الوقت في مكتب سيف..
يسأل علاء سيفا:
-هل نسيت موضوع عبد الرحمن وعلياء؟
- وكيف أنساه؟ إنه همي الآن.. ولكن هل المراقبة أفادت لك بشيء؟
- لا شيء جديد.. فقط عبد الرحمن بعد أن كان إمام المسجد تركه ولا يؤمّه إلا في أيامالجمعة.. وكذلك يصلي في مساجد مختلفة، أظنه يحتاط بسبب جواب التهديد الذي أرسلناه له.
- وماذا عن علياء و نور؟
- لا شيء.. تذهبان للكلية ولا يوجد ما يثير الريبة.
- حسنًا، فلننتظر.
علاء(بتردد):
-ننتظر ماذا؟
قام سيف من مجلسه وأشعل سيجارته وتكلم بهدوء:
-عندما تصطاد ما شروط الصيد؟
- حسنًا.. يجب أن..
أكمل سيف كلامه دون ترك مساحة لعلاء ليجاوب:
-يجب أن ترمي الطُعم في الماء ثم ننتظر.
- حسنًا.. فهمت ولكن لقد مر وقت طويل.
- لطالما احتاج الصيدُ الصبرَ.
أتممت نور وعلياء الامتحانات، وفي طريق العودة من الكلية في آخر يوم امتحانات..
علياء محدثة نور بمرح:
-إن حظك ليس جيدًا هذه المرة.. أظنها المرة الأولى.. قالتها وضحكت.
- لماذا؟
- لقد كان عيد ميلادك أمس، ولم يكن من الممكن أن يتم تجهيز حفلة لعيد الميلاد بسبب الامتحان.
ردَّت نور ضاحكة:
-بل حظي أفضل من كل مرة .
- كيف؟
- لأنني سأجهز الحفلة اليوم.. حيث يستطيع الجميع أن يأتوا فهو أول أيام الإجازة.
- هل ستجعلينها كحفلة العام الماضي؟.. فلنكتفي بشيء بيننا وبين صديقاتنا.
-إن والدي لم يحضر عيد ميلاد العام الماضي لسفره، ولهذا...
علياء(مقاطعة):
-فهمت.. أين سيكون الحفل؟
- في نادي (.. .).
- حسنًا سأكون هناك قبل الميعاد.. وكل عام وأنتِ بخير.
نور(بخبث):
-أريدك أن ترتدي أفضل ما عندك.. فأنت لا تعلمين من سيأتي.
نظرت إليها علياء نظرة طويلة ثم قالت:
-من؟
ردَّت عليها نور ضاحكة:
-سامح.. لقد دعوته هو وأصدقاءه وأنت تع...
علياء( مندفعة بين ضحك وغضب):
-لا يمكن أن تدعيه.. كان من الممكن أن تأخذي رأيي.
- رأيك في ماذا؟ لقد دعوت كل من نعرف في الكلية، لماذا لا ندعو سامح معهم؟
قالتها نور ثم نظرت لعلياء نظرة خبث.
ردَّت عليها علياء محاولة أن تدعي اللامبالاة:
-حسنًا، يأتي أو لا يأتي، فهو لا يهمني.. وسأرتدي ما أجده.. لن أرتدي شيئًا مخصصًا.
بالطبع قد كوَّنتَ وجهة نظر عمن يكون سامح؛فهو زميلهما في الكلية في نفس الفرقة.. وقد ظهرت من جانبه علامات الإعجاب ناحية علياء منذ أن رآها في حفل العام الأول.. بالطبع لم يلاحظ أنها عرفت هي وصديقاتها منذ أول يوم، فهو لا يعلم الحقيقة القائلة "أي ما تفعل فالأنثى تعرفه".
انتوى في مرةأن يجعل الأمر أوضح قليلًا، حسنًا فلنقل لم يتعد الأمر نيته وحاول أن يدفن الأمر في أعماقه.. ولكن تلك العلامات عندما تظهر لا يمكن سترها.. لقد افتضح أمره.
ولنكن صادقين، فعلياء ظهر عليها بعضٌ من تلك العلامات أيضَا، ولكن لم تتجاوز تلك العلامات صديقتها نور والتي وضعت قاعدتها الخاصة والتي تنص على:"إذا أردت أن تغيظ علياء، فقل لها سامح".. والسبب في أننا لم نسمع اسمه حتى الآن هو أنَّ علياء ونور لستا فتاتين يقضيان وقتهما بالحديث عن الشباب، وكذلك قد بدأت قصتنا في وقت تجري أحداثه بسرعة لم تسمح بذِكر اسمه.. وكذلك لأن نور تدخر سيرته لأوقات إغاظة علياء فقط.
وفي المساء تستأذن علياءأمها لتذهب لحفل عيد ميلاد نور، وبعد أن ارتدت ملابسها وكانت على وشك الخروج..
سألتها والدتها بخبث:
-هل سيذهب سامح للحفل؟
علياء(بارتباك):
-لا أعلم.
تنظر والدة علياء مبتسمة وقد رفعت حاجبيها في تشكيك)، فتقول علياء:
-حسنًا.. سيأتي ما دخلي أنا؟
-لا شيء.. بلغي نور تحياتي.
علياء(بانفعال تحاول أن تكتمه):
-لماذا سألتِ؟
الأم(متظاهرة باللامبالاة):
-لا شيء.. ولكن أظن أن المرآة قد تقعرت من كثرة النظر فيها..(ثم تضحك).
علياء(بخجل):
-حسنًا.. إلى اللقاء.
قالتها وذهبت مغلقة الباب خلفها بعنفٍ.
نعم.. لقد أخبرَتْ علياء أمها عن سامح وكيف أرادأن يستوقفها، ولكنها تصنعت الغباء وعدم الملاحظة فالعلاقة بين علياء ووالدتها كعلاقتها بنور.
فجملة "أنا لا أخفي شيئًا عن أمي" إن قالتها علياء ستكون من القليلات اللواتي ينطقن تلك العبارة بصدق.. فهي تصارحها بكل شيء.. وإن أخفت شيئًا عليها تصارحها به فيما بعد.
تصل علياء للحفل وتدخل لتسلم على زميلاتها في الدفعة.. تسلم على نور وتعطيها الهدية، تتبادلان العناق والقبلات ثم تتصوران بعض الصور..
حسنًا..أنا لم أصف علياء ولا نور حتى الآن..
فقد انتظرتُ تلك المناسبة لأصفهما وهما في أجمل صورهما..
نور طويلة القامة نسبيًا،بيضاء البشرة،أكثر ما تفعله هو الضحك،وأكثر ما تهتم به هو أناقتها.. وهي بوجه عام جميلة..
قد ارتدت في تلك المناسبة فستانًا وردي اللون جعلها محط أنظار الجميع.. أما علياء فهي جميلة جدًا وذلك في حال إن كان مقياس الجمال لك خفة الروح والتلقائية والذكاء والطيبة..
أما إن كنت من عشاق الجمال المرمري فأظنها لن تجذب انتباهك بهذه الدرجة فهي عادية بدرجة امتياز.
وقد ارتدت الآن فستانًا أسود جعلها أجمل، وبالطبع لم ترتدِ نظارتها في الحفل.
نور قائلة لعلياء بخبث:
-أرى أنك ارتديتِ شيئًا خاصًا.. أليس كذلك؟
علياء(ضاحكة):
-وهل أقبل حضور عيد ميلادكِ بشيء غير خاص؟
نور(بخبث):
-إنه لم يأتِ بَعد.
علياء(متظاهرة باللامبالاة):
-ومن قال إنني أبحث عنه؟
نور(ضاحكة):
-إنني أتكلم عن والدي.
علياء(ضاحكة):
-وعن من تظنيني أتحدث؟
يأتي والد نور ومعه التورتة وتبدأ مراسم عيد الميلاد..
ويخرج والد نور من جيبه شمعتين برقم 2.
يقول(لنور): لم أجد شمعة برقم 22 فتصرفت.. ويضع الشمعتين بجوار بعضهما لتكوِّنا رقم 22.
ويبدأ الجميع في الغناء وفي وسط ألاغاني تتوقف نور مرة واحدة.. ونظرها مثبت على الشموع، وبعد أنانطفأتالأنوار استمرت نور ثابتة كما هي فلاحظتها علياء ولكزتها في قدمها فتنتفض نور ثم تزفر بقوة لتطفئ الشموع.
تسألها علياء باستغراب:
-ماذا هناك؟
نور(بوجوم):
-الشمعة.. أقصد الشمعتين.
علياء: ماذا بهما؟
نور(بسرعة):
-أريدك غدًا ضروري.. أمر يتعلق برسائلك مع الدكتور.
- ماذا؟ لا أفهم..
-أظنأنني فهمت الطريقة التي أحل بها رسائله.. غدًا أريدكِ في منزلي صباحًا.
-حسنًا.. فلنكمل الحفل.
نور(تنظر لعلياء وتتكلم بجدية):
-حسنًا سنكمل الحفل، ولكن أخبريني؟
علياء(بنفس درجة الجدية):
-ماذا؟
-هل أتى سامح؟
تنظر لها علياء بغيظ وتتركها وتذهب لإحدى زميلاتها وتغرق نور في الضحك).
يتبع....