قصة أَخنَثُ من طُوَيسٍ


تراثنا العربي الأصيل ، مليء بالحكم والمواعظ والأمثال ، منها ما قيل في بيت شعري قديم فصار مثلاً ، ومنها ما قيل في صورة نصيحة وحكمة فصار مثلاً ، وكلها نتيجة مواقف متفرقة ، وما صار منها مثلاً ، تناقلته الأجيال حتى عصرنا الحالي ، للتعلم والعظة ، ومثلنا اليوم هو المثل القائل : أخنث من طويس  .. وقد قيل هذا المثّل في قديم الزمان ، فهو مثّل من التراث العربي الأصيل ، وتُروى قصة المثّل كالتالي .قصة طويس :
ويقال أشأم من طويس ، وهو الطاوس : طائر معروف ويصغر على طويس ، بعد حذف الزيادات ، وكان طويس هذا من مخنثي المدية وكان يسمى طاوسا ، فلما تخنث سمي بطويس ، ويكنى بأبي عبدالنعيم ، وهو من أول من غنى في الاسلام بالمدينة ، ونقر الدف المربع ، وكان قد أخذ طرائق الغناء عن سبى فارس ، وذلك أن عمر بن الخطاب رضيّ الله عنه ، كان صيرلهم في كل شهر يومين يستريحون فيهما من المهن ، فكان طويس يغشاهم حتى فهم طرائقهم .قصة مثّل أشأم من طويس :
وكان مألوفًا خليعًا يضحك كل ثكلى حرى فمن مجانثه أنه كان يقول : يا أهل المدينة مادمت في أظهركم فتوقعوا خروج الرجال والدابة ، وان مت فأنتم آمنون فتدبروا ما أقول ان أمي كانت تمشي بين نساء الأنصار بالنمائم ثم ولدتني في الليلة التي مات فيها رسول الله صل الله عليه وسلم ، وفطمتني في اليوم الذي مات فيه أبي بكر الصديق ، وبلغت الحلم في اليوم الذي قتل فيه عمر بن الخطاب ، وتزوجت في اليوم الذي قتل فيه عثمان بن عفان ، وولد لي في اليوم الذي قتل فيه علي كرم الله وجهه ، فمن مثلي .أشعار طويس :
وكان يظهر للناس ما فيه من الآفة ، غير محتشم منه ، ويتحدث به ، وقال فيه شعرًا وهو :   أنا أبو عبد النعيم .. أنا طاوس الجحيم .. وأنا أشأم من دب ، على ظهر الحطيم .. أنا حاء ثم لام .. ثم قاف حشو ميم ، ويعني بقوله حشو ميم ، الياء لأنك اذا قلت ميم فقد وقعت بين ميمين ياء ، يريد أنا حلقى .قصة مثّل أخنث من طويس :
ولما خصى طوبس مع سائر المخنثين ، قال ما هذا الا ختان أعيد علينا ، وكان السبب في خصائهم أنهم كثروا بالمدينة فأفسدوا النساء على الرجال ، وزعم بعضهم أن سليمان بن عبد الملك كان مفرط الغيرة ، وأن جارية له حضرته ذات ليلة قمراء وكان عليها حلى ومعصفر ، فسمع في الليل سميرا يلي هذه الأبيات :وغادة سمعت صوتي فأرقها .. من آخر الليل لماملها السهر ..
تدبي على فخديها من معصفرة .. والحلى دان على لباتها خضر ..
لم يحجب الصوت أحراس ولا غلق .. فدمعها بأعالي الخد ينحدر ..
في ليلة البدر مايدري معانيها .. أو جهها عنده أبهى أم القمر ..
لو خليت لمشت نحوي على قدم .. تكاد من رقة للمشي تنفطر ..أخنث من طويس :
فاستوعب سليمان الشعر وظن أنه في جاريته فبعث إلى سمير ، فأحضره ودعا بحجام ليخصيه ، فدخل إليه عبد العزيز ، وكلمه في أمره ، فقال له اسكت ان الفرس يصهل فتستودق الحجر له ، وان الفحل يخطر فتبضع له الساقه ، وان التيس ينب فتستحرم له العنز ، وان الرجل يغني فتشبق له المرأة ، ثم خصاه ودعا بكتابه فأمره أن يكتب من ساعته إلى عامله ابن حزم بالمدينة ، أن احص المخنثين المغنيين ، فتشظى قلم الكاتب فوقعت نقطة على ذروة الحاء ، فكان ما كان مما تقدم ذكره .

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك