في كل أسبوع يوم ثلاثاء ، في السنة نصف مئة ، في الحرب أيام ثلاثاء ، في تلك الثلاثاء ، تمرنوا في المدرسة على الحروف الكبيرة ، كانت للمعلمة نظارة بعدسات سميكة خالية من الحافات ، كانت سميكة في تلك الصورة ، التي تبدو العيون من خلالها خافتة للغاية ، اثنتان وأربعون فتاة يجلسن أمام اللوحة السوداء ، وكتبن بحروف كبيرة .
نبذة عن المؤلف : قصة من روائع الأدب الألماني ، للمؤلف والكاتب المسرحي الألماني ، فولفكانك بورشت ، ولد في 20 مايو عام 1920م ، في هامبورغ بألمانيا ، قام بتأليف أول أشعاره وهو في السابعة عشرمن عمره ، وكان يتلقى دروساً خاصة في التمثيل على يد هيلموت جميلن وعمل ممثِلاً لفترة قصيرة في مدينة لونبرج ، جرح جرحاً بليغاً في فترة تجنيده وفي العام 1943م سرح من الجيش بسبب إصابته بمرض ، ومات بورشت ، بالالتهاب الكبدي ، في 20 نوفمبر عام 1947م ، في بازل – سويسرا ، قبل عرض مسرحيته الوحيدة التي ألّفها ، وهي : في الخارج أمام الباب .
أولي والمعلمة : كانت للعجوز فرتس كأس نحاسية ، انطلقت المرأة المكتنزة بيرتا باريس ، ان جميع الآباء يصبحون في الحرب جندياً واحداً ، أخرجت أولي لسانها حد أنفها ، وهنا لكزتها المعلمة ، لقد كتبت كلمة حرب بحرف الشين ، إن كلمة حرب تكتب بالباء ، مثل كلمة قرب ، كم مرة كررت هذا الأمر ، أخذت المعلمة دفتراً ، وكتبت علامة + ، خلف اسم أولي يجب أن تكتب الجملة عشر مرات حتى الغد ، كتابة نظيفة هل فهمت ؟ أجل ، قالت أولي ، وهمست لنفسها بصمت : هذه اللعينة بنظارتها ، على ساحة المدرسة التهمت غربان الضباب ، بقايا الخبز المرمية أرضاً .
ثلاثاء والشال الأحمر : في تلك الثلاثاء ، ترقي الملازم ايلرز الي مرتبة آمر الوحدة ، يجب أن تخلع الشال الأحمر ، ياسيد ايلرز ، ماذا يارائد ؟ أجل ، يا ايلرز ، في الثانية لم يعد ذلك الأمر محبباً ، هل سأنتقل إلى الفرقة الثانية ؟ أجل ، وهم لا يحبون مثل هذا الشيء ، هناك لا تستطيع المواصلة بذلك ، ان الثانية قد اعتادت على الأمور الصحيحة ، ومع هذا الشال الأحمر ، ستجعلك الفرقة تراوح في نكانك تماماً ، ان النقيب هيسه لم يحمل مثل هذا الشيء ، هل جرح هيسه ؟ كلا ، لقد قدم نفسه في سجل المرضى ، يحس بسوء صحته ، كما قال ، لقد خارت قواه بعض الشيء منذ أن أصبح نقيباً ، ان هذا السيد لم أعد أفهمه ، وإلا فإنه كان دوماً صائب التصرف على أية حال ، يا ايلرز ، حاول أن تدبر أمرك مع الفرقة الثانية ، لقد قاك هيسه بتربية هؤلاء الناس تربية حسنة ، وانزع الشال ، هل هذا واضح ؟ هذا طبيعي أيها الرائد ، وانتبه الى أن يكون هؤلاء الناس حذرين مع السجائر ، فهنا يجب على كل مدفعي حاذق أن يكون سبابته على الزناد ، وذلك عندما يري هذه الديدان المصباحية ، تتخبط هنا وهناك ، لقد حدثت عندنا في الأسبوع الماضي خمس اصابات في الرأس ، اذاً ، انتبه بعض الشيء إلى ذلك ، صحيح ؟ أجل ، أيها الرائد ، نزع الملازم ايلرز الشال الأحمر في أثناء الطريق ، إلى الفرقة الثانية ، أشعل سيجارة وصاح بصوت عال : آمر الفرقة الثانية .
ثلاثاء غير هادئ : في تلك الثلاثاء قال السيد هانزن الى الآنسة سفرين : يجب أن نبعث مجدداً إلى هسه شيئا ، يا سفرنيشن ، شيئاً للتدخين ، شيئاً للقضم ، وقليلا من الأدب ، زوجا من القفازات أو ما شابه ذلك ، ان الشباب يواجهون في الخارج شتاء سئيماً لعيناً ، أنا أعرف ذلك ، هنالك الكثير من المرضى ، هل من المحتمل أن يكون هولدرلين ، يا سيد هانزن هراء ، ياسفرينشن ، هراء ، كلا اهدئي وكوني لطيفة بعض الشيء ، قد يكون فلهلم بوش ، أو ما شابه ، لقد كان هيسه أكبر من ذلك بالنسبة إلى هؤلاء الناس ، إنه يعشق الضحك ، وهذا ما تعرفينه بطبيعة الحال ، ياربي ، سفرينشن ، أن هذا الهيسه يستطيع أن يضحك حقاً ، أجل لأنه يستطيع أن يضحك ، قالت سفرين .
ثلاثاء في مستشفى الأوبئة العسكرية : في ذلك الثلاثاء حملوا الرائد هيسه ، في حمالة إلى صالة الاسعاف وفوق الباب ، كانت لافتة مكتوب عليها : ذا كان جنرالاً أو جندياً .
فالشعر يبقى هنا ، حلق شعر رأسه ، كان للمرض أصابع رفيعة وطويلة ، وكأنها سيقان عنكبوت ، ثمة بقع حمراء عند عقبي قدميه ، لقد دلكوه بشيء ما تنبعث منه رائحة صيدلية ، ثم تحسست سيقان العنكبوت ، نبضة وكتبت في كتاب سميك درجة الحرارة 41.6 ، النبض 116 ، فاقد الوعي ، هنالك شك في اصابته بالحمى الوبائية ، أغلق رجل الاسعاف الكتاب السميك ، وعلى غلافه كتب ، مستشفى الأوبئة العسكرية في سمولينك ، وتحته : الف وأربع مئة سرير .
رفع الحاملون الحمالة إلى أعلى ، وعلى السلم تدلى رأسه خارجاً من البطانية وأصبح يتأرجح يسرة ويمنة ، عند صعود درجات السلم ، كانت حلاقته قصيرة ، وكان يضحك على الروس ، كان أحد الحمالة مصابا بالزكام .
ثلاثاء 40 درجة تحت الصفر : في تلك الثلاثاء ، قرعت السيدة هيسه جرس جارتها ، وعندما فتحت الباب ، هزت الرسالة ، لقد أصبح نقيباً ، كتب بأنه قد ترقى الى نقيب وآمر السرية ، أن درجة الحرارة قد تجاوزت عندهم الأربعين درجة مئوية تحت الصفر ، استغرقت الرسالة تسعة أيام ، لقد كتب على أعلى مظروف الرسالة ، الى سيدة النقيب هيسه ، بقيت رافعة الرسالة إلى أعلى ، غير أن الجارة لم تنظر إلى هناك ، بل قالت : 40 درجة تحت الصفر ، يا لهؤلاء الشباب البؤساء ، 40 درجة تحت الصفر !! الثلاثاء وشفتي هيسه الحمراوان : في تلك الثلاثاء ، سأل رئيس هيئة الأطباء العسكرية ، رئيس مستشفى الأوبئة العسكرية ، في سمولينسك : كم عددهم يومياً ؟ ، نصف دزينة ، قال رئيس هيئة الأطباء العسكرية : أمر مقيت ، قال رئيس المستشفي : أجل مقيت ، وفي تلك الأثناء لم ينظر أحدهما إلى الآخر ، وفي تلك الثلاثاء عرضوا اوبرا الناي السحري ، لقد طلت السيدة هيسه شفتيها بالأحمر .
الثلاثاء تفشي الوباء : في تلك الثلاثاء ، كتبت الممرضة إليزابيث الى والديها : دون الايمان بالله ، لا يستطيع المرء تحمل هذا الوضع ، لكن عندما جاء الطبيب الأدنى درجة ، نهضت واقفة ، أنه محني الظهر على تلكم الصورة التي تظهره وكأنه يحمل روسيا بأجمعها عبر الصالة .
هل ينبغي أن اعطيه شيئاً ؟سألت الممرضة ، كلا قال الطبيب الأدنى درجة ، قال ذلك بصوت خافت ، وكأنه يخجل من نفسه ، بعد ذاك حملوا النقيب هيسه إلى الخارج ، حيث كان الجو عاصفاً ، لماذا يعبثون دوما هذا المنوال ، لماذا لا يستطيعون وضع الميت على الأرض ببطء وهدوء ، في كل مرة يضعونه بهوس على الأرض ، هذا ما قاله أحدهم .
ثم قال جاره بصوت خافت : متعرج هذا التصرف ، زك زاك ، ان المدفعية حادة الطباع ، كان الطبيب الأدنى درجة ينتقل من سرير إلى آخر ، يومياً ، ليلاً ونهاراً ، وطوال أيام متواصلة ، طوال الليالي ، وكان في أثناء ذلك يسير منحني الظهر ، كان يحمل روسيا بأجمعها عبر الصالة ، في الخارج ، كان حاملا المرضى يبعثان بحمالة فارغة يحملانها ، أنه الرقم 4 ، قال أحدهما ، وكان مزكوماً .
ثلاثاء أولي الجميلة : في تلك الثلاثاء ، كانت أولي جالسة مساءً ترسم في دفترها بحروف كبيرة ، ان جميع الآباء يصبحون في الحرب جندياً واحداً ، أن جميع الآباء يصبحون في الحرب جندياً واحداً ، لقد كتبت هذه الفقرة عشر مرات ، بحروف كبيرة ، وكتبت كلمة حرب ، بحرف الباء ، مثل كلمة قرب .