في صباح اليوم التالي...
كانت جالسة على حافة السرير بفستان زفافها، عيناها حمراوتان من شدة البكاء و اثار دموعها واضحة على وجهها، ما زالت كلماته تتردد داخل اذنيها، هو لا يريدها ولا يريد قربها، لقد قالها بكل صراحة دون ان يزوق كلامه حتى، اما هي فقد استقبلت كلامه بصدمة شديدة، صدمة لم تتخيل ان تتلقاها في أهم أيام عمرها، قد تكون لا تحبه، ولم تتوقع منه الحب، لكن ان يهينها بهذه الطريقة فهذا شيء لا تتقبله أي انثى وهي كأنثى طبيعية لن تتقبل جرحه لها بهذا الشكل المهين، نهضت من فوق سريرها وسارت بخطى متعثرة بفعل قماش فستانها الطويل نحو المرأة.، تأملت نفسها وملامحها الملطخة بأثار المكياج التي مُحيت بفعل بكائها المستمر طوال الليل، مسحت وجهها بباطن كفيها وأخذت نفسا عميقا قبل ان تهتف بقهر أنثى: سوف تدفع ثمن هذا غاليا يا ابن الهاشمي، أعدك بهذا...
ثم شمخت برأسها وتحركت تجر ذيل فستانها خلفها متجهة الى الحمام الملحق بغرفتها...
خلعت فستانها ورمته ارضا واتجهت بجسدها العاري أسفل الدوش، فتحت صنبور المياه لتهطل بغزارة فوف جسدها، كانت المياه باردة كقلبها الذي كساه البرود فجأة، خرجت من أسفل المياه بعدما انهت حمامها، لفت المنشفة البيضاء الواسعة حول جسدها وخرجت الى غرفتها.، أخرجت قميص نومها الابيض من خزانة ملابسها وأخذت تتأمله بملامح جامدة قبل ان تخلع المنشفة وترتديه.، جلست امام طاولة التجميل وبدأت بوضع مكياجها وتصفيف شعرها، كانت تريد ان تظهر بأفضل صورة لها، ستفاجئه بطلتها وتفاجئه اكثر بتصرفاتها، انتهت من وضع مكياجها لتنهض من مكانها وتضع عطرها الهادئ على رقبتها وجسدها...
اتجهت نحو سريرها وتمددت عليه وهي ما زالت تفكر بما حدث وظلت تفكر حتى غطت في نوم عميق...
دلف أدهم الى غرفة النوم بخطوات حذرة ليتأملها وهي نائمة بعمق بملامح متعجبة.، كانت تبدو في أبهى حلتها خاصة وهي ترتدي ذلك قميص النوم الابيض من الدانتيل.، وجهها مشرقا وملامحها مرتاحة...
لم يهتم كثيرا لهذا وهو يسير بهدوء نحو الحمام فيخلع بنطاله وقميصه ويأخذ حماما سريعا...
خرج من الحمام وهو يلف منشفة بيضاء حول خصره، ارتدى بيجامته ثم وقف امام المرأة يمشط شعره ويضع عطره المفضل قبل ان يتجه نحو السرير ويلقي بجسده عليه ويغط بنوم عميق كان يحتاجة من فترة...
وقفت أسما أمام باب غرفتهما ثم وضعت اذنها بالقرب من الباب تحاول الاستماع الى اي شيء قبل ان تزفر انفاسها بضيق وتهمس لنفسها: يا الهي، ما هذا الحظ الذي أملكه لأزوج ابني من فتاة قروية كهذه، ليتني مت قبل ان أرى هذا...
ثم أخذت تطرق على الباب عدة مرات بقوة...
استفاقت فرح من نومها على صوت طرقات قوية على باب غرفتها.، اتسعت عيناها بصدمة وهي تتطلع الى أدهم الغارق في نومه بجانبها والذي يبدو وأنه لم يتأثر بطرقات الباب القوية، نهضت مسرعة من فوق سريرها وفتحت الباب لتتفاجئ بأسما امامها، تأملتها أسما بملامح ممتعضة قبل ان تهتف بصرامة: متى سوف تستيقظان من النوم.، أمامنا طريق طويل نحو العاصمة، يجب أن نخرج من القرية مبكرا...
ابتلعت فرح ريقها وقالت بإذعان: حاضر، انا مستيقظة كما ترين وأدهم سيستيقظ في الحال...
حركت أسما رأسها نحو الامام قليلا محاولة ان تكتشف ما يوجد في الداخل بينما ابتسمت فرح بتوتر وقالت: عن اذنك، سوف أوقضه في الحال...
ثم أغلقت الباب في وجهها دون ان تنتظر رد...
اتجهت فرح نحو أدهم وتأملته للحظات وهو نائم، كان يبدو وسيما بشكل مرهق للاعصاب لكنها نهرت نفسها على الفور مذكرة إياها بأنها لا يجب أن تفكر به بهذه الطريقة، هي عليها أن تحصن مشاعرها وقلبها حتى لا يتحرك أيا منهما نحوه، عندما توصلت لهذه الفكرة أخذت نفسا عميقا ثم تقدمت منه وأخذت تهز من ظهره محاولة ايقاظه لكنه لم يستيقظ، بدأت تنادي عليه ولكنه لم يستيقظ ايضا...
يا الهي، لماذا لا يستيقظ؟! هل مات وأنا لا اعلم؟!
ثم عادت تهزه دون فائدة...
نومه ثقيل للغاية...
قالتها فرح بتذمر ثم ما لبثت ان لمعت برأسها فكرة جهنمية طبقتها فورا، حملت فرح قنينة المياه الموجوده في الغرفة ثم ما لبثت ان صبت ما في داخلها فوق رأسها لينتفض أدهم من مكانه ويشهق بقوة قبل ان تتحول ملامحه المصدومة لأخرى غاضبة فيصرخ بها: ماذا فعلت.؟!
ردت فرح ببراءة: ماذا فعلت؟! حاولت إيقاظك كثيرا دون فائدة، يبدو ان نومك ثقيل، ووالدتك تطلب منا الاسراع في تجهيز انفسنا لنرحل الى المدينة...
تحدث أدهم بإنفعال بينما أخذ صدره يعلو ويهبط بقوة: بهذه الطريقة، توقظيني بهذه الطريقة...
قالت فرح بلا مبالاة اغاظته: نومك ثقيل للغاية ولم أجد طريقة غير هذه لإيقاظك...
نهض من مكانه بعدما القى الغطاء بعيدا عنه بعنف ثم سار متجها نحو الحمام وهو يلعنها بداخله بينما أخذت فرح تبتسم بخبث وهي تهمس لنفسها: ما زال في انتظارك الكثير يا ابن الهاشمي...
خرج أدهم من الحمام وهو يجفف وجهه ليجد فرح تنتظره في الخارج وهي تحمل ملابس الخروج، دلفت الى الحمام دون ان تنطق كلمة ليتجه هو بدوره نحو الخزانة ويخرج ملابس خروجه ويرتديها...
خرجت فرح من الحمام وهي ترتدي فستان أخضر ذو أكمام مدورة تصل الى منتصف ذراعها يلتصق على جسدها من الاعلى ويتسع تدريجيا اسفل حصرها حتى يصل اسفل ركبتها بقليل...
شهقت بقوة وهي ترى أدهم عاري الصدر يرتدي بنطاله فقط مما جعل الاخير يرتدي قميصه بسرعة...
أخذ أدهم يغلق ازرار قميصه بينما عيناه تسرقان النظر الى فرح التي أشاحت بوجهها بعيدا عنه وأخذت تعدل الفراش...
انتهى من ارتداء قميصه ليتجه نحو المرأة ويحمل المشط ويسرح شعره، انتهت فرح من ترتيب الفراش فإتجهت هي الاخرى نحو طاولة التجميل وسرحت شعرها ثم رفعته من الجانبين الاماميين الى الخلف قليلا وربطته، تأملها ادهم وهي تحمل عطرها وترش القليل منه على رقبتها، ثم ما لبثت ان استدارت نحوه وقالت: هل نخرج الان...
اومأ برأسه وقال: هيا بنا...
خرج الاثنان من الغرفة ليجدا الجميع يجلس على طاولة الطعام يتناولون فطورهم، القى أدهم التحية عليهم وفعلت فرح المثل ليردوا عليهم التحية قبل ان يشير رياض اليهم قائلا: هيا اجلسا وتناولا طعامكما...
جلست فرح على استيحاء بجانب أدهم وبدأ الاثنان بتناول طعاميهما، كانت فرح بالكاد تضع لقمة صغيرة في فمها فهي تشعر بالخجل الشديد كونها المرة الاولى التي تتناول طعامها مع هذه العائلة، انتهى الجميع من تناول طعام الافطار ليقول رياض: هل الجميع جاهزون لنرحل.؟!
اجابه أدهم: نعم بابا جميعنا جاهزون...
تحدثت فرح بتردد: ألن أودع أهلي؟!
ليجيب رياض عن ادهم بإبتسامة حنون: بالطبع يا ابنتي، ليأخذك أدهم إليهم حتى تودعينهم...
أشكرك عمي...
قالتها بإمتنان ليتنحنح ادهم قائلا بصوته القوي: هل نذهب الان؟!
كما تريد...
تحرك أدهم خارج غرفة الطعام تتبعه فرح ثم ركبا سيارة أدهم واتجها الى منزل عائلة فرح لتوديعهم...
في منزل كاظم زهران...
استيقظت الاء من نومها على اصوات مزعجة في الخارج.، زفرت أنفاسها بغيظ وهي تفكر بأنها لم تنم سوى لساعات قليلة للغاية لتستيقظ على اصوات اصحاب المنزل المزعجة، قفزت من فوق سريرها وهي تتأمل الغرفة الفارغة بحيرة، أين ذهب كاظم ولما هي وحدها.؟! سارت بخطوات حذرة نحو الحمام الملحق بغرفتها ووضعت أذنها على الباب لتستمع الى صوت المياه ففهمت أن كاظم يستحم في الداخل، جلست على سريرها وهي تتذكر تفاصيل الليلة السابقة برمتها، ما ان انتهى الزفاف حتى دلفت الى الغرفة هي وكاظم، ورغما عنها شعرت بتوتر وحرج شديدين..،
حاولت ألا تظهر أيا منهما وهي ترفع رأسها عاليا بشموخ وتتجه نحو طاولة التجميل لتجلس أمامها وتبدأ بفك تسريحتها، اما هو فخلع سترته ووضعها على السرير ثم تبعها برباطه والازرار الاولى من قميصه، انتهت من فك تسريحتها لينسدل شعرها البني الطويل على ظهرها، نهضت من مكانها واتجهت نحو خزانة الملابس، فتحتها لتتفاجئ بالعديد من قمصان النوم القصيرة والطويلة ومختلفة الالوان، اغلقت الخزانة بسرعة وفكرت بأنها اخطأت حينما تركت مهمة ترتيب الملابس لأهل العريس، صحيح هي معتادة في حياتها التقليدية على ارتداء قمصان النوم وهي نائمة لكنها لن ترتديها امامه بكل تأكيد فقد يظن حينها انها تحاول اغوائه من خلالها، فتحت الخزانة الاخرى وأخدت تبحث فيها عن بيجامة مناسبة فوجدت اخيرا بيجامة فضية من الستان، قررت أنها سترتديها فهي تبدو مناسبة للغاية وساترة للجسد، التفت الى الخلف لتتفاجئ به واقفا خلفها على بعد مسافة قصيرة عنها واضعا كفيه في جيبي بنطاله يتأملها بملامح مسترخية، تحدث اخيرا بنبرة عادية: انتِ سوف تنامين على السرير.، وأنا على الكنبة...
قالها وهو يشير الى الكنبة العريضة الموضوعة على جانب الغرفة والتي أصر كاظم على وضعها في الغرفة، شعرت الاء بالاحراج وفكرت في داخلها بأنه فهم عليها بأنها غير مستعدة لأي شيء قد يطلبه منها الان، وفي الحقيقة هي ليست مستعدة لا الان ولا فيما بعد.، اما كاظم فهو كان يعرف جيدا أنها سترفض إتمام الزيجة وجعلها حقيقة لذا فضل ان يختصر الموضوع من اوله ويخبرها بأن كلا منهما سينام في مكان منفصل عن الاخر...
افاقت الاء من شرودها على صوت باب الحمام يفتح وكاظم يخرج منه وهو يرتدي ملابس الخروج وشعره الاسود مبلل بالمياه التي تزخ قطراتها من عليه...
نهضت من مكانها واتجهت الى خزانة الملابس واخرجت منها فستان اسود قصير ثم اتجهت الى داخل الحمام لتأخذ شاور سريع وترتدي الفستان...
دلفت الاء الى الحمام واغلقت الباب خلفها جيدا اما كاظم فاتجه الى المرأة وحمل المشط وأخذ يسرح شعره حينما سمع صوت طرقات على باب الغرفة ليتجه فورا نحو الباب ويفتحها فيجد والدته تدلف الى الداخل وهي تحمل صينية كبيرة عليها مختلف اصناف الطعام المكونة من القيمر والجبن والبيض والعسل والمربى وغيرها، وضعت الصينية على الطاولة التي تتوسط الغرفة ثم قبلت ابنها من وجنتيه وقالت: صباح الخير يا عريس...
مسك كاظم يدها وقبلها ثم قال بمودة: صباح الورد يا ام العريس...
حركت منيرة بصرها في ارجاء الغرفة قبل ان تسأل: أين عروسك يا بني؟!
اجابها كاظم بجدية: انها تستحم يا أمي...
تكونت ابتسامة خبيثة على شفتيها ثم قالت بسرعة: سأتركك الان يا بني ولن أ زعجك، اذا احتجتما اي شيء اخبرني وسأجلبه لك بالحال...
ثم خرجت بسرعة فهي لا تريد ان تزعج العروسين في صباحيتهما...
ابتسم كاظم ساخرا من الابتسامة الخبيثة التي تكونت على ثغر والدته وحديثها وما قالته ثم فكر بأنها على نياتها بالفعل فهي تعتقد انهما يريدان البقاء لوحديهما وقضاء وقت ممتع سويا كعروسين...
خرجت الاء من الحمام وهي ترتدي فستانها الاسود القصير وتلف شعرها الطويل بالمنشفة، تأملها كاظم قليلا وهي تتجه نحو المرأة وتفك المنشفة وتبدأ بتسريح شعرها ثم قرر الجلوس امام المائدة وتناول الطعام، بدأ كاظم بتناول طعامه ثم ما ان انتهت الاء من تصفيف شعرها حتى طلب منها أن تأتي وتتناول طعامها معه، أرادت الاء أن ترفض هذا لكنها تراجعت وهي تفكر بأنها تشعر بالجوع الشديد فهي لم تتناول اي شيء طوال البارحة، جلست الاء بجانبه وأخذت تتناول لقيمات صغيرة من الطعام...
انتهى الاثنان من تناول طعام الافطار ليهتف كاظم بها فجأة: انا سأذهب الى العمل.، وانتِ ماذا ستفعلين؟!
اجابته ببساطة وهي تجلس على السرير: سأبقى في غرفتي...
جيد...
قالها بإقتضاب ثم أكمل تحرك خارج المكان تاركا إياها لوحدها لتأخذ نفسا عميقا فهاهي قد تخلصت منه مبكرا وستبقى في غرفتها لوحدها...
قفزت من فوق السرير وحملت هاتفها واجرت اتصالا هاتفيا سريعا مع سكرتيرتها التي اخبرتها التالي: كل شيء تمام مدام الاء، نحن نسير امور العمل بشكل جيد...
لا تقوموا بفعل اي شيء قبل اخباري به، وأنا سأتابع العمل معك من هنا...
اغلقت الاء الهاتف مع سكرتيرتها ثم ما لبثت ان بحثت في الرسائل المستلمة لتجد صورتين مرسلتين من رقم هاتف والدها احداهما عقد شراء أسهم احدى اهم شركات التجميل في البلاد والاخرى عقد شراء فيلا كبيرة في العاصمة...
كادت ان تصرخ من شدة الفرحة لولا انها تذكرت في اللحظة الاخيرة اين هي، تأملت الصورتين بملامح تشع فرحا قبل ان تمسك الهاتف وتتصل بوالدها: بابا لا اصدق ما رأيته، أشكرك كثيرا، انت حقا اباً رائع...
سألها الاب غير مبال بهذا الامر: طمئنيني عنك يا الاء، كيف حالك؟!
ابتسمت الاء بحنان واجابت: انا بخير، بخير للغاية...
حقا.؟!
اجابته مؤكدة: حقا بابا، اطمئن انا بخير للغاية...
الاء اسمعيني جيدا.، تعاملي مع زوجك بشكل جيد، لا تفضحينا أمام عائلة زهران يا فتاة...
زفرت الاء أنفاسها بإحباط وقالت في داخلها: ها قد بدأنا...
وقبل ان تجيب عليه كانت والدتها تسرق الهاتف منه وتقول بسرعة ولهفة: الاء حبيبتي، كيف حالك؟! طمئنيني عليكِ...
اجابته الاء محاولة طمأنتها: صدقيني انا بخير، المهم انتم، كيف حالكم؟!
نحن بخير للغاية، المهم انتِ حبيبتي...
سمعت الاء صوت تزمير سيارات فسألت متعجبة: هل أنتما في الطريق؟!
اجابتها الام: نعم حبيبتي نحن في طريق العودة...
تصلون بالسلامة ان شاء الله...
اغلقت الاء الهاتف مع ابويها ثم تنهدت بصمت وجلست تفكر في اي شيء تفعله...
ظلت جالسة في غرفتها تقلب في مواقع التواصل الاجتماعي تارة وتتحدث مع سكرتيرتها تارة، بدأت الاء تشعر بالملل من بقاءها هكذا ففكرت بأن تخرج قليلا لترفه عن نفسها وترى المنطقة ايضا فهي لم ترها من قبل، نهضت من مكانها وقد عقدت الامر على الخروج والتعرف على الاماكن المحيطة بها لكنها توقفت في نفس اللحظة وهي تستمع الى صوت هاتفها يرن، تأملت الرقم الغريب الذي يتصل بها بملامح متشجنة، انها تعرف صاحب الرقم جيدا، فكرت بأنها ترعب بخنقه بسبب اصراره على الاحتكاك بها، ضغطت على سر الرفض ثم قامت بحظر الرقم واتجهت خارج الغرفة...
خرجت الاء من غرفتها لتجد الممر خاليا، سارت بخطوات بطيئة متمهلة نحو الباب الخارج للمنزل الضخم، حمدت ربها انها لم تجد احدا في وجهها...
ما ان خرجت خارج المنزل حتى أخذت نفسا عميقا ثم ابتسمت بإرتياح، رغما عن كل شيء عليها ان تعترف بأن المكان هنا هادئا ومريحا للأعصاب، قررت أن تسير قليلا بين الاراضي الزراعية المحيطة بالمنزل..
وبالفعل اخذت تسير دون وجهة محددة حتى شعرت بأنها تاهت ولم تعد تعرف طريق الرجعة، !!!
وما زاد الطين بله نظرات الناس المستغربة الموجهة نحوه وهمهماتهم التي لا تنتهي، !!!
وجمت ملامحها لا اراديا ودب التوتر في داخلها...
نظرات الجميع كانت تأكلها بفستانها الذي بالكاد يصل الى منتصف فخذيها ويبرز تفاصيل جسدها الانثوية بسخاء...
رفعت خصلات شعرها التي بدأت تتطاير عاليا...
ثم سارت نحو أحد الفلاحين الذي يسير في الطريق بجوار حماره فسألته بسرعة: هل لك ان تدلني على طريق العودة لمنزل كاظم زهران..
رمقها الفلاح بنظرة مزدرءة قبل ان يرد بتعالي: كلا ، لا اعرف...
ثم تركها ورحل لترفع الاء حاجبها بعدم تصديق منه...
قررت الاء ان تسأل أحد اخر لتتفاجئ بسيارة عالية تسير في نفس الشارع فأشارت لها لتقف السيارة ويفتح صاحبها النافذة، كان صاحبها شابا وسيما شعر بأنه رأى الاء من قبل بينما اقتربت الاء منه وقالت: هل لك أن تدلني على منزل كاظم زهران.؟!
هنا عرفها صاحب السيارة فقال على الفور: انتِ ابنة الهاشمي زوجته ألستِ كذلك؟!
تعجبت الاء من معرفته بها ثم تذكرت انها في قرية صغيرة والجميع يعرف من فيها لتومأ برأسها وتقول: نعم، انا زوجته...
فتح الشاب الباب وهبط من السيارة و عرفها عن نفسه: طارق زهران، قريب زوجك...
ابتسمت الاء مجاملة وقالت مرحبة به: اهلا بك...
رد طارق قائلا: ما رأيك أن تركبي معي لأوصلك الى هناك؟!
ولكن لا أريد أن أتعبك...
لا يوجد تعب ابدا...
تطلعت الاء الى السيارة بتردد ثم ما لبثت ان حسمت أمرها وركبت معه...
عاد كاظم الى المنزل واتجه الى غرفته ليجدها خالية...
تعجب من خلوها فظن ان الاء في الحمام لكنه حينما اتجه نحو الحمام وجد الباب مفتوحا والحمام خالي من وجود اي احد...
خرج من الغرفة واتجه الى صالة الجلوس حيث توجد كلا من والدته واخته الصغرى سلسبيل...
كانتا تجلسان هناك وتتحدثان في المواضيع المختلف حينما اقترب كاظم منهما وسألهما: أين الاء؟! لا اجدها في الغرفة...
اجابته منيرة والدته بتعجب: انا لم أرها.، ظننت إنها ما زالت في غرفتكما...
ثم قالت سلسبيل هي الاخرى: أليست من المفترض أنها بقيت في غرفتكما؟!
نعم ، ولكنني لم أجدها...
نهضت سلسبيل من مكانها وقالت مشيرة اليه: احتمال ان تكون قد خرجت الى الحديقة او ذهبت الى المطبخ لتشرب الماء...
معك حق، سوف أراها في الحديقة وانتِ ابحثي عنها في المطبخ...
توجهت سلسبيل بسرعة نحو المطبخ لتبحث عنها وتوجه كاظم الى الحديقة ليبحث عنها ايضا...
لم يجدها كاظم في الحديقة ثم جاءت سلسبيل اليه بعد لحظات تخبره أنها لم تجدها في المطبخ ولا في أي من ارجاء المنزل...
ماذا يعني لم تجديها.؟! أين ذهبت اذا؟!
قالها كاظم بعصبية كبيرة لترد سلسبيل بإرتباك: لا أعلم، لكنها لم تكن موجوده، بحثت عنها في المطبخ وفي كل مكان...
وما ان انتهت مما قالته حتى سمع الاثنان صوت سيارة تقترب من منزلهما، اتجه الاثنان نحو الباب الخارجي من المنزل ليجدا طارق يوقف سيارته امام الباب وتهبط منها الاء بعدما القت التحية عليه وشكرته على ايصالها...
تقدم كاظم نحوها وهو يكاد يشتعل من شدة الغضب وما زاد الطين بله هو ذلك الفستان الذي ترتديه.، هبط طارق من السيارة واتجه نحوه وحياه ليبادله الاخير التحية دون ان يزيح عينيه المشتعلتين عنها...
نقلت سلسبيل بصرها بين الجميع بتوتر بالغ وقد شعرت بأن كاظم بات في أوج غضبه، عاد طارق الى سيارته بعدما حيا سلسبيل واتجه الى طريقه من جديد بينما اقترب كاظم من الاء وقال بنبرة أمرة: أمامي...
لم تفهم الاء سبب جمود نبرته بعد فقررت ان تسير امامه متجهة الى غرفتها وفي اثناء سيرها قابلت حماتها التي شهقت بصدمة ما ان رأت ما ترتديه قبل ان تهدر بها: ما هذا الذي ترتدينه يا ابنة الهاشمي؟! كيف تخرجين بهذا الشكل المخزي الى الخارج؟!
اندلعت نيران الغضب داخل الاء التي اعتصرت قبضتي يديها بقوة وقالت بغضب شاسع: انا ملابسي مخزية، انتِ كيف تتحدثين معي بهذه الطريقة؟!
الاء...
هدر بها كاظم مهددا لتصيح به بصوت عالي: ماذا الان؟! أنا لم أفعل شيئا خاطئا...
قبض على ذراعها وجرها خلفه وهو يهمس بصوت منخفض لها: ولا كلمة...
ثم اتجه بها نحو غرفتهما وادخلها اليها واغلق الباب خلفه...
حررها كاظم اخيرا من قبضته لتبدأ الاء بفرك ذراعها المتألمة من قسوة قبضته...
اقترب كاظم منها وقال بصوت عالي قوي مخيف: ما هذا الذي ترتدينه يا مدام؟!
تطلعت الاء الى ملابسها بحيرة وقالت وكأنها تحدث نفسها: لا أفهم حقا ما بها ملابسي، تتحدثون وكأنها ممزقة او وسخة...
أكمل كاظم وهو يكز على أسنانه منها ومن برودها: فستان بهذا القصر والضيق لا يجوز ان ترتديه خارج هذا المنزل اطلاقا.، بالأحرى خارج هذه الغرفة...
شعرت الاء بأنها اخطأت بالفعل فهي هنا في القرية وليست في المدينة، وما أكد افكارها هذه هي ما فعله الفلاحون حينما رأوها بهذه الملابس...
حاولت ان تبرر فعلتها قائلة: انا لم انتبه..
لكنه قاطعها بحدة: هذا غير صوتك العالي وانتِ تتحدثين ما والدتي، من تظنين نفسك لتتحدثي معها بهذا الشكل السخيف؟!
كادت الاء ان تصرخ به بأن هذا يكفي وهي غير مجبرة على تحمله لكنها تذكرت أنها قد قررت حينما وافقت على هذه الزيجة ألا تثير المشاكل وتتحمل الحياة هنا وعاداتها حتى يأتي الوقت المناسب وتتخلص من كل هذا...
اسمعيني جيدا...
عقدت ذراعيها امام صدرها وهي تستمع لأوامره: هناك قواعد زوجية يجب ان تسيري عليها يا الاء...
كانت المرة الأولى التي ينطق بها اسمها...
اولا ، صوتك لا يرتفع ابدا في هذا المنزل...
ثانيا ، ممنوع القاء الاوامر على ايا كان...
ثالثا، ابتسامتك تزين وجهك طوال الوقت
رابعا ، امي ثم امي ثم امي
إياك ان تزعجيها بحرف واحد لأني حينها لن أرحمك ابدا...
أي اوامر ثانية؟!
قالتها بإستهزاء واضح ليرد ببرود غير مبال بإستهزائها: كلا لا يوجد حاليا، حينما اتذكر اي شيء جديد سأخبرك به فورا...
صمت لوهلة قبل أن يكمل: هذه الملابس لا ترتديها خارج الغرفة.، هل فهمت؟! والان غيري ملابسك وتعالي معي لتعتذري من والدتي...
اومأت الاء برأسها على مضض ثم تحركت نحو الخزانة وهي تلعنه في داخلها...
اوقف أدهم سيارته أمام باب قصر عائلته، التفت نحو فرح التي كانت تتطلع الى المكان بإنبهار واضح ليبتسم ساخرا قبل ان يعلق ببرود: لقد وصلنا...
استدارت نحوه وقالت بخفوت وخوف مما هو قادم وينتظرها هنا: نعم وصلنا...
ترجلت فرح من السيارة وتبعها أدهم، اتجه الاثنان الى داخل القصر، كانت فرح تسير بجانب أدهم وهي تتطلع الى تفاصيل القصر وفخامته منبهرة بما تراه...
وصل بها أدهم نحو غرفته، فتح باب الغرفة ودلف الى الداخل تتبعه هي على استيحاء، تأملت فرح غرفته بإعجاب شديد، كانت واسعة للغاية، أثاثها راقي جديد مزيج بين اللونين الابيض والاسود...
اغلق أدهم الباب خلفه واتجه الى الداخل لتشعر فرح بتوتر لا ارادي يسيطر عليها...
تنحنح أدهم وقال: نحن سنعيش بهذه الغرفة سويا، حتى ينتهي هذا الزواج...
التفتت فرح نحوه وقالت برأس مرفوع وإقتضاب: جيد...
أكمل أدهم بجدية: انتِ ستنامين على السرير وأنا على الكنبة...
ابتسمت فرح بسخرية وهي تفكر بمدى كرمه الذي جعله يسمح لها بالنوم على سريره...
لاحظ هو ابتسامتها الجانبية التهكمية لكنه لم يعلق...
بل سار نحو خزانة ملابسه وأخرج ملابس جديدة له واتجه الى الحمام ليرتديها، اما فرح فقد قررت ان تنام قليلا، وضعت رأسها على المخدة وغرقت في نوم عميق امتد حتى الليل، افاقت فرح من نومها ليلا لتجد الغرفة خالية...
عبست ملامحها لا اراديا وهي تنهض من مكانها وتتجه خارج الغرفة، أخذت تسير في ممرات القصر دون ان تصل لوجهة محددة، شهقت بقوة وتراجعت الى الخلف حينما وجدت أنس في وجهها، ابتسم أنس لها وقال: مساء الخير...
مساء النور...
اجابته بخفة قبل ان تسأله بتردد: أين أدهم؟!
أجابها وهو يتفحصها لا اراديا: لا اعلم، خرج عصرا ولم يعد حتى الان...
اومأت برأسها متفهمة ليرد أنس قائلا: ما رأيك ان نذهب الى صالة الجلوس.؟
ابتسمت بخفة وأجابته: لنذهب الى هناك...
سارت فرح خلف أنس الذي اتجه بها نحو صالة الجلوس لتجد هناك كلا من أسامة وأيهم، جلست فرح على استيحاء بينهم، كانت تشعر بالخجل الشديد وهي تجلس وحيدة بين ثلاث شبان غرباء عنها...
تحدث أسامة قائلا بمزاح: كان بودي ان أرحب بك بطريقة مختلفة، لكن العين بصيرة والايد قصيرة كما تعلمين...
ضحكت فرح على مزاحه وقالت: لا بأس.، كلامك هذا كفاية...
تحدث أيهم هذه المرة ساخرا: يعجبني فيك ترحيبك الحار بضيوفنا...
رد أسامة عليه: ولكن فرح أصبحت من أهل البيت وليست فقط ضيفة...
وأجمل ضيفة...
قالها أنس بهيام لتبتسم فرح لا اراديا عليه بينما قال أسامة بدوره: هل تتغزل بزوجة اخيك أمامي؟!
نعم، هل لديك مانع.؟!
قالها أنس بلا مبالاة ليرد أسامة: بالنسبة لي لا، لكن بالتأكيد سيكون لدى أدهم الف مانع...
ارتعبت ملامح أنس الذي قال: لا طبعا انا لا اقصد، فرح عزيزة علي، انها بمثابة اخت لي...
بالكاد استطاعت فرح ان تكتم ضحكتها على منظره بينما قال أيهم: ها قد غير رأيه بثواني...
ما ان اكمل أيهم كلماته حتى دلف أدهم الى الداخل قائلا: مساء الخيرر...
ليقول أسامة بسرعةة: ابن حلال، كنا في سيرتك قبل لحظات...
حسنا أنا سأذهب الى غرفتي...
قالها أنس وهو يقفز من مكانه متجها الى غرفته ليقهقه أسامة عاليا بينما تطلع إليه أدهم بحيرة قبل ان يسأل أسامة: ماذا يحدث هنا؟!
اجابه أسامة وهو يشير الى فرح: كنا نرحب بفرح على طريقتنا الخاصة...
احمرت وجنتي فرح لا اراديا بينما التفت ادهم نحوها يتأملها للحظات قبل ان يقول بعدم اكتراث: جيد، ولكن ماذا عن أنس؟! لماذا هرب؟!
اجابه أسامة: هو لم يهرب، لديه مذاكرة، تعال واجلس معنا وشاركنا في هذه السهرة...
الا ان أدهم رد عليه: لا رغبة لدي سوى بالنوم.، أكملوا أنتم سهرتكم كما تريدون...
في صباح اليوم التالي...
في منزل حميد زهران...
على مائدة الافطار كانت العائلة بأكملها مجتمعة تتناول افطارها في جو حميمي خالص...
تنحنح مازن قائلا بجدية: أبي أريد الحديث معك في موضوع هام...
تحدث يا بني، قل ما لديك...
قالها الاب بإذعان بينما اتجهت انظار والدته واختيه ملك ومريم نحوه...
انا قررت الزواج...
اضاء وجه والدته نجلاء لا اراديا والتي قالت بسرعة وعدم تصديق: حقا؟! يا له من خبر سعيد، من هي العروس؟! اخبرني...
ابتسم مازن بتردد بينما تحدث حميد بجدية: على مهلك يا نجلاء، دعينا نعرف مواصفات العروس اولا...
أخذ مازن نفسا عميقا قبل ان يهتف بجدية: انها زميلة لي في عملي.، اسمها ميري...
تبادل الاب والام النظرات بينما شهقت ملك لا اراديا واتسعت عينا مريم بعدم تصديق...
هل هي مسيحية.؟!
سألته الأم بعدما استوعبت الامر ليومأ مازن برأسه ويرد موضحا: امريكية...
ماذا تقول انت؟! هل جننت.؟!
هدر به الاب بعنف ليرد مازن عليه: ابي اسمعني اولا من فضلك...
الا ان الاب أكمل بعصبية: امريكية، تريد الزواج بأمريكية يا مازن...
انا غير موافقة، هل فهمت؟!
قالتها الام بنبرتها الحادة ليتطلع اليها مازن بنظرات مترجية ان تسمعه وتعطيه فرصه لكنها أشاحت بوجهها بضيق...
شعر مازن بعناد الطرفين فقال بإصرار هو الاخر: انا احب ميري وسأتزوجها، شئتم أم أبيتم...
ثم تحرك خارج المكان تاركا إياهم يتطلعون الى بعضهم بعدم تصديق...
هل سمعت ما قاله؟!
قالتها الام بعدم تصديق ليهز الاب رأسه مؤكدا على ما سمعه قبل ان يقول: انا لن اوافق على شيء كهذا مهما حدث...
تحدثت ملك قائلة: ولكنه يقول بأنه يحبها...
نهرتها الام بسرعةة: اصمتي انتِ، أي حب لعين الذي يجعله يتزوج بإمرأة ليست من ديننا او ملتنا...
نهضت ملك من مكانها وقد شعرت بالانزعاج من رأي والدتها واتجهت خارج المكان وتبعتها مريم كذلك...
كانت ميرا ممددة على سريرها وهي شاردة تفكر فيما حدث باللقاء الاخير بينها وبين مازن...
لقد سمعته وهو يحادث إحداهن ويقول لها حبيبتي...
الامر الذي جعلها تبكي كثيرا ليلتها، لقد انهارت بشدة، فهي تحبه كثيرا ومتعلقة به كثيرا.، فكرت بأنها تحبه منذ وقت طويل.، منذ ان كانت طفلة صغيرة، ولا يحق لأي واحدة ان تحل محلها وتأخذه منها، عند هذه النقطة لمعت عيناها ونهضت معتدلة في جلستها وأخذت تبتسم بسذاجة وهي تفكر بأنها لا يجب ان تسمح لاي واحدى ان تأخذه منها، لهذا ستعترف له بحبها وتجعله يحبها كما تحبه هي...
نهضت من فوق سريرها واخذت تدور في ارجاء غرفتها وهي تفكر في الطريقة المناسبة للاعتراف...
ظلت تفكر طويلا حتى حسمت أمرها وقررت ان تحادثه وتطلب منه مقابلته، وبالفعل اتصلت به ليأتيها صوته قائلا: نعم ميرا، ماذا هناك.؟!
اجابته ميرا بصوت منخفض: مازن اريد رؤيتك، اريد إخبارك بأمر ضروري للغاية، !
حسنا، متى تريدين أن نتقابل؟!
سألها بجدية لتجيبه بسرعة: الان، ما رأيك ان نتقابل في الكافيه الذي تقابلنا به هذاك اليوم...
لا بأس، سأنتظرك هناك...
اغلقت ميرا الهاتف معه وهي تبتسم بسعادة، اتجهت نحو خزانة ملابسها بسرعة واخرجت منها ملابسها المكونة من بنطال برمودا فوقة تيشرت اخضر اللون...
ارتدت ملابسها ثم صففت شعرها جيدا وخرجت من غرفتها متجهة الى ذلك الكافيه و كلها أمل فيما ينتظرها هناك...
استيقظت ليلى من نومها على صوت طرقات قوية على باب غرفتها يتبعها اقتحام حماتها الى الغرفة دون ان تعي ليلى بعد ما يحدث...
انتفضت ليلى من مكانها وغطت جسدها الشبه عاري بغطاء السرير وهي ترى حماتها تقف فوق رأسها تتطلع إليها بنظرات حادة مخيفة...
ابتلعت ريقها وسألتها بتردد غير مستوعبة بعد ما يحدث: خير عمتي.، ماذا حدث؟!
اجابتها حماتها بصوتها الغاضب: كل خير يا كنتي العزيزة، لقد حل الظهر وانتِ ما زلتِ نائمة، متى سوف تنهضين من سريرك يا ست الحسن والدلال؟!
قالت ليلى بإضطراب وتوتر: ولكن ما زال الوقت مبكرا على الاستيقاظ يا عمتي.، انها ما زالت العاشرة صباحا...
صاحت بها حماتها بعصبية وصوت مستفز: هيا انهضي ولا تتحدثي كثيرا، هناك الكثير من اعمال البيت تنتظرك...
ثم تحركت خارج الغرفة تاركة ليلى تتابع أثرها بذهول...
لحظات قليلة وقفزت ليلى من سريرها واتجهت بسرعة نحو الحمام، غيرت ملابسها وسرحت شعرها ثم خرجت من غرفتها وهي تتثائب بقوة فهي لم تنم البارحة حتى ساعات الفجر الاولى بعد ليلة حميمية قضتها مع جابر الذي رفض ان يتركها تنام...
اتجهت الى صالة الجلوس لتجد حماتها تتناول القهوة، وضعت حماتها فنجان القهوة على الطاولة بعد ما ارتشفت منه القليل ثم قالت: اسمعيني جيدا يا ليلى، انا احب الفتاة النشيطة.، التي تعتني بمنزلها دائما، كما انني احب ان يكون منزلي مرتب ونظيف بشكل دائم، هل فهمت.؟!
كانت ليلى تقف امامها كتلميذ يستمع لأوامر معمله فأومأت برأسها دلالة على فهمها لما تقوله لتردف حماتها: لقد انتهى شعر العسل خاصتك، وحان وقت العودة الى الحياة الطبيعية، من الان فصاعدا سوف تباشرين دورك في تنظيف المنزل والطبخ، وانا سأشرف عليكِ بنفسي لأنني لا يعجبني أي عمل...
حاضر عمتي، سوف ابدأ بالتنظيف حالا...
لترد الحماة بسماجة: هيا اريني قدراتك يا كنتي...
سارت ليلى بملامح ممتعضة خارج صالة الجلوس وبدأت بتنظيف المنزل، نظفت المنزل بأكمله ثم طبخت طعام الغداء كما أمرتها حماتها، انتهت ليلى من التنظيف واعداد الطعام اخيرا لتأخذ نفسا عميقا قبل ان تتجه نحو حماتها وتسألها: لقد انهيت جميع أعمالي يا عمتي، هل مطلوب مني شيئا أخر؟!
ردت الحماة بإمتعاض: جهزي لي الحمام حتى أستحم..
ماذا؟!
قالتها ليلى بإندهاش لترد الحماة: ألم تسمعيني.؟! قلت جهزي الحمام...
اومأت ليلى برأسها متفهمة ثم سارت نحو الحمام بغرض تجهيزه لها وهي تكاد تنفجر من شدة الغيظ والغضب...
كانت دارين تسير داخل الحرم الجامعي حينما لمحت أيهم يقف مع إحدى طالباته يتحدث معها ويبدو على وجهه الضيق والانزعاج...
اقتربت منهما وقالت موجهة حديثها لأيهم: دكتور أيهم أريد أن اسألك بخصوص المحاضرة الاخيرة بعض الاسئلة...
حسنا دكتور أيهم سنتحدث فيما بعد...
قالتها الفتاة وهي تسير بعيدا عنهما لتبتسم دارين له وتقول بمرح: لقد انقذتك منها كما كنت تتمنى...
ابتسم أيهم لها وقال: ومن أين عرفتِ بأنني كنت أريد ان ينقذني احد منها...
اجابته بثقة: كان هذا واضحا عليك وانت تتحدث معها...
ثم أكملت بجدية: انا ايضا سأذهب حتى لا تتضايق مني...
ليقول أيهم بعفوية: لا تذهبي...
رفعت دارين حاجبيها بإندهاش ليرد أيهم بسرعة مخفيا احراجه: اقصد أنني لا أتضايق من وجودك اطلاقا..
ابتسمت دارين بخجل وشعرت بالارتباك يغزوها قبل ان تقول بجدية: لدي محاضرة بعد قليل، يجب ان اذهب...
ثم تحركت بسرعة من امامه ليبتسم أيهم بسعادة خفية على خجلها...
وفي اثناء سيرها رن هاتفها بنغمة الرسائل لتخرجه من حقيبتها وتفتحه بسرعة فتتصنم في مكانها وهي تتطلع الى الصورة المرسلة إليها، كانت صورة لها من احد جلسات التصوير الخاصة بها وهي لا ترتدي سوى ملابس العرض الداخلية.، فهي تعمل كعارضة ازياء للملابس الداخلية!
يتبع....