ارتبط ذكر هذه المقولة بأحد التابعين وهو التابعي الجليل إبراهيم النخعي ، حيث ورد في كتاب المنتظم لابن الجوزي أنه قالها لسليمان بن مهران ، وهو أحد تلامذته الذين تلقوا العلم على يديه ، كي يعطيه درسًا في حسن الخلق وحب الخير للآخرين .من هو التابعي إبراهيم النخعي ؟
هو إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي أحد فقهاء الكوفة الذين نشأوا في كنفها ، ولد عام ٤٧ هجرية وحفظ القرآن منذ نعومة أظفاره رغم عوار عينيه ، فقد كان يرى بواحدة منهن فقط ، وهو أحد رواة الحديث الذين أدركوا قلة من صحابة رسول الله صلّ الله عليه وسلم ، وقد تعلم النخعي على يد الصحابي عبدالله بن مسعود ، حتى أصبح مفتيًا لأهل الكوفة يستفتونه في أمورهم وشئون دينهم .وقد قال عنه سعيد بن جبير رضي الله عنه حينما ذهب إليه بعض أهل الكوفة يسألونه في فتوى ، فقال لهم أتستفتوني وفيكم إبراهيم ؟ فقد كان رحمه الله عالم جليل زاهد في الدنيا ومقبل على الآخرة وكان من عاداته أن يصوم يومًا ويفطر أخر ، وقد توفي التابعي الجليل سنة 96 هـ بالكوفة ، أثناء خلافة الوليد بن عبدالملك .قصة المقولة :
خرج التابعي الجليل إبراهيم بن يزيد النخعي رحمه الله بصحبة تلميذه سليمان بن مهران ، وكان التابعي رحمه الله أعور العين بينما كان تلميذه سليمان أعمش أي ضعيف البصر ، وسار الاثنين معًا في أحد طرقات الكوفة وهم في طريقهم للجامع ، وبينما هما سائران قال التابعي الجليل : يا سليمان : لما لا تأخذ طريقًا للجامع وأخذ أنا غيره ؟فأنا أخشى إن مررنا معًا من أمام بعض السفهاء ، أن يقولوا أعمش ويقوده أعور ، فقال سليمان بن مهران للإمام النخعي : يا أبا عمران وما عليك في أن نؤجر على ذلك وهم يأثمون ، فقال الإمام الجليل : يا سبحان الله بل نسلم ويسلمون خير من أن نؤجر ويأثمون ، وكأن الإمام بهذا أراد أن يعلم تلميذه اجتناب السوء وحب الخير للأخرين حتى لو جاؤا هم على أنفسهم .