قد يضطر الإنسان إلى التضحية بأحد المقربين له لأنه لا يوجد مفر من الهلاك ، وهو الأمر الذي يبدو ثقيلًا على النفس التي تعيش معذبة إن طال بها الأجل ، أو تموت مجبرة نتيجة للهلاك الذي حلّ بمن يخصها ، وفي هذا الشأن وردت بعض الأمثال العربية والتي ورد منها المثل القائل :”يا بعضي دع بعضًا” ، فما هي القصة وراء هذا المثل .قصة يا بعضي دع بعضًا :
ورد عن أبي عبيد عن ابن الكلبي أن أول من قال “يا بعضي دع بعضًا” هو “زرارة بن عُدُس التميمي” ، حيث أن ابنته كانت متزوجة من شخص يًدعى “سويد بن ربيعة” ، وكانت قد أنجبت منه تسعة من البنين ، وقد قام سويد بقتل شقيق لعمرو بن هند الملك ، وتمكن من الهرب من ابن هند الذي لم يستطع الوصول إليه من أجل الانتقام لأخيه .قام ابن هند بالإرسال في طلب زرارة ، ثم قال له :”ائتني بولده من ابنتك” ، فلم يجد الرجل مفر إلا الإتيان بأبناء ابنته ، فأمر ابن هند أن يتم قتلهم ، فقام الأبناء بالتعلق بجدهم زرارة وهم يشعرون بالفزع ، حينها قال لهم الجد :”يا بعضي دع بعضًا” ، وكان يقصد بقوله “بعضي” أنهم أجزاء من ابنته التي هي أيضًا جزء منه ، وكان يقصد بقوله “بعضًا” الحديث عن نفسه ، أي أنه هو الآخر قد أشرف على الهلاك وقد يتعرض لنفس مصيرهم .ومنذ ذلك الحين أصبحت عبارة “يا بعضي دع بعضًا” مثلًا يتم ضربه في تعاطف ذوي الأرحام ، مثلما حدث مع زرارة أثناء استعطاف أبناء ابنته له ، وهو لا يملك الحيلة لإنقاذهم ، حتى قال عبارته الشهيرة التي عبرّت عن مكنون نفسه في تلك اللحظة لتصير مثلًا عربيًا شهيرًا .