يُحكى أن في الغابة الجميلة بحيواناتها الأليفة وأشجارها المثمرة الطيبة ، كان هناك أسد قوي البنية ، يعيش في الغابة وهو المسئول عن كافة الحيوانات بها ، وأيضًا حيوانات الغابة يحترمونه ويقدرونه كثيرًا يحل لهم ما يرد عليهم من مشكلات .وكان له أصدقاء ثلاث ، هم الذئب والثعلب والغراب ، وكان ثلاثتهم أذكياء للغاية ، ويتمتعون بدهاء وحسن تدبير ، وكان هؤلاء الثلاثة يتملقون الأسد ، ليلاً ونهارًا وإذا ما حصل على هدف جديد ، ظلوا يبجلونه ويمدحون قدراته الرهيبة والتي لا مثيل لها وفقًا لوصفهم ، وينتظرون أن يفرغ الأسد من وليمته ثم يبدؤون هم في تناول طعامهم وكان الأسد إذا ما جلس في عرينه وكانوا يلتفون حوله يقصون عليه حكايات ظريفة ، مما جعل الأسد يعيش في حياة طيبة ، ولا يستطيع أن يتخلى عن أصدقائه الثلاثة أبدًا .وفي أحد الأيام ، خرجت قافلة بها مجموعة من الجمال ، وكانوا قد أجدّوا السير في صف واحد ، إلا أن أحدهم كان قد تعثر ، وعندما أراد أن يلحق بقافلته ، لم يجد لهم أثرًا فظل سائرًا ، حتى بلغ مكان الغابة ، فأخذ يسير بها هائمًا ، لا يدري ما وجهته ، وظل على وضعه هذا حتى بلغ عرين الأسد .هنا هلع الجمل كثيرًا عندما وجد نفسه أمام الأسد ، ولكن الأسد الطيب طمأنه وأخبره أنه الآن في أمان ، وسأله عما جاء به إلى غابته ، فروى له الجمل ما حدث وكيف فقد قافلته ، وطلب من الأسد حمايته من الحيوانات الضارية الأخرى ، فأخبره الأسد أنه اليوم في حمايته وتحت رعايته ، ولا يجب عليه أن يخش شيئًا قط ، فشكره الأسد على نبل أخلاقه ، وجوده وكرمه وبقي في عرين الأسد ، حتى صارا صديقين مقربين للغاية .وفي أحد الأيام خرج الأسد ، لاصطياد فريسة جديدة ، فوجد فيلاً أخذ يصارعه ولكن للأسف ، قاومه الفيل بشدة وتسبب للأسد في جراح بالغة ، قبل أن يفر هاربًا ، هنا عاد الأسد إلى عرينة وهو مثخن بالدماء ، فظل الجمل إلى جواره يداويه .وهنا ظهرت معادن الأصدقاء على حقيقتهم ، حيث تخلى عنه الذئب والثعلب والغراب ، حتى صار الأسد هزيلاً من شدة الجوع ، فقد كانوا يجاملونه للحصول على نصيبهم من فرائسه ، والآن وبعد أن صار طريح الفراش ، ابتعدوا جميعًا عنه ، في حين كان الجمل الطيب يتلوى ألمًا ، وحزنًا على حال صديقه الأسد ، ولكنه لا يدري ما يفعل من أجله .فكر الجمل قليلاً وقرر أن يذهب إلى أصدقاء الأسد ، ليتعاونوا معًا على صيد فريسة يأكل الأخير منها ، حتى يسترد صحته مرة أخرى ، ولكنهم رفضوا ذلك بحجة أنهم ضعاف ، واقترحوا خطة شريرة بعد أن انصرف الجمل الطيب .ذهب الأصدقاء الثلاثة إلى الأسد وأخبروه أن يأكل الجمل حتى يستطيع استرداد صحته ، ولكن الأسد الوفي لم يتحمل الفكرة ، وأعلن حبه وتقديره لهذا الجمل الوفي ، الذي لم يتركه في محنته .فانتظر الثلاثة حتى أتى الجمل فوجدهم يقولون للأسد لولا أن لحمي سيء لكنت اقترحت عليك أن تؤكلني ، فأنت صاحب فضل علي ، وما إن انتهوا من حديثهم هذا ، حتى قال الجمل أما أنا فلحمي شهي ، فكلني إذا أردت استرداد صحتك ، ولكنه فوجئ بالغادرين الثلاثة ينقضون عليه ، ويلتهمونه بقسوة جراء نيته الطيبة .