يُعد المرض هو أكبر هزيمة قد تحدث للإنسان وتُبعده عن حياته بشكل طبيعي ، وتختلف المعاناة مع المرض تبعًا لنوعه وشدته ومدى ألمه والقدرة على علاجه ، فهناك من الأمراض ما يصعب علاجه أو التخفيف من معاناته ، ولكن الله تعالى هو القادر على تبديل الحال من الأسوأ إلى الأفضل بإذنه ؛ فإذا أراد الشفاء تم حتى وإن بدا مستحيلًا ، وفي هذه القصة كان شبه مستحيل علاج المريضة ، ولكن إرادة الله فوق كل شيء .مرض بدور :
شعرت بدور التي تعيش بالمملكة بأعراض آلام شديدة تقتحم جسدها وهي في سن السابعة عشر من عمرها ، وذلك نتيجة لطفرة جينية تسببت في إصابتها بمرض “البلاستيك أنيميا” ، والذي لم يكن وراثيًا بل جاء نتيجة تلك الطفرة الجينية ، ولكن الأطباء لم يتمكنوا من معرفة السبب الحقيقي لهذه الطفرة التي أصابتها بهذا المرض .أخبرت بدور الأطباء أنها كانت قد تعرضت في طفولتها إلى لدغة أفعى ، وقد أصابتها آنذاك بآلام شديدة ، وهو الأمر الذي قد يتسبب في كثير من مشكلات الدم ، وكان من الضروري أن تقوم بدور بعملية زرع خلايا جذعية ، فقام الأطباء بإرسال عينات التحاليل التي تم أخذها من أسرة بدور إلى الولايات المتحدة للبحث عن شخص يتطابق معها من أجل التبرع بالخلايا الجذعية .تم استقبال النتائج بعد إتمام التحاليل والتي لم يجدوا فيها أي شخص متطابق مع بدور إلا شقيقتها الصغرى ؛ والتي كانت تبلغ من العمر آنذاك تسعة أعوام فقط ، وعلى الرغم من وجود التطابق بين الأختين إلا أن بدور أعلنت رفضها لهذه العملية ، حيث أنها كانت تخشى من العلاج الكيميائي ، فتركت نفسها هكذا تصارع المرض الذي كان يهزمها يومًا بعد يوم .كانت بدور تعاني من حالة اكتئاب شديدة بسبب مرضها الذي جعلها طريحة الفراش لا تقوى على ممارسة حياتها بشكل طبيعي ، وكانت على علم بأن المرض يتطور بمرور الوقت ولابد من عملية زرع الخلايا الجذعية ، وبعد أن بلغت بدور سن 23 عامًا انتكست حالتها أكثر وبشكل ملحوظ ، وهو ما جعل الطبيب الاستشاري يؤكد على ضرورة التعجيل بالعملية ، حيث أن نخاع العظم قد أصبح شبه فاشل .ولكن الصدمة الأكبر حينما أجرت شقيقتها الصغرى التحاليل مرة الأخرى ، حيث أن نتيجة التطابق اختلفت تمامًا هذه المرة بعد مرور هذه الأعوام ، ولم يعد هناك من يستطيع إنقاذ حياة بدور نتيجة لعدم تطابق النخاع ، فأصبحت بدور التي كانت تحت الرعاية الطبية في حالة يرثى لها نفسيًا وصحيًا .متبرعة من ألمانيا :
شاء الله تعالى أن يكتب لبدور حياة جديدة بعد أن انتكست تمامًا ، حيث كان الأطباء قد أعلنوا عن رغبتهم في متبرع لبدور ، لعلهم يجدوا من يتطابق معها على الرغم من أن الأمر يبدو شبه مستحيل ، ولكن كرم الله كان كبيرًا حيث أنهم وجدوا متبرعة متطابقة تمامًا لبدور من ألمانيا ، وهو ما أثار تعجب الأطباء حقًا ، حيث أن هذا لا يحدث إلا نادرًا جدًا لأنه من المفترض علميًا أن التطابق لا يكون إلا بين الأشقاء .وفدت المتبرعة من ألمانيا على الفور إلى المملكة ، حيث تم إعداد بدور للعملية ، والتي تمت بنجاح بفضل الله وفضل الأطباء بمساعدة تلك المتبرعة الرائعة ، وبعد أشهر تعافت بدور بشكل شبه تام ، وكانت رغبتها تزداد في رؤية الإنسانة التي أنقذت حياتها ، حيث يمنع الأطباء مقابلة المتبرع مع المريض لمدة عام ، ولكن الأطباء أحضروا المتبرعة لترى بدور التي كانت سعيدة جدًا بهذا اللقاء الذي بدا رائعًا ، حيث عبرّت بدور عن شكرها وامتنانها لهذه الإنسانة الرائعة ، وتبادلت الفتاتان أرقام التواصل والهدايا .