كانت الاء تجلس على السرير مستندة بظهرها على مخدتين وتضع حاسوبها الشخصي على فخذيها تعمل عليه...
اما كاظم فكان يجلس على الكنبة و بجانبه مجموعة ملفات يعمل عليها بتركيز شديد...
سمع الاثنان طرقات على باب غرفتهما فنهض كاظم من مكانه واتجه نحو الباب وفتحها ليجد عمر اخيه امامه وهو يقول له: أدهم الهاشمي عندنا، يريد ان يودع اخته قبل ان يذهب الى المدينة...
ما ان سمعت الاء كلماته حتى ابعدت الحاسوب عنها ونهضت من مكانها بحذر شديد قبل ان تتجه نحو الخارج بظهر محني قليلا...
تأملها كاظم قليلا كانت ترتدي بيجامة محتشمة كعادتها فتحرك من امام الباب سامحا لها بالخروج...
خرجت الاء وهي تضع يدها على ظهرها وتحركت نحو صالة الجلوس لتجد ادهم هناك ينتظرها...
نهض ادهم من مكانه ما ان رأها وسألها بقلق ملحوظ: ماذا حدث؟! لماذا تمشين هكذا؟!
اجابته كاذبة: وقعت من على ظهر الحصان...
اومأ برأسه متفهما ثم عاد وسألها: هل ذهبت الى المشفى؟!
اجابته كاذبة مرة اخرى: نعم، كل شيء سليم، مجرد رضوض خفيفة...
حسنا، لقد جئت لأودعك قبل عودتي الى المدينة، وايضا لأسالك اذا ما كنت تحتاجين شيئا مني...
ردت الاء باقتضاب: شكرا، لا احتاج اي شيء...
توقع ادهم جوابها هذا فلم يعلق عليه بينما دلف كاظم الى الداخل بعدما غير ملابسه والقى التحيه عليه...
رد ادهم تحيته وطلب منه ان يهتم بألاء ثم اخبره انه سيذهب الان، اصر كاظم عليه ان يتناول طعام العشاء معهم لكن ادهم رفض هذا فهو لا يريد التأخر أكثر من هذا ثم تحرك خارج المنزل...
التفتت الاء نحو كاظم وقالت: انا سأذهب لأساعد خالتي وسلسبيل في اعداد العشاء...
حملق كاظم بها بإندهاش في بادئ الامر ثم اومأ برأسه دون ان يرد...
اتجهت الاء الى المطبخ لتعد طعام العشاء فوجدت سلسبيل تجهز الطعام لوحدها...
سألتها الاء: أين خالتي؟!
اجابتها سلسبيل: والدتي في غرفتها، ليست من عادتها ان تعد طعام العشاء معي...
حمحمت الاء بحرج فهي لم تنتبه من قبل على ان سلسبيل وحدها من تعد طعام العشاء..
بدأت الاء تساعدها في اعداد العشاء، وبعدما انتهى الاثنان من اعداده، تناولت الطعام العائلة بأكملها...
والغريب ان الاء نهضت وساعدت سلسبيل في غسل الصحون بعدما انتهوا من تناول الطعام تحت انظار الجميع المندهشة...
دلف كاظم الى الغرفة وهو يفكر بأمر الاء وسبب تغيرها، مالذي يجعلها تتغير على هذا النحو؟! منذ متى وهي تهتم بمساعدة سلسبيل في تنظيف المنزل واعداد الطعام.؟! ومالذي يجبرها على فعل شيء كهذا؟! هل تحاول ان تجذب انتباهه بهذه الطريقة؟! لكنها ليس من النوع الذي يتنازل ويفعل ما يجذب انتباه شريكه ويجذبه نحوه، فهو من خلال خبرته ادرك شخصيتها تلك التي من المستحيل ان تقوم بشيء كهذا...
افاق من افكاره تلك على صوت الباب يفتح والاء تدلف الى الداخل، تأملها وهي تتجه نحو الحمام على الفور لتخرج بعد لحظات وهي تجفف وجهها بالمنشفة، تأملها بتمعن وهي تمسك المشط وتسرح به شعرها...
كانت جميلة للغاية بعينيها الزرقاوتين وأنفها الرفيع وفمها المنتفخ العريض، شعرها بني اللون بإحمرار واضح، جسدها طويل ورفيع يشبه اجساد عارضات الازياء، نفض تلك الافكار عن رأسه فهو لن يفكر بالتأكيد بألاء وجمالها، لكن ما اثار استغرابه اكثر ان الاء باتت ترتدي البيجامة طوال اليوم مثلها مثل اخته عكس مل اعتادت ان تفعل، حتى اليوم ذهبت الى اخيها وهي ترتدي البيجامة وهذا امر لم تعتد على فعله من قبل...
استيقظ ادهم من نومه مبكرا ثم نهض من فوق فراشه واستحم وارتدى ملابسه...
خرج من غرفته واتجه نحو صالة الجلوس ليجد والدته هناك تتناول فطورها لوحدها...
صباح الخير...
ما ان سمعت والدته صوته حتى نهضت من مكانه وهي تفتح بسعادة: حبيبي...
ضمها اليه بحب وهو يهتف متسائلا: كيف حالك؟!
اجابته وهي تشدد من احتضانه: بخير حبيبي...
ثم اضافت وهي تجلس على الطاولة بجانبه: انت كيف حالك؟! وكيف حال الاء؟!
اخبرها ادهم عما حدث مع الاء من وقوعها من فوق الحصان فشهقت بقوة غير مصدقة لما تسمعه قبل ان تهتف بخوف: وكيف اصبحت الان؟!
اجابها ادهم وهو يحاول طمأنتها: جيدة...
تنهدت الام براحة قبل ان تردف بجديةة: سوف اتصل بها...
الا ان ادهم قال لها: لا تتصلي الان، ما زال الوقت مبكرا وهي بالتأكيد ما زالت نائمة...
اومأت الام برأسها متفهمة واعادت الهاتف الى مكانه ثم اردفت متسائلة: متى ستعود زوجتك من هناك.؟!
اجابها وهو يرتشف القليل من الشاي: ستبقى قليلا بجانب اختها، فهي بحاجة لها بعد طلاقها..
قالت الام ساخرة: متذ متى وزوجتك تعمل كدكتورة نفسيه.؟!
لم يرد أدهم عليها بينما اردفت الام قائلة: لو تعلم من زارني مساء البارحة...
من؟!
كاميليا وابنتها...
هز أدهم رأسه لتكمل بجديةة: لقد سألت عنك كثيرا، كانت تبدو مهتمه بك...
كاميليا...
ابنتها...
قالتها مصححة قبل ان تكمل بنبرة ذات مغزى: لو تراها كم اصبحت جميلة ورقيقة...
لم يرد ادهم بل اكتفى بإيماءه من رأسه وفي هذه الأثناء دلف اسامة الى الداخل ليتنفس ادهم الصعداء فهو قد تخلص من حديث والدته عن ابنة كاميليا...
نهض ادهم من مكانه واحتضن اسامة الذي اخذ يربت على ظهره وهو يهتف: لقد اشتقت لك كثيرا يا هذا...
ثم اردف بمرح وهو يضربه على بطنه: لقد سمنت يا رجل، يبدو ان طعامهم هناك لذيذ للغاية..
نعم انه لذيذ...
مطت الام شفتيها وهي ترتشف قليلا من كوي الشاي خاصتها، جلس اسامة بجانب ادهم وجاء بعدها كلا من الاب وايهم وأنس، سلموا على ادهم وجلسوا ليتناولوا طعامهم في جو حميمي خالص، نهض أيهم بعد لحظات وهو ينظر الى ساعته ليهتف بتعجل: لقد تأخرت على الجامعة، يجب ان اذهب حالا فلدي محاضرة بعد قليل...
ثم رحل مسرعا ليهتف اسامة: ما قصة أيهم؟! طوال الوقت مستعجل على الذهاب الى الجامعة..
رد أنس عليه: أنه يكذب، ليس لديه اي محاضرات اليوم...
تطلعت الام اليه بدهشة قبل ان تهتف متسائلة: ومن أين عرفت؟!
اجابها بفخر: لقد رأيت دفتر مواعيده، اليوم لا يوجد لديه اي محاضرة...
لقد ظهرت الرؤيا، ابنك عاشق يا أسومة...
قالها أسامة وهو يبتسم بسعادة لتتطلع الام الى الاب الذي هز كتفيه دلالة على عدم معرفته بشيء...
بينما اخذ ادهم يفكر في مدى صحة هذه المعلومة، فأيهم بارد وغامض وليس لديه اي علاقات مسبقة بجنس حواء، تحدثت اسماء قائلة بحيرة: معقول ما تقوله يا اسامة، أيهم عاشق، لا أصدق هذا..
ثم اردفت بتوجس: ومن تلك الفتاة التي يعشقها، يا الهي اتمنى ان يتزوج بفتاة تليق بنا، لا اريده ان يفعل ما فعله أخويه السابقين...
شعر ادهم بالانزعاج من كلام والدته لكنه لم يعلق بينما نظر اسامة الى انس واخذا يضحكا بصمت سويا اما الام فأخذت تفكر بجدية بأيهم وتلك الحبيبة المجهولة...
دلفت فرح الى غرفة ليلى لتجدها جالسة على سريرها شاردة لم تنتبه حتى لدخولها إلى الغرفة...
جلست فرح بجانبها وقالت بصدمة من شرودها الغريب: ليلى...
شهقت ليلى بقوة واضعة كفي يديها على صدرها هاتفه بإنفعال وخوف: فرح، متى أتيت.؟!
أجابتها فرح وهي تحدق بها بقلق: قبل لحظات، هل انت بخير؟!
اومأت ليلى برأسها لتردف فرح بجدية: ليلى حبيبتي، تبدين حزينة وشاردة طوال الوقت، ماذا حدث؟!
تطلعت اليها ليلى بحيرة قبل ان تهتف بحسم: جابر حاول الاتصال بي...
ماذا.؟! وماذا يريد منك ذلك الحقير؟!
اجابتها ليلى بجديةة: لا اعلم، لم أجب على اتصالاته...
شعرت فرح بالأسى لما يحدث من اصرار ذلك الحقير على عدم ترك ليلى وشأنها...
حاولت ان تتحدث قائلة بنبرة متعقلة: لا تجيبي عليه نهائيا يا ليلى، اياك ان تتحدثي معه او تجيبي عليه...
اومأت ليلى برأسها متفهمة دون ان ترد بينما اخذت فرح تتطلع اليها بقلق، هي وحدها من تشعر بكم الفوضى التي توجد بداخلها، مدى حيرتها وحزنها...
هي تعرف ليلى اكثر من نفسها وتفهم عليها...
ليلى اسمعيني، انت لست ضعيفة ابدا، انت قوية للغاية، ويجب ان تفكري جيدا في كل شيء...
لقد عرض جدي علي ان اعمل في المزرعة...
رائع، وماذا قلتِ؟!
سألتها فرح بسرور لترد ليلى بابتسامة خافتة: وافقت بالطبع...
يا الهي انه خبر جميل للغاية...
متى ابدأ العمل برأيك؟!
تطلعت اليها فرح بتفكير قبل ان تهتف بجدية: اليوم...
اليوم.!
اومأت فرح برأسها وأكملت: نعم اليوم، يجب ان تطرقي الحديد وهو حار...
ثم اضافت بعدها: ولكن دعينا نفعل شيئا مهما اولا...
شيء ماذا؟!
اجابتها فرح بجدية: ما رأيك ان نركب الفرس اولا؟! منذ مدة طويلة لم نقم برحلة على ظهره؟!
دب الحماس في ليلى التي نهضت من مكانها وقالت: موافقة..
لنغير ملابسنا اذا...
قالتها فرح وهي تتجه نحو الخزانة تخرج منها ملابس الخروج وفعلت ليلى المثل...
ارتدت الفتاتان ملابسهما وخرجتا من المنزل واتجهتا الى اسطبل الخيل...
اخرجت كلا منهما الحصان الخاص بها وركبتا عليه ثم بدأتا في التحرك وسط المزارع الشاسعة...
مر الوقت بسرعة حتى عادتا الى الاسطبل وأعادتا الخيل الى مكانه قبل ان تعودان سيرا الى المنزل...
هل ستذهبين الى العمل اليوم؟!
سألتها فرح وهي تسير بجانبها لترد ليلى بعد تفكير: كلا، سأذهب غدا، فاليوم متعبة للغاية...
كسولة...
قالتها فرح وهي تمط شفتيها لترميها ليلى بنظرات متوعدة قبل ان تقهقه فرح عاليا وتركض امامها تتبعها ليلى وهي تركض خلفها تحاول الامساك بها...
جذب كامل كرسيه وجلس امام كاظم الذي كان يتابع اعماله...
تحدث كامل قائلا: ومتى سوف ننتقم من جابر الحقير؟! لقد مر الكثير من الوقت على فعلته الدنيئة...
تأمله كاظم بنظرات هادئة وهو يفكر بأن كامل معه كل الحق، لقد انشغلوا بما حدث مع عمه ونسوا أمر ذلك الحقير...
لكن عليهم ان يأخذوا بثأر ليلى منه ويؤدبونه على فعلته...
نهض كاظم فجأة وقال: اليوم، اليوم يا كامل..
نهض كامل من مكانه وبسرعة وقال: سأتصل برجالي، وأخبرهم ان يجلبوه الى المصنع القديم...
حسنا، ولنسبقهم نحن ونذهب الى هناك...
قالها كاظم وهو يتجه خارج مكتبه يتبعه كامل الذي اخذ يجري اتصالاته مع رجاله مشددا عليهم ان يتقنوا عملهم ولا يجذبوا انتباه احد وهم يجلبونه الى المصنع القديم...
بعد حوالي ساعة كان جابر معلق في سقف المصنع وكلا من كاظم وكامل يقفون امامه يتأملونه بملامح غاضبة متوعدة...
تحدث كاظم قائلا: ألم تعلمك والدتك أن الرجل بحق لا يضرب امرأة؟!
اجابه جابر بنبرة عالية: انزلني ايها الحقير، انزلني بسرعة، والا سوف افعل ما لا يعجبك...
وترفع صوتك ايضا، سوف اقتلك بيدي هاتين...
قالها كامل بعصبية وهو ينوي الانقضاض عليه ليوقفه كاظم وهو يقول مهدئا اياه: اهدأ يا ابن العم...
ثم اشار الى احد رجالة ليجلب له حزام رجالي...
ابتلع جابر ريقه وهو يتأمل الحزام قبل ان يقترب كاظم منه وهو يقول بنبرة ثابتة قوية: نحن سنفعل بك ما فعلته بليلى، ولن نزود اي شيء اخر...
وقبل ان يتحدث جابر نزل كاظم بحزامه عليه، ثم أخذ يضربه بالحزام مرارا وهو يقول بحقد: تتقاوى على إمرأة ايها العاهر، تضرب امراة يا حيوان...
اقترب كامل منه واخذ الحزام قائلا: لقد جاء دوري يا ابن العم...
ثم بدأ بضربه هو الاخر وهو يرميه بكلمات بذيئة، انتهى كامل من ضربه ليبصق عليه قبل ان يتركه لرجاله ليأخذوه ويرموه امام منزله...
يتبع...