واصلت فلول الفرس المنهزمة فرارها حتى وصلت إلى همذان ، واحتمت بتحصيناتها ، فحاصرهم المسلمون ، وأدرك حاكم المدينة ، خسروشنوم ، بعد انهيار جيش نهاوند وبلوغ المسلمين مدينته ، خسارة القضية وبخاصة أنه يفتقر إلى القوة الضرورية للمقاومة والصمود ، فآثر الاستسلام مقابل الأمان لمدينته وسكانها ، واقتدى به حاكم الماهين وذلك في أواخر عام 21هجريًا ، الموافق خريف عام 642م .
الطريق لفتح أصفهان : إلى جانب اهتمامه بفتح الجنوب الفارسي ، اهتم عمربن الخطاب بفتح المناطق الشمالية ، فأرسل عبدالله بن عتمان على رأس مقاتلة الكوفة إلى الشمال لفتح أذربيجان والري.
إرسال دعم من عمر بن الخطاب للجيش الإسلامي : فسار إلى أصفهان حيث احتشدت فيها قوة عسكرية فارسية ، وذلك في عام 21 هجريًا ، الموافق 642م ، وأمدّه عمربن الخطاب بأبي موسى الأشعري من قاعدة البصرة ، وانضم إليهم جمع من جند النعمان بن مقرن في نهاوند ، فأضحى من القوة ما جعله يصطدم بالقوة الفارسية المدافعة عن المدينة بقيادة شهريار جاذويه ، ويتغلب عليها ويقتل قائدها .
انتصار المسلمين في معركة فتح أصفهان : وجرت المعركة في ضاحية سميت بعد ذلك برستاق الشيخ ، نسبة إلى القائد شهريار المسن… تولى الأسبيران مهمة الدفاع عن المدينة ، ولما كان عاجز عن الصمود ، طلب الصلح وعرض الاعتراف بفتح المسلمين رستاق الشيخ ، فكان أول رستاق فتحه هؤلاء من أصفهان .
واقتدى الفاذوسفان بالأسبيران فصالح المسلمين وسلمّهم مدينته جي ، وهي مدينة ناحية أصفهان القديمة ، وتسمى الآن عند الفرس شهرستان ، فأقر بالجزية لمن شاء الإقامة في المدينة ، وبعودة الذين فروا منها ، وقد صودرت أراضيهم حتى يدفعوا الجزية ، ومن رفض سمح له بالخروج إلى حيث يشاء ، وصودرت أراضيه ، وحدث وفتح أصفهان في عام 21هجريًا ، 642م .
إعادة فتح همذان : انتهز سكان همذان فرصة عودة الجيوش الإسلامية إلى الكوفة ، وانهماك المسلمين في فتوح مناطق أخرى ، فانتفضوا على الحكم الإسلامي ، ونقضوا صلحهم مع المسلمين ، فأمر عمر بن الخطاب ، نعيم بن مقرن ، أن يخرج إليهم في اثني عشر ألف مقاتل ، وأن يدخل المدينة عنوة عقابًا لأهلها .
معركة إعادة فتح همذان : حاصر نعيم المدينة وأرغم سكانها على إعادة طلب الصلح ، ولم يدخلها عنوة ،ولعل السبب في ذلك هو أنه سمع عن حشود فارسية أخرى بقيادة أسفنديار ، كانت تتجمع للاصطدام به طمعًا في إخراجه من المنطقة ، واسترداد ما كسبه هو وأخوه من قبل ، فآثر أن يحتفظ بقواته سليمة ليوجه بها هذه الجموع المتزايدة .
تصدي حاميات المدن للمسلمين : والواقع أنه في ظل غياب التنسيق الفارسي العام ، أخذت حاميات المدن على عاتقها مقاومة المسلمين منفردة أو مجتمعة ، فقد تبادلت حاميات الري وأذربيجان والديلم ، الرسائل واتفقوا على التصدي للمسلمين ، فخرج جيش من الديلم بقيادة موتا ، وعسكر في واج روذ ، وانضم إليه جيش من الري بقيادة الزينبي أبي فرخان ، وجيش آخر قدم من أذربيجان بقيادة أسفنديار الرازي .
انتصار المسلمين في إعادة فتح همذان : تجاه هذه التحركات الفارسية ، تحصّن أمراء المسالح وراء أسوارهم ، وكتبوا إلى نعيم في همذان يطلبون مساعدته ، كما أخبروا عُمربن الخطاب بذلك ، وخرج نعيم من همذان ونزل بجنده في واج روذ ، واشتبك مع القوى الفارسية في معركة ضارية ، حتى تذكر الناس معركة نهاوند ، أسفرت عن انتصار المسلمين ، وقتل من الفرس عدد لا يحصى ، ونجا أسفنديار الرازي مع قلة من جنوده ، وكذلك الزينبي وأخبر عمر بن الخطاب بهذا الانتصار .