تراثنا العربي الأصيل ، مليء بالحكم والمواعظ والأمثال ، منها ما قيل في بيت شعري قديم فصار مثلاً ، ومنها ما قيل في صورة نصيحة وحكمة فصار مثلاً ، وكلها نتيجة مواقف متفرقة ، وما صار منها مثلاً ، تناقلته الأجيال حتى عصرنا الحالي ، للتعلم والعظة ، ومثلنا اليوم هو المثل القائل : أعوَرُ عَينَكَ والحَجَر .. وقد قيل هذا المثّل في قديم الزمان ، فهو مثّل من التراث العربي الأصيل ، وتُروى قصة المثّل كالتالي :معنى مفردات المثّل العربي الأصيل :
يريد بأعور أي أحفظ عينك ، واحذر الحجر ، أو ارقب الحجر، و يضرب مثلا ً للتمادي في المكروه ، والمشفى منه على الهلكة ، وأصله أن الأعور إذا أصيبت عينه الصحيحة بقيّ لا يبصر ، وكما أن الأعور بالحذر على عينه ، فإنك أحق بمراجعة الحسنى لمقاربتك العطب .قصة المثّل العربي الأصيل :
كما قال إسماعيل بن جرير الجبلي الشاعر ، لطاهر ابن الحين ، وكان طاهر أعور ، وكان إسماعيل مداحا ، فقيل له أنه ينتحل ما يمدحك به من الشعر ، فأحب طاهر إن يمتحنه فأمره أن يهجوه ! فأبى إسماعيل ، فقال طاهر : إنما هو هجاؤك لي أو ضرب عنقك ، فكتب في كاغد هذه الأبيات :رأيــــــــتك لا ترى إلا بعيــــــن .. وعيـــــــــــــــــنك لا ترى الا قلـــــــيلا ..
فإما إذا أصبــــــت بفرد عيـــــن .. فخـــذ من عينــــــــــــك لأخرى كفيلا ..
فقد أيقنت أنك عن قلـــــــــيل .. بظـــــــهر الكف تلتمــــس السبــــيلا ..ثم عرض هذه الأبيات على طاهر ، فقال : لا أرينك تنشدها أحدا ، ومزق القرطاس وأحسن صلته .رواية أخرى للمثّل العربي الأصيل :
ويقال إن غرابا وقع على دبرة ناقة فكره صاحبها ، أن يرميه فتثور الناقة ، فجعل يشير إليه بالحجر ، ويقول : أعور عينك والحجر ، ويسمى الغراب أعور لحدة بصره على التشؤم أو على القلب كالبصير للضرير ، وكما يقال للحبشي : أبي البيضاء ، وكما يقال للأبيض : أبو الجون ، ويقال للملدوغ : السليم ، ثم استعمل المثّل في المعنى الذي تقدم ، والحجر والعين منصوبان على الإغراء .