قصة معركة المذار

منذ #قصص حروب



المذار في ميسان بين واسط والبصرة ، وهي قصبة ميسان ، بينها وبين البصرة مقدار أربعة أيام ، وتقع على الشاطئ الشرقي لنهر دجلة ، وتتشعب عندها الطريق إلى الأهواز والجبال وفارس والسواد .

حكام العراق وقرار القتال ضد الجيش الإسلامي : علمت الدوائر الحاكمة في المدائن بأنباء الهزيمة التي منى بها الجيش الفارسي ، في كاظمة ، فأدرك القيّمون على الحكم مدى تأثيرها السلبي على وضعهم في العراق ، وأنهم إذا لم يتحركوا فورًا لوقف الزحف الإسلامي ، فإن عاصمتهم تصبح مهددة ، لذلك قرروا متابعة القتال .

عسكرة الجيش الفارسي في المذار : وكان الإمبراطور الفارسي قد جهّز ، فور تسلمه كتاب خالد من عامله هرمز ، جيشًا بقيادة قارن بن قريانس ، وأرسله مددًا لهرمز ، غير أنه لم يدركه ، وعندما وصل إلى المذار بلغته أنباء الهزيمة ، ومصرع هرمز ، ووصلت إليه فلول ذات السلاسل فضمّها ، إلى صفوف قواته ، ثم أجرى مباحثات مع القيادة المركزية تقرر بنتيجتها أن يعسكر الجيش في المذار على ضفة الثني ، استعدادًا للتصدي للمسلمين .

توجه خالد إلى المذار بجيشه : علم المثنى ، الذي كان يجوب المنطقة ، باستقرار الجيش الفارسي في المذار ، فكتب إلى خالد الذي بادر فورًا بالتوجه إلى هناك ، وهو على تعبئة ، وفتح أثناء زحفه بزندورد في إقليم كسكر ، ودرتي وهرمزجرد .

عدم الخروج عن خطة أبي بكر : والواقع أن المذار لم تكن على محور الأبلة – الحيرة ، المرسوم للتقدم ، غير أن طبيعة التحرك الفارسي حتّم على خالد أن يوفر عنصر الأمن لجيشه المتقدم ، من أن يضرب من جانبه الأيمن ، ومع ذلك لم تُعدُ خروجًا على الخطة التي وضعها أبو بكر .

معركة المذار : واستناد إلى التقاليد العسكرية ، التي كانت سائدة في ذلك العصر ، والقاضية بالتزام المبارزة قبل الالتحام ، خرج قارن من قلب جيشه ودعا المسلمين للمبارزة ، فهرع إليه خالد ومعقل بن الأعشى ، وكان الثاني الأسرع في التحرك ، فبارزه وقتله ، ثم التحم الجيشان في رحى معركة رهيبة ، كانت أشد قتالًا مما كان في ذات السلاسل .

وأسفرت المعركة عن انتصار المسلمين ، وقتل من الفرس زهاء ثلاثين ألفًا ، كان من بينهم قائدان مشهوران هما أنوشجان وقباذ ، ولجأ من نجا إلى السفن ليعبروا ، فغرق بعضهم ، وحال الماء دون مطاردة المسلمين لهم لافتقارهم إلى السفن ، وجرت المعركة في شهر صفر عام 12 هجريًا ، الموافق ابريل 633م .

ذيول معركة المذار : أقام خالد والمسلمون في المذار ، واتخذوها قاعدة للانطلاق وتقضي أخبار الفرس ، وأقرّ خالد في خطوة لافتة الفلاحين على أرضهم ، وفرض الخراج والجزية ، ثم استعد للتقدم نحو الحيرة ، وعمد قبل الإقدام على هذه الخطوة إلى تنفيذ إجراء إداري – عسكري هو كالآتي : وضع حاميات عسكرية تجاه الأبلة الخريبة في موضع جسر البصرة على شط العرب وفي أسفل دجلة .

عيّن حاكمًا عسكريًا للمنطقة ، هو سويد بن مقرن المزني ، على أن يتمركز في الحفير في موقع خلفي ليحمي مؤخرة الجيش الإسلامي المتقدم ، عيّن أمراء في النواحي المختلفة وربطهم بالقيادة في الحفير ، نذكر منهم : سويد ابن قطبة على ناحيته من منازل بني ذهل من جهة البصرة ، قحطبة بن قتادة السدوسي على جهته ، شريح بن عامر القيني السعدي على الخريبة .

أسباب هذا الإجراء : وقد جاء هذا القرار لعدة أسباب منها : أهمية منطقة الأبلة الاقتصادي والعسكري ، بوصفها الطريق المائي الوحيد بين المدائن والشرق ، قطع الطريق على أي تحرك فارسي مضاد ، لاستعادة المنطقة في حال توغّل في عمق الأراضي العراقية ، وتأمين سلامة قواته والمحافظة على خطوط مواصلاته مع المدينة .

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك