في إحدى المدن القديمة بإسبانيا ، كان هناك بائعان يبيعان المجوهرات المصنوعة يدوياً ، بائع فيهم يدعى سام والبائع الأخر يدعى توم ، ذات يوم نزلا الاثنان على مدينة مجاورة لبيع الذهب ، واتفقا على أن يذهب كل منهما إلى طرف من المدينة وحينما ينتهيان من البيع هناك ، يمكنهما بعد ذلك تبادل الأماكن والانتقال للطرف الأخر من المدينة .
وفي إحدى شوارع المدينة الصغيرة رأت الفتاة الصغيرة بائع المجوهرات يمر من أمام بيتهم ، فأرادت الفتاة شراء جوهرة منه فركضت إلى جدتها وطلبت منها بعض المال لتشتري سوار من الذهب ، فقالت لها جدتها : ولكن يا بنيتي ليس لدينا مال لشراء الطعام الجيد ، فكيف يمكننا إذن شراء سوار من الذهب ؟ حزنت الفتاة وأصيبت بخيبة الأمل من كلام جدتها ، ولكن رغبتها في شراء السوار كانت لا تزال قوية ، فذهبت إلى داخل المطبخ وجلبت من هناك لوحة سوداء قديمة ، وتوجهت بها إلى جدتها قائلة : ليس لدينا المال ولكن لدينا تلك اللوحة الجميلة ، يمكننا استبدالها بسوار من الذهب .
فاستجابت الجدة لرغبة حفيدتها وقالت لها : حسناً سنحاول مع البائع يا عزيزتي ، وبالفعل طلبت الجدة من البائع الدخول لبيتها ، وعرضت عليه اللوحة القديمة مقابل سوار الذهب ، كان البائع هو سام نفسه رأى حالتهم وعرف بأنهم فقراء ، فتعامل معهم باستخفاف .
ولما عرضت عليه العجوز اللوحة ، وأخبرته بأنها تريد مبادلتها بسوار من الذهب لأنها لا تملك المال ، لم يهتم وكان علي وشك المغادرة ، ولكنه توقف عندما وقع بصره على اللوحة ، وعرف أنها مصنوعة من الذهب الخالص وتساوي الكثير ، ورغم ذلك تظاهر سام بعدم الاهتمام لكي لا تطمع العجوز وقال لهم أنه سيفكر لبعض وسيعود في وقت لاحق لأن اللوحة لا تستحق حتى ثمن سوار واحد .
فقد كان سام يخطط لشراء تلك اللوحة الثمينة بثمن زهيد ، لذا غادر وهو يخطط للرجوع في وقت لاحق وأخذها بثمن بخس ، وفي تلك الأثناء كان البائع الأخر توم قد انتهى من البيع في الجزء الخاص به ، لذا ذهب إلى الجزء الأخر من المدينة ، وانتهى به المطاف إلى نفس منزل السيدة العجوز والفتاة .
فلما شاهدته الفتاة ذهبت على الفور إلى جدتها وأخبرتها عنه ، فطلبت منه جدتها الدخول وعرضت عليه اللوحة مقابل سوار واحد من الذهب ، فأجاب توم بكل تواضع بالتأكيد سيدتي وعندما فحص اللوحة بدقة ، عرف أنها قيمة جداً فهي مصنوعة من الذهب وتساوي الكثير .
فاعتذر توم من السيدة العجوز ، وقال لها يا سيدتي : كل ما عندي من السلع والمال لا يساوي قيمة هذه اللوحة فهي ثمينة جداً ، صدمت العجوز لسماعها هذا الكلام فهي لم تكن تعلم قيمتها الحقيقية ، وانبهرت كثيراً من أمانة البائع توم الذي كان على عكس البائع السابق .
وقال لها توم سأعطيك كل الذهب والمال الذي معي مقابل هذه اللوحة ، ولكن فقط أريد بعض المال اليسير للعودة لمدينتي بتلك اللوحة ، فقبلت السيدة العجوز عرضه وتركته يأخذ جزءً من المال كي يركب به العبارة ويعود لمدينته بتلك اللوحة القيمة التي فاز بها مقابل أمانته .
أما سام فعاد في أخر النهار ليعرض بعض القطع النقدية القليلة علي السيدة العجوز مقابل اللوحة القديمة عديمة الفائدة ، فوجد السيدة العجوز في قمة الغضب وأخذت توبخه على كذبه وغشه في البيع والشراء ، وأخبرته أنها علمت الحقيقة من بائع أخر صدق معها في القول ، وأعطاها الكثير من الذهب والمال مقابل اللوحة القيمة التي كانت تقتنيها .
فتفاجئ سام وندم على طمعه الذي أضاع منه لوحة العجوز ، كما أنها طردته من المنزل وحذرته من المجيء للبيع أمامها مرة أخرى ، فخرج سام مطرقاً حزيناً وعلم أن طمعه وكذبه هما سبب خسارته الكبيرة ، وأنه لم يكن عليه فعل ذلك كي يكسب المال فالصدق منجاة والرزق بيد الله .