دارت سلسلة من الحروب بين الدولة العثمانية والدول التي نشأت في إيران ، وكان من بين تلك الحروب “الحرب العثمانية الصفوية” ، والتي نشبت بين الدولة العثمانية بقيادة السلطان سليمان القانوني في مواجهة الدولة الصفوية التي كان يقودها آنذاك الشاه طهماسب الأول ، وقد استمرت تلك الحرب لأكثر من عشرين عامًا وبالتحديد في الفترة ما بين 1532م و 1555م ، وقد دارت تلك الحرب في شكل حملات منفصلة خلال تلك الأعوام .
الحملة الأولى (حملة العراقين 1532م-1536م) : بعد أن قام الشاه طهماسب الأول باغتيال والي بغداد وهو أحد العثمانيين ، كان لابد من التفكير في الحرب وخاصةً بعد انتشار الفتن في البلاد التي تتحدث عن تحالف والي بدليس مع الصفويين ، وهو ما جعل السلطان سليمان القانوني يصر على خوض الحرب ضد الصفويين ، ولم تمض سوى أيام قليلة بعد تلك الأحداث حتى قام الصدر الأعظم إبراهيم باشا الفرنجي بالخروج على رأس جيش ضخم والذي بلغ قوامه نحو 200 ألف محارب في حملة قادها ضد الشاه طهماسب .
وقد تمكن إبراهيم باشا خلال حملته من فتح العديد من القلاع ومنها قلعة وان واريون ، كما استطاع أن يدخل تبريز والتي كانت عاصمة الشاه آنذاك ، ثم ذهب السلطان سليمان بنفسه في سبتمبر عام 1535م من أجل قيادة الجيش ، ولكنه فشل في إجبار الشاه على دخول معركة ضد بعضهما البعض ، فقام السلطان سليمان بالتوجه إلى بغداد ، حيث تمكن من فتحها ، بينما هربت الحامية الصفوية منها ، حتى انتهت تلك الحملة بعد أن تمكن إبراهيم باشا من اكتساح معظم أراضي الدولة الصفوية.
الحملة الثانية (1548م-1549م) : بدأت الحملة الثانية خلال عام 1548م والتي قام بها السلطان سليمان القانوني من أجل إخضاع الشاه طهماسب ، ولكن الشاه قام بتجنب المواجهة مع القوات العثمانية مرةً أخرى ، حيث ترك القوات العثمانية في مواجهة شتاء القوقاز بعد أن قام بحرق أرمينيا ، وهو ما جعل السلطان سليمان يضطر إلى إنهاء تلك الحملة ببعض المكاسب المؤقتة في أرمينيا وتبريز وجورجيا .
الحملة الثالثة (1553م-1555م) : جاء موعد الحملة الثالثة والأخيرة خلال عام 1553م ، والتي قام بها السلطان سليمان ليحصد المزيد من المكاسب وليُجبر الشاه طهماسب على الدخول في الحرب ، إلا أنه فشل أيضًا تلك المرة في إخضاعه لخوض الحرب ، حيث أن الشاه كان يهرب من خوض معركة فاصلة مع القوات العثمانية ، ولكن السلطان سليمان تمكن خلال تلك الحملة من استرجاع أرضروم ، كما تمكن من عبور الفرات .
وقد تم إعدام شاه زاد مصطفى خلال تلك الحملة ، وهو ولي العهد ، وذلك بسبب مكيدة قام بها الصدر الأعظم رستم باشا وكان معه روكسلانا أو خرم زوجة السلطان ، وهكذا انتهت الحملة الأخيرة هي الأخرى دون اندلاع معركة حاسمة بين القوات العثمانية والقوات الصفوية .
نتائج الحرب : على الرغم من عدم وجود معركة فاصلة خلال تلك الحرب ، إلا أن القوات العثمانية تمكنت من تحقيق الانتصار الذي كان من أهم نتائجه توقيع معاهدة “أماسيا” ، والتي كانت تنص على ضم تبريز والعراق إلى الدولة العثمانية ، ونصت أيضًا على تقاسم كل من أرمينيا وجورجيا بين الدولتين العثمانية والصفوية .