تراثنا العربي الأصيل مليء بالحكم والمواعظ والأمثال ، منها ما قيل في بيت شعري قديم فصار مثلاً ، ومنها ما قيل في صورة نصيحة وحكمة فصار مثلاً ، وكلها نتيجة مواقف متفرقة ، وما صار منها مثلاً ، تناقلته الأجيال حتى عصرنا الحالي ، للتعلم والعظة ، ومثلنا اليوم هو المثل العربي الأصيل القائل : أعق من ضب .. وقد قيل هذا المثّل في قديم الزمان ، وتُروى قصة المثّل كالتالي :تفسير حمزة للمثل العربي الأصيل :
قال حمزة : أرادوا ضبة فكثر الكلام بها ، فقالوا ضب قلت يجوز أن يكون الضب : اسم الجنس كالنعام والحمام والجراد ، وإذ كان كذلك ، وقع على الذكر والأنثى ، قال : وعقوقها أنها لا تأكل أولادها ، وذلك لأن الضبة إذا باضت حرست بيضها من كل ما قدرت عليه من ورل وحية وغير ذلك ، فإذا نقبت أولادها ، وخرجت من البيض ظننتها شيئا يريد بيضها فوثبت عليها تقتلها ، فلا ينجو منها إلا الشريد .أصل ذكر المثّل العربي الأصيل :
وهذا مثل وضعته العرب في موضعه ، وأتت بعلته ثم جاءت إلى ما هو في العقوق ، ، مثل الضبة .. فضربت به المثّل على الضد ، فقالوا : (أبر من هرة
وهي أيضًا تأكل أولادها ، فحين سئلوا عن الفرق ، وجهوا أكل الهرة لأولادها ، إلى شدة الحب لها فلم يأتوا في ذلك بحجة مقنعة ، وقد قال الشاعر : .. أما ترى الدهر وهذا الورى ..كهرة تأكل أولادها ..مثّل عربي أصيل آخر مرادف لنفس المثّل المذكور :
وقالوا أيضًا : (أكرم من الأسد وألأم من الذئب
.. وحين طولبوا بالفرق ، قالوا : كرم الأسد أنه عند شبعه يتجافى عما يمر به ، ولؤم الذئب أنه في كل أوقاته ، متعرض لكل ما يعرض له ، وقالوا : ومن تمام لؤمه أنه ربما يعرض للإنسان منه اثنان ، فيتساندان ويقبلان عليه إقبالا واحدًا ، فان أدمى الإنسان واحد من الذئبين وثب الذئب الآخر على الذئب المدمي فمزقه واكله وترك الإنسان ، وقد أنشد بعضهم قائلا:وكنت كذئب السوء لما رأى دمًا .. بصاحبه يوما أحال على الدم ، ومعنى أحال : أي أقبل ، وقالوا فليس في خلق الله سبحانه وتعالى ألأم منه ، اذ يحدث له هياج عند رؤية الدم ، فيحدث له طمع ويؤدي هذا الطمع إلى قوة تعدو به على الآخر .الكبش والتيس في الأمثال العربية :
ومما أجروه مجرى الذئب والأسد والضب والهر في تضاد النعوت ، الكبش والتيس فإنهم يقولون للرئيس يا كبش ، وللجاهل ياتيس ولا يأتون في ذلك بعلة!.أمثال عربية أخرى شبيهه لنفس معنى المثّل المذكور :
وكذلك المعز والضأن يقولون فيهما فلان ما عز الرجال ، وفلان أمعز من فلان أي أمتن منه ، ثم يقولون فلان نعجة من النعاج إذا وصفوه بالضعف والموق ، وقالوا العنوق بعد النوق ولم يقولوا الحمل بعد الجمل !.وقال حمزة فمعنى قولهم العنوق بعد النوق ، أي بعد الحال الجليلة صغر أمركم وهذا كما يقال : (الحور بعد الكور
، وكذلك يقولون أبعد النوق العنوق ، فان أرادوا ضد ذلك قالوا : أبعد العنوق النوق.والأفراس عند العرب معز الخيل والبرازين ضأنها ، كما ان البخت ضأن الإبل والجواميس ضأن البقر ، وهذا كما حكى عن ثمامة انه قال : النمل ضأن الذر وخالفه مخالف وقال : النمل والذر كالفأر والجرذان .