تراثنا العربي الأصيل ، مليء بالحكم والمواعظ والأمثال ، منها ما قيل في بيت شعري قديم فصار مثلاً ، ومنها ما قيل في صورة نصيحة وحكمة فصار مثلاً ، وكلها نتيجة مواقف متفرقة ، وما صار منها مثلاً ، تناقلته الأجيال حتى عصرنا الحالي ، للتعلم والعظة ، ومثلنا اليوم هو المثل القائل : أَعدى من الشّنفرَىَ .. وقد قيل هذا المثّل في قديم الزمان ، فهو مثّل من التراث العربي الأصيل ، وتُروى قصة المثّل كالتالي :قصة المثّل العربي الأصيل :
هذا من العدو ، ومن حديثه فيما ذكر أبو عمرو الشيباني انه خرج هو وتأبط شرا وعمرو بن البراق ، فأغاروا على بجيلة ، فوجد والهم رصدا على الماء ، فلما مالوا له في جوف الليل ، قال لهما : تأبط شرا ان بالماء رصدا ، واني لأسمع وجيب قلوب القوم ، فقالا : ما تسمع شيئا وماهو الا قلبك يجب ، فوضع أيديهما على قلبه ، وقال : والله ما يجب وما كان وجابا ، قالوا : فلابد لنا من ورود الماء فخرج الشنفري ، فلما رآه الرصد عرفوه ، فتركوه حتى شرب من الماء ورجع إلى أصحابه .فقال : والله ما بالماء أحد ولقد شربت من الحوض ، فقال : تأبط شرا للشنفري : بلي ، ولكن القوم لا يريدونك وانما يريدونني ، ثم ذهب ابن براق فشرب ورجع ، ولم يعرضوا له ، فقال تأبط شرا للشنفري : اذا أنا كرعت في الحوض ، فان القوم سيشدون عليّ فيأسرونني ، فاذهب كانك تهرب ثم كن في أصل ذلك القرن ، فاذا سمعتني أقول خذوا خذوا فاطلقني .وقال لابن براق : اني سآمرك أن تستأسر للقوم فلا تنأ عنهم ، ولا تمكنهم من نفسك ، ثم مر تأبط شرا حتى ورد الماء فحين كرع في الحوض شدوا عليه ، فأخذوه وكتفوه بوتر ، وطار الشنفري فأتى حيث أمره ، وانحاز ابن براق حيث يرون ، فقال : تأبط شرا يامعشر بجيلة ، هل لكم في خير أن تياسرونا في الفداء ، ويستأسر لكم ابن براق ؟ .. قالوا : نعم ، فقال : ويلك ياابن براق أما الشنفري فقد طار ، وهو يصطلي نار بني فلان وقد علمت ما بيننا وبين أهلك فهل لك أن تستأسر ويياسرونا في الفداء ؟قال : لا والله حتى أروز نفسي شوطًا أو شوطين ، فجعل يستن نحو الجبل ، ويرجع حتى اذا رأوا انه قد أعيا طمعوا فيه فاتبعوه ، ونادى تأبط شرا : خذوا خذوا فخالف الشنفري الى تأبط شرا فقطع وثاقه ، فلما رآه ابن براق وقد خرج من وثاقه ، مال الى عنده فناداهم تأبط شرا : يا معشر بجيلة أعجبكم عدو ابن براق أما والله لا عدون لكم عدوا بينكم ، عدوه ثم أحضروا ثلاثتهم فنجوا .وفي ذلك يقول تأبط شرا :ليلة صحوا وأغروا بي سراعهم .. بالعيبتين لدى معـــــــدى ابن براق
كانما حثحثوا حصـــــــــا قوادمه .. أو أم خشف بـــــذي شث وطــباق
لا شئ أسرع مني غير ذي عذر .. أو ذي جناح بجنب الريد خـــــفاق
فكل هؤلاء كانوا عدائين ولم يسر المثل الا بالشنفري!.