عثر الثعلب على حظيرة للدجاج ، بجوار كوخ الحطاب ونجح
فى أن يحفر نفقاً يدخل منه إليها ، وغطى فتحته بأغصان الشجر . وكان يتسلل كل ليلة
إلى الداخل ، يسرق أحدى الدجاجة ويأكلها فى الغابة ، حتى أكل نصف الدجاج .
وكان الذئب يراه وهو مستمتع بأكل الدجاج ، فيغتاظ ولا يستطيع أن يبين
له حسرته وجوعه ، وأخيراً سأله : "
من أين لك كل هذا الدجاج يا صديقي ، كل ليلة دجاجة ؟!
فرد الثعلب : إنما يرجع ذلك إلى ذكائي
ومهارتي فى الاحتيال ، بعد أن قضيت الصيف كله فى أكل العنب . وكنت أنت غارق
لأذنيكَ فى لحم الإوز . وفى أحدى الليالي ، ذهب الثعلب كعادته لسرقة الدجاج ، فسمع
صوت الكلب داخل الحظيرة وهو لا يزال فى منتصف النفق ، فجرى بسرعة عائداً إلى
الغابة . وفى الطريق رأى الذئب قادماً، فقال فى
نفسه : لا دجاج بعد الآن ، وسأعود للجوع الذي عرفته فى الصيف على
يدي الذئب ، دون أن يرحمني وأنا أتوسل إليه أن يعطيني عظمةً فقط كم سيضحك علىّ
ويسخر منى لابد أن أتصرف بسرعة وأسخر منه أنا .
رقد الثعلب على بطنه كأنه مريض ، فقال له الذئب
ما بك يا صديقي؟ . فقال :
وقفت عظمة كبيرة فى حلقي الليلة وأنا أكل الدجاجة ، فقلت لابد أنه
ذنبكَ لأنني لم أخبركَ بسر الدجاج . فرد الذئب :
هكذا الدنيا يا صديقي ، يوم لكَ ويوم عليكَ . أنا أيضاً كنت أسرق الإوز
من القرية القريبة فى الصيف ورفضت أن أخبرك بمكانه " .
فقال الثعلب بدهاءٍ : " وهل تظن أنني
نسيت ذلكَ ؟ أسمع يا صديقي ، هل تعرف شجرة الصنوبر العتيقة التى فوق التل هناك ؟
" . فقال له : " نعم "
فقال الثعلب : " إنها شجرة سحرية لو
درت حولها عشر مرات وذيلك فى فمك وأنت تقول " أنا الذئب الخفي " ، لا كلب
يستطيع أن يراني وأنا أراه ولا يجري ورائي إلا وتسمرت قدماه " فلن يستطيع الكلب أن
يهاجمك ، حتى ولو كانت بينك وبينه خطوة واحدة " .
ضحك الثعلب وقال : " هكذا ؟ "
فقال الثعلب: " أقسم لك برأس والدي
أن هذه هي التعويذة السحرية ، التي تمكنني من سرقة الدجاج والكلب معهم فى الحظيرة.
وأنت بنفسك رأيت كمية الدجاج التي أحضرتها وأخرها الليلة " .
ثم أخبره بمكان الحظيرة والنفق وفتحته . فكر الذئب الجائع قليلاً ، ولكنه تشجع بعد أن
تذكر الدجاج . ضحك الثعلب كثيراً وهو يري الذئب يدور حول الشجرة وذيله فى فمه ،
وضحك أكثر وهو يتخيل مصيره القادم . جرى الذئب إلى الحظيرة وفرح عندما سمع
صوت الدجاج وفرح أكثر عندما وجد فتحة النفق ، ودخل
سريعاً وسمع صوت الكلب فتهلل ودخل بشجاعةٍ فتلقاه الكلب بأنيابه ومخالبه ، ودخل
الحطاب بفأسه ، لكنه استطاع الوصول إلى فتحة النفق فهرب
أخيراً ، تاركاً لهم قطعة من ذيله ودموع الندمِ لأنه صدق كلام عدوه الثعلب
الهاية