من كان يصدق أن الصحفي صالح الحسيكي الذي أفنى 24 سنة من عمره في خدمة الصحافة ، سيئول به الحال إلى أن يقف على عربة لبيع الذرة والشاي على قارعة إحدى طرق المملكة ، كي يفي بمتطلبات أسرته ، خاصةً بعد أن أغلقت مهنة الصحافة بابها في وجهه ، فمن رئيس تحرير إلى بائع ذرة وشاي تحولت حياته مائة وثمانون درجة .فقد جعله الشغف بمهنة المتاعب لا يطمح للعمل الحكومي الآمن ، حيث رفض العمل بمنصب مدير العلاقات والإعلام بجامعة المؤسس ، سعيًا خلف الصحافة التي سلبته كل شيء في النهاية ، فقد عمل بصحيفة عكاظ كمحرر ألي ثم تدرج بها حتى وصل إلى منصب مدير التحرير التنفيذي ، وبعدها تم إعارته لصحيفة الندوة مديرًا للتحرير .وانتقل بعد ذلك لصحيفة الوطن وكان من ضمن مؤسسيها ، ثم عاد مرة أخرى للندوة ومن بعدها إلى عكاظ مرة أخرى ، وانتهى به المطاف كرئيس تحرير لعين اليوم ، وهنا كانت أخر محطاته الصحفية ، حيث تلقى خطاب استغناء هناك بعد تغير الظروف الصحفية ، وهنا ودع الحسيكي الصحافة بلا رجعة .وفي محاولة منه للوقوف على قدمه من جديد سجل لنيل الدكتوراة ، ولكن قرضًا بنكيًا طارده وأرق عليه عيشته ، خاصةً عندما صدر بحقه أمر قبض فلجأ إلى بيع الشاي والذرة ، كي يفي بمتطلبات أبنائه الستة وزوجته المريضة ، ولم يزدرء الحسيكي مهنته فكان يرى أن شأنها شأن أي عمل شريف يمتهنه الفرد .ولكن كان الغريب أن تستغني تلك المهنة عن رجل في كفاءة وخبرة الحسيكي ، خاصةً أنه يتحدث الإنجليزية بطلاقة ولديها شهادة في الماجيستير ، ومسجل للدكتوراة فكل هذا لم يشفع له في ظل تغير الظروف الصحفية وأزماتها المالية ، ورغم ابتعاد الحسيكي عن المهنة إلا أنه ترك مكانًا شاغرًا في نفوس محبيه وقرائه ، فيقول عنه أصدقائه أنه كان قامة إعلامية لكن الصحافة لم تقدر ظروفه ومعاناته .فقد كان نشيط ذو خبرة ويعتبر خير مثال للصحفي الطموح الذي يسعى خلف كل ما هو صعب وجديد ، ولكن تأتي الرياح أحيانًا بما لا تشتهي السفن ، فالتغيرات الجذرية التي حدثت في الصحافة غيرت كل شيء ، وحينما استسلم الحسيكي لواقعه الجديد أنصفته وزارة الثقافة والإعلام مؤخرًا ، حيث قررت الاستفادة من خبراته من خلال العمل في مركز التواصل الحكومي ، لعلها تكون فاتحة خير له .