بعض الأماكن تصير مثيرة للاهتمام ، إذا ما اقترنت بالأشياء الغامضة وعالم الجان على وجه التحديد ، ومقهى العدم أحد تلك الأماكن المثيرة ، وهذه قصته . في عام 1892م بباريس ، ومن نفس المكان الذي انتشرت منه قصصًا وأساطير بشأن مصاصي الدماء ، تم افتتاح مقهى خاص لكافة المكتئبين والراغبين في الانتحار ، ومن بداخلهم جوانب سوداوية ! ذلك المقهى الذي يدعى Cabaret du Néant مقهى العدم ، كان مقهى عاديًا تتكون جدرانه من الحجارة ، والمناضد بداخله عبارة عن توابيت ، وكانت النقاشات لزبائنه تدور حول مخاوفهم وأفكارهم السوداوية وكافة ما يشغلهم من أمور ، تجعل العديد منهم يفكرون في الانتحار والتخلص من حياتهم نهائيًا . لم يتوقف تميز المقهى عند هذا الحد ، بل كانت المشروبات المقدمة بداخله تأخذ أسماء ، على غرار السموم الشهيرة ، أي أنك من الممكن أن تذهب إليه ، وتطلب أن ترتشف بعضًا من الزرنيخ بالمكسرات ! أو كوبًا من الطاعون ! وكان من يقدم تلك المشروبات ، ويشرف على هذا المكان مجموعة من الكهنة ومنظمي الجنازات ، وكان من الممكن لك عقب احتساء مشروبك أن تنتقل لغرفة أخرى ، داخل نفس المقهى لمشاهدة بعض العروض للأشباح والتوابيت المفتوحة وهياكل عظيمة كثيرة مصنوعة من الشمع . هذا المكان الغريب ، تحول إلى بوابة للجحيم فوق سطح الأرض ، مع بداية دخولك إلى المقهى ، سوف تجد تمثالاً لثعبان يتحول إلى شيطان ، وتم تصميم جدران المكان نفسه من الأحجار البارزة والشمع ، مصبوب بداخلها بعض المواد التي تحيل لونها إلى صخور بركانية ، بالإضافة إلى إضاءة المكان بمصابيح ومشاعل خشبية ، والمنحوتات البارزة على الجدران ، من شياطين وبشر معذبين ، وملائكة ، وهياكل عظمية وغيرهم . كما توجد مجموعة من العازفين لعزف مقطوعات موسيقية ، جنائزية وقوطية أشبه بموسيقى فاوست ، ولكن هذا المكان تم تدميره غبان فترة الحرب العالمية الثانية ، وأحيل إلى أنقاض عام 1952م. عقب مرور عام واحد على هذا المكان بباريس ، تم هدم مذبح صغير في الولايات المتحدة وتحديدًا بولاية كنتاكي ، وهو مكان مجهول من شيده أو اشتراه من مالكه ، وبعد فترة تحول هذا المبذح إلى استراحة صغيرة على الطريق ، لعدة أعوام ثم تحول إلى مقهى على غرار مقهى العدم بباريس ، ويدعى مقهى Bobby Mackey Music World . لم يكن هذا المكان مجهزًا مثل سابقه ، فلا توجد موسيقى جنائزية أو مشروبات بأسماء أمراض أو سموم ، ولكن كانت تحدث به أشياء يدركها كل من يذهب إلى هذا المكان ، حيث أبلغ رواد المكان بأنهم يشعرون بأن هناك من يراقبهم فور دخولهم ، إحساس أنك مراقب طوال الوقت ، بالإضافة إلى طاقة غضب عاتية تتلبسك بمجرد دخولك إليه مع رغبة شديدة في القتل ، ولكن لم يتحرك مالك المكان لإغلاقه بل اكتفى بتعلق لافته على باب المقهى بأنه مسكون بالأرواح! ومنذ ذلك الحين تحول المقهى إلى مكان أشبه بمقهى العدم ، حيث بات يزوره كل من المكتئبين ، وأصحاب الأفكار السوداوية وجاذب لكل من يرغبون في الانتحار ، بالإضافة إلى الفضوليين من المهتمين بالماورائيات . ولكن مع زيادة رواد المكان ، لم يتوقف الأمر عند الشعور الغريب بالمراقبة والرغبة في القتل فقط ، بل تحول الأمر إلى أحداث حقيقية ، حيث وجدت جثة لسيدة تدعى بيرل برايان مقتولة ، كانت حاملاً ووجدت مقطوعة الرأس بأحد الحقول القريبة من المقهى . وكانت الضحية التالية فتاة تدعى جوانا ، وجدت مشنوقة داخل المقهى نفسه ، ثم جثة مغني يدعى روبرت راندل ، وجدت محفوظة داخل إحدى الخزائن الخشبية داخل المقهى ، بعدما بدأت تتعفن ، ثم شخص يدعى مايك مارسل ، قام دون مقدمات بذبح رجل وسيدة إلى الطاولة المجاورة له ، ثم حاول الهرب قبل وصول الشرطة إليه . تكرار تلك الحوادث الغريبة ، دفع البعض لإطلاق اسم باب جهنم على هذا المقهى ، نظرًا لاقتناعهم التام بأنه قد شُيد فوق أطلال شيء ما ، أخرج كل تلك الطاقة السلبية والعنيفة للمكان ، أو أن أرواح من قتلوا بداخله قد ظلت بالمكان ، وهي التي دفعت بحوادث أخرى للحدوث .
وعقب مرور بعض الوقت ، بدأت الأرض أسفل المقهى بالفعل تنهار للأسفل ! حيث ظهرت فجوة مثل الثقب الأسود في قبو المقهى ، وبدأت في سحب الأتربة والمنشأة كاملة إلى الداخل بالأسفل ، في صورة أشبه بالرمال المتحركة ، فإلى أين يأخذك ؟ أو لماذا ظهر ؟ لم يستطع أحد الحصول على إجابة ، نظرًا لأن مالك المقهى وُجد مقتولاً ، وتم إغلاق المقهى قبل حدوث المزيد من الحوادث . ولكن على العكس من مقهى العدم بباريس ، ظل مقهى بوبي مزارًا سياحيًا لمن يرغب وللمهتمين بالماورائيات ، وحتى يومنا هذا مازال رواد المكان ، يبلغون عن شعور غريب بالغربة في القتل عند الزيارة ، ومازال باحثو الماورائيات يسجلون أصواتًا غريبة ، تصدر عن جدران المقهى ، ومازالت الفجوة أسفله غير معلومة المصدر ، بالإضافة إلى أنها مازالت تتسع كل فترة .