كلمة الزوهري في العامية المغربية ، مشتقة من كلمة الزهر والتي تعني في العربية الحظ ، والكلمة هنا في الثقافة المغربية مرتبطة بكتاب تصوف يهودي اسمه زوهر ، وهو أحد أشهر كتب السحر اليهودي والذي يدعى بالكابالا . والإنسان الزوهري في الثقافة الشعبية المغربية ، يكون إنسانًا محظوظًا وكل ما يريده ميسر له ، وهو إنسان متميز اختاره الله من وجهة نظر المغاربة ، ليتيسر له كل ما يريد وتفتح له الحياة أبوابها ، ولكن أسرة الإنسان الزوهري لا تشعر بالسعادة عندما تكتشف أن لديها إنسانًا بحمل تلك الصفة . والزوهري في الثقافة المغربية هو الإنسان ، الذي تخشاه الجان التي تحرس المقابر ، فمجرد أن يتم التضحية به أمام المقبرة أو داخلها ، يخضع له الجان فهو حلقة الوصل بين عالمي الإنس والجان ، والإنسان الزوهري له علامات يتم التعرف عليه من خلالها ، فقد تظهر كفي راحتي يديه بهما خط مستقيم متصل ، إذا ما وضع الشخص راحتيه إلى جوار بعضهما لبعض . وكذلك يمتلك الزوهري ، علامة النخيل على رأسه ، فنجد مقدمة الشعر على هيئة مثلث ، بينما تظهر خصلات الشعر في الأعلى على هيئة ثلاث دوائر ، ولعينيه حول خفيف بحيث تتجه العين اليمني إلى العين اليسري بشكل خفيف لا يلحظه سوى المتخصصون ، من السحرة أو بعض الدجالين . وقد يجمع الشخص بين تلك العلامات جميعه أو بعض منها فقط ، ويراها المتخصصون كما سبق وأن قلنا ، ودماءه خفيفة اللون وليست حمراء قانية مثلنا ، تلك الدماء التي يسيل لها لعاب كل من يبحثون عن الكنوز المدفونة في باطن الأرض . حيث يروي السحرة أن الطفل الزوهري هو طفل الجان بالأساس ، وقد تم استبداله بطفل من بني البشر عند ولادته ، الأمر الذي يجعله منتسبًا لعالم الجان مقارنة بانتسابه لعالم البشر ، وهم أشخاص لا ينال منهم لحسد أو العين ، ويستطيعون رؤية ما هو مدفون أسفل الأرض وفي المقابر من كنوز . ولعل طقوس التضحية بالزوهريين هي ما تجعل أسرته في حسرة بشكل دائم عليه ، فإذا ما علم السحرة بوجود إنسانًا زوهريًا في مكان ما ، ظلوا يلاحقونه من أجل الحصول على الكنوز ، فيتم قطع بعض أعضائه ، أو قطع رأسه إذا ما كان يحمل العديد من العلامات بجسده . وقصص اختفاء الزوهريين في المغرب كثيرة ، وكانت أغلبها تقع في المدن الغنية بالكنوز والآثار مثل مراكش ، وأغادير وسوس وغيرها ، ومنها قصة الطفلة نادية . نادية طفلة في العاشرة من عمرها ، وهي أحد الأطفال المعروف بأنهم زوهريين ، ولها شقيق توءم ولكنه ليس مثلها ، وكانا يذهبان إلى المدرسة كل يوم برفقة بعضهما لبعض ، مع تحذير أمهما الشدي بألا يتوقفا مع أحد الغرباء ، وألا يحصلان منه على شيء ويركضان إلى المنزل إذا ما حدث ذلك .
بالفعل في صباح أحد الأيام كان الطفلين عائدان من المدرسة ، حين توقفت إلى جوارهما سيارة فارهه ذات زجاج أسود ، يحجب الرؤية عمن يقف إلى جوار السيارة ، فلا يستطيع رؤية من بالداخل . ترجل أحد الأشخاص من السيارة ، وكان رجلاً أسود البشرة ويرتدي جلبابًا أبيض اللون ، وأخذ يتفحص الصغيرين ، ونظر إلى نادية وقال لها خذي تلك الأموال واشتري بها حلوى ، ففتحت يدها لتأخذ المال ، فإذا بالرجل تلمع عيناه وتتسع في فرح شديد ، وما أن رأى شقيقها ذلك ، حتى أمسك بيدها وانطلقا يركضان في ذعر ، ف ركب الرجل سيارته ، ولحق بهما وبيده دفع الطفل حتى وقع أرضًا ، وفي لمحة سريعة أخذ الفتاة إلى داخل السيارة وانطلق مسرعًا . انطلق الطفل إلى منزل أسرته صارخًا ، لقد اختطف نادية رجل ذو جلباب أبيض ، هلعت الأسرة كثيرًا وطفقوا يركضون في كل مكان بحثًا عن طفلتهم المختطفة ، حتى لا يحدث لها مثل غيرها من الأطفال المختطفين ، فهم يعرفون هذا السيناريو . وبرفقة رجال الشرطة اتجهت الأم المكلومة نحو الغابة ، لمشاهدة الجثة التي وجدوها لتتعرف أهي جثة طفلتها أم لا ، كان موقفًا لا تحسد عليه ولكنها تمالكت رباطة جأشها ، ونظرت متفحصة الجثة وأقرت بأنها ليست لابنتها ، على الرغم من ثياب نادية الملقاة إلى جوار الجثة ، واقتلاع إحدى عينيها ، وبدا من الواضح أنه قد تم حلق شعر الطفلة قبيل وفاتها . وعادت الأم إلى منزلها ، وهي تردد اسم ابنتها ، التي فشلت كافة الجهود في العثور عليها ، والجميع يعلم أن مصيرها حتمًا مثل غيرها ، فهي بوابة العبور إلى عالم الجان .