قصة معركة عقرباء

منذ #قصص حروب

معركة عقرباء من معارك القضاء على الردة ، التي انتشرت في الجزيرة العربية ، بعد وفاة النبي ، وتولي أبي بكر الصديق الخلافة ، والمعركة دارت بين جيش المسلمين بقيادة خالد بن الوليد ، وبين بنو حنيفة الذين أنكروا نبوة محمد ووضعوا أنفسهم بمصاف قريش ، فلها نبي وسول ولهم نبي ورسول ، كما أن لهم مكانة بين العرب تضارع مكانة قريش ، ولهم من الجند الشجعان أضعاف جند قريش ، كما سبق وانتصروا على جيشيين إسلاميين أرسلهما أبو بكر الصديق لإخضاعهم ، الأول بقيادة عكرمة بن أبي جهل والثاني بقيادة شرحبيل بن حسنة .

بداية معركة عقرباء : ابتدأت المعركة بمبارزات فردية قبل أن يلتحم الجمعان في عدة جولات ، وتعرّض المسلمون في بداية المعركة لضغط قتالي شديد مما اضطر خالدًا إلى تعديل خطته العسكرية ، فأجرى تغييرات جذرية في وضع الجيش من خلال تمييز المقاتلين حسب قبائلهم ، ويقصد منها أن تمتاز كل فرقة عن أختها ، أي تفترق عنها وتقاتل منفردة .

أسباب وأهداف تعديل الخطة العسكرية : وقد هدف من وراء هذا التعديل ، أن : يعرف بلاء كل فرقة على حدة ، وأن يعرف المسلمون من أبلى بلاء حسنًا ، ومن صمد منهم في المعركة ، ومن ضعف وانهزم ، وإثارة التنافس بين المسلمين في للقتال حتى أقصى مداه .

تحقيق أهداف تعديل الخطة العسكرية : وبالفعل قد أثارت هذه التغييرات القوة والعصبية ، والحمية الدينية لدى المقاتلين المسلمين فاشتد التنافس بينهم ، وبلغت الحماسة الدينية الأوج ، فكل فرقة تقاتل تحت رايتها ، وتود أن تنال النصر وشرف الغلبة ، فيندفع جنودها إلى الموت .

فطنة وذكاء خالد بن الوليد : استمر القتال في الجولة الأخيرة عدة ساعات ، كثر فيها عدد القتلى من الجانبين ، وثبت بنو حنيفة لوقع السيوف ، ولم يحفلوا بكثرة من قُتل منهم ، فأدرك خالد عندئذ أن الحرب لا تخف وطأتها ما بقي مسيلمة بين بني حنيفة ، وأن العدو لا ينهزم إلا إذا قتل ، ولن تنتهي المعركة إلا بموته .

موت مسيلمة : لذلك شدد ضغطه القتالي ، فاضطر مسيلمة إلى التراجع ودخل حديقته ، مع عدد كبير من أتباعه وأغلق بابها لتخفيف الضغط ، حاصر المسلمون الحديقة واقتحموها وجرى بداخلها قتال ضار ، ولاحت لوحشي ، مولى المطعم بن عدي ، وقاتل حمزة في معركة أحد ، وكان قد أسلم بعدها ، فرصة انكشف مسيلمة خلالها أمامه ، فضربه بحربته ، فأصابه ووقع أرضًا ، فانقضّ عليه سماك بن خرشة بسيفه وأجهز عليه .

طلب الصلح : شكّل مقتل مسيلمة بداية النهاية لهذه المعركة الضارية ، ووضع حدًا لذلك القتال الشديد ، إذ تزعزعت قوة العدو وانهارت ، واشتدت في المقابل قوة المسلمين ، ففتكوا بجنود مسيلمة فتكًا ذريعًا لم يترك لمجّاعة بن مرارة الحنفي ، الذي تولى القيادة بعد مقتل مسيلمة ، الخيار فأعلن استسلامه وطلب الصلح ، وتكبد بنو حنيفة واحدً وعشرين ألف قتيل ، في حين تكبد المسلمون ألفاً ومائتي قتيل ، وتقرر الصلح على بندين .

شروط الصلح مع جيش المسلمون : والبندين المتتالين للصلح هما : أن يسلم بنو حنيفة نصف ما عندهم من الذهب والفضة والسلاح ، والخيل ، وربع السبي ، وحائطًا من كل قرية ومزرعة ، وأن يعصم المسلمون دماءهم على أن يدخلوا في الإسلام .

حديقة الموت : والواقع أنه لم تعرف الجزيرة العربية في تلك العصور موقعة كان فيها ما كان في معركة عقرباء من دماء ، لذلك أطلق المسلمون على حديقة مسيلمة ، وهي حديقة الرحمن ، اسم حديقة الموت ، كما عرف هذا اليوم بيوم اليمامة .

ظهور اتجاه معارض للصلح : لقى صلح خالد ومجّاعة ، معارضة من الجانبين الإسلامي والحنفي ، فقد عارضه فريق الأنصار بزعامة أسيد بن حضير وأبي نائلة اللذين تمسّكا بوصية أبي بكر إلى خالد عندما أرسلته لقتال بني حنيفة

إن أظفرك الله ببني حنيفة فلا تبق عليهم

لذلك أشارا عليه برفض الصلح والإجهاز على القوم ، لكن خالدًا ، أبى الانصياع لهذه المشورة وبخاصة أن المسلمين ، أنهكتهم الحرب ، وأنه أبرم صلحًا مع القوم لا يجوز نقضه ، فاقتنع الأنصار ، وكتب خالدًا إلى أبي بكر الصديق بالصلح الذي أبرمه فأجازه .

وعارض سلمة بن عمير الحنفي ، وهو أحد قادة بني حنيفة ، الصلح وراح يحرض قومه على القتال ، لكنهم رفضوا الاستجابة له وبخاصة أن القتال كان قد أجهدهم ، وتكبدوا خسائر فادحة في الأرواح بحيث لم يبق سوى النساء والأطفال والشيوخ والضعفاء من الرجال .

عودة بني حنيفة للإسلام : وحُشر بني حنيفة للبيعة والبراء مما كانوا فيه ، وجيء بهم إلى خالد في معسكره ، فبايعوا وأعلنوا توبتهم عن الردة ، وعودتهم إلى الإسلام ، ثم فتحت الحصون وأخرج ما فيها من السلاح والحلقة والكراع والذهب والفضة ، وقسمه خالد على الجند وعزل الخمس ، فأرسله إلى أبي بكر مع وفد من بني حنيفة تدليلاً على توبتهم ، فحددوا إسلامهم أمامه .

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك