قصة رُبّ أكلَةٍ تمنع أكلَاتٍ


تراثنا العربي الأصيل ، مليء بالحكم والمواعظ والأمثال ، منها ما قيل في بيت شعري قديم فصار مثلاً ، ومنها ما قيل في صورة نصيحة وحكمة فصار مثلاً ، وكلها نتيجة مواقف متفرقة ، وما صار منها مثلاً ، تناقلته الأجيال حتى عصرنا الحالي ، للتعلم والعظة ، ومثلنا اليوم هو المثل القائل : رب أكلة تمنع أكلات .. وقد قيل هذا المثّل في قديم الزمان ، فهو مثّل من التراث العربي الأصيل ، وتُروى قصة المثّل كالتالي :قصة المثّل العربي الأصيل :
يضرب هذا المثّل في ذم الحرص على الطعام ، وقال المفضل : أن أول من قال هذا المثّل هو : عامر بن الظرب العدواني ، وكان من حديثه أنه كان يدفع بالناس في الحج ، فرآه ملك من ملوك غسان ، فقال : لا أترك هذا العدواني ، أو أذله فلما رجع الملك إلى منزله ، أرسل إليه أحب أن تزورني فأحبوك ، وأكرمك واتخذك خلًا ، فأتاه قومه فقالوا : تفد ويفد معك قومك اليه فيصيبون في جنبك ، ويتجيهون بجاهك .فخرج وأخرج معه نفرًا من قومه ، فلما قدم بلاد الملك أكرمه وأكرم قومه ، ثم انكشف له رأى الملك فجمع أصحابه ، وقال الرأى نائم والهوى يقظان ، ومن أجل ذلك يغلب الهوى الرأى ، عجلت حين عجلتم ولن أعود بعدها ، أنا قد توردنا بلاد هذا الملك ، فلا تسبقوني بريث أمر أقيم عليه ، ولا بعجلة رأي أخف معه ، فان رأيي لكم ، فقال قومه له : قد أكرمنا كما ترى وبعد هذا ما هو خير منه ، قال : لا تعجلوا فان لكل عام طعام ورب اكله تمنع أكلات فكثيرا أياما .ثم أرسل إليه الملك فتحدث عنده ، ثم قال له الملك : قد رأيت أن أجعلك الناظر في أموري ، فقال له ان لي كنز علم لست أعلم إلا به تركته في الحي مدفونا ، وان قومي أضناه بي ما كتب لي سجلا بجاية الطريق ، فيرى قومي طمعا تطيب به أنفسهم ، فأستخرج كنزي وأرجع إليك وافرا .فكتب له بما سأل ، وجاء الى أصحابه فقال : ارتحلوا حتى اذا أدبروا ، قالوا : لم ير كاليوم وافد قوم أقل ولا أبعد من نوال منك ، فقال : مهلا فليس على الرزق فوت وغنم من نجا من الموت ، ومن لا يرباطنا يعيش واهنا فلما قدم على قومه أقام فلم يعد .

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك