أقام خالد بن الوليد في دومة الجندل ، وأرسل الأقرع بن حابس إلى الأنبار ، فتراجع اندفاع المسلمين في العراق ، وقد لاحظ الفرس ذلك ، فنهضوا لاستعادة ما فقدوه من مدن وقرى وطرد المسلمين من المنطقة ، وقد نسّقوا مع القبائل العربية الموالية لهم .
اتجاه الفارسيان إلى الأنبار والحصيد : وهكذا خرج فارسيان من بغداد باتجاه الأنبار ، وقد كانت بغداد آنذاك قرية في شمال المدائن ، الأول بقيادة زرمهر وقد توجه إلى الخنافس ، والخنافس هي أرض للعرب في طرف العراق قرب الأنبار من ناحية البردان ، والثاني بقيادة روزبة وقد سار إلى الحصيد .
استغاثة حاكم الأنبار : كان الزبرقان بن بدر حاكم الأنبار ، يتتبع تحركات الفرس وحلفائهم من العرب ، وكان الأقرع بن حابس لم يصل إليها بعد ، فكتب إلى القعقاع بن عمرو في الحيرة ، يشرح له الوضع الميداني ، فأرسل هذا قوتين عسكريتين إلى الحُصيد ، بقيادة أعبد بن فدكي السعدي ، وإلى الخنافس بقيادة عروة بن الجعد ، لقطع الطريق على الفرس .
عودة خالد إلى الحيرة : لم ير الفرس ما يستوجب الدخول فورًا في معركة ، وإنما انتظروا قدوم حلفائهم من عرب ربيعة ، فأعطى هذا التباطؤ في التحرك فرصة للمسلمين ، استغلوها بنجاح ، وكان خالد قد عاد في غضون ذلك إلى الحيرة مع عياض بن غنم .
توجه قوات المسلمين إلى الخنافس والحصيد : فأرسل قوة عسكرية بقيادة أبي ليلى بن فدكي السعدي إلى الخنافس ، للاصطدام بزرمهر ، وأخرى بقيادة القعقاع إلى الحصيد للاصطدام بروزبة ، وخرج هو على رأس قوة عسكرية إلى عين التمر تمهيدًا ، للتدخل عند الضرورة .
معركة الحصيد : فوجئ روزبة بزحف المسلمين ، فاستغاث برزمهر فأنجده ، وخاضا معًا معركة خاسرة ، ضد القوات الإسلامية ، حيث لقيا مصرعهما ، وجرت المعركة في 10 شعبان عام 12 هجريا ، الموافق 20 أكتوبر عام 633م .
معركة الخنافس : لجأت فلول الفرس الناجية من معركة الحصيد إلى الخنافس ، فأدى ذلك إلى إلقاء الرعب في قلوب سكانها ، ووهنت نفوسهم وفرّ بعضهم إلى المصيخ للاحتماء بها ، مما سهل مهمة أبي ليلي بن فدكي السعدي ، فدخلها دون قتال ، وكان ذلك في 11 من شعبان عام 12 هجريا ، الموافق 21 أكتوبر عام 633م .
فتح المصيّخ : أتيح لخالد ، بعد هذه الانتصارات ، أن يهاجم المصيخ في محاولة لمنع الحلفاء من الفرس والعرب من إعادة تنظيم صفوفهم ، فاستدعى قادته ، وهاجموا البلدة من ثلاث محاور ، وفاجئوا خصومهم وهم نائمون ، وذلك في 19 شعبان 12 هجريًا ، الموافق 29 أكتوبر عام 633م .