قصة أسرة مُشردة

منذ #قصص اجتماعية

الانهيار الأسري يؤدي إلى هلاك المجتمع الذي يعتمد في بنائه على الأفراد الذين يخرجون من أسرهم شبابًا من المفترض أن يبنوا مجتمعاتهم ، ولكن حينما تغزوهم الخلافات الأسرية فإنهم ينهارون نفسيًا ويخرجون إلى مجتمعاتهم غير أسوياء ، ومن القصص المؤلمة التي حدثت في المملكة قصة تلك الأسرة التي تخلى عنها الأب لتتشرد في الشوارع دون مأوى .أب لا يرعى أسرته :
كان الأب يلهو باستمرار حتى أوقات متأخرة من الليل مع مجموعة من البائعين الذين يفترشون الطرقات ، ولم يكن يهتم بأسرته بل إنه تجاهلهم بشكل تام ، والأدهى من ذلك أنه كان يعامل زوجته وأبنائه أسوأ معاملة ودون سبب واضح ، وذات يوم بينما كان يتسكع كعادته مع رفاقه ذهبت إليه ابنته لتطالبه بمصروفات لكي يستطيعوا أن يُكملوا حياتهم ، ولكنها تلقّت منه أقسى رد ممكن أن يحدث من أب ، حيث قام بضربها ضربًا مبرحًا حتى كاد أن يقتلها .طرد الأسرة من المنزل :
ازداد طغيان الأب وقسوته لدرجة جعلته يقوم بطرد زوجته وأبنائه ، حيث طالبهم بالاعتماد على أنفسهم والخروج من حياته نهائيًا ، وكأنه تجرد من كل المشاعر الإنسانية ، وبالفعل مضت الزوجة مع أبنائها في طريقها المجهول الذي لا تعرف إلى أين سيحملها ، فاضطرت الأم إلى بيع ما تملكه من الحُلي كي تستطيع أن تجد سكنًا .قامت الأم باستئجار غرفة شعبية داخل دار مخصصة لإسكان الحجاج ، وبدأت الأموال التي كانت مع الأم تتبدد يومًا بعد يوم ، حيث الإيجار والطعام والشراب ، وأصبح الموقف في منتهي الخطورة على الأم وصغارها ، حتى تعذر على الأم دفع إيجار الغرفة لمدة تجاوزت الشهرين ، وهو ما جعل صاحب الدار يطالبها بالمغادرة بأبنائها نتيجة لعدم دفعها الإيجار .خرجت الأم بأبنائها طريدة مرة أخرى وهي لم تعد تمتلك أي شيء لتعول به أبنائها أو حتى تجد لهم مأوى يحميهم من مذلة الشارع وقسوته ، حتى وجدت نفسها طريحة الأرصفة والشوارع وهي تحتضن أبنائها كي تكون لهم المأوى بدلًا من المسكن الذي افتقدته والحياة الآمنة التي ضاعت ، لتجد أبنائها تائهين معها في دوامة الحزن والألم .أمل جديد :
وبينما كانت الأم هكذا ضائعة بين الشوارع مع الأبناء الصغار ؛ اكتشفتهم دورية أمنية موجودين على أحد الأرصفة ، وهو ما جعل الدورية تتدخل لتسأل عن قصتهم وسر وجودهم هكذا في هذا المكان وبهذه الطريقة التي ظهروا بها وكأنهم ضائعين ، وحينما علم رجال الأمن بقصتهم قاموا على الفور بإبلاغ الجهات المختصة لمعرفة كيفية التصرف مع هذه الأسرة المُشردة .وقد تم إبلاغ جمعية الخدمات الاجتماعية في المدينة المنورة على الفور بحالة الأم وأبنائها ، والتي تبنت حالة تلك الأسرة المعذبة ، حيث تعهدت الجمعية بأن تدفع قيمة إيجار المسكن للأسرة لمدة عام كامل لحين إيجاد الحل الأمثل لهذه الأسرة ، وذلك بعد أن تم عمل بحث اجتماعي للأسرة ووضعها في السابق ، والوقوف على كافة التفاصيل في حياتهم ، حيث أثبت البحث صدق قصة الزوجة ومعاناتها مع زوجها القاسي غليظ القلب .وهكذا جاءت مأساة أسرة بأكملها نتيجة لثقافة ذكورية ظالمة ، حيث هناك حالة من الفهم الخاطئ لقوامة الرجل وحقوقه ، حيث أنه بذلك يهدر حقوق زوجته وأبنائه مثلما حدث في قصة الأسرة المُشردة ، والتي ستستمر معاناتها النفسية طيلة حياتهم بعد أن شعروا بالذل والمهانة والتخاذل من أب لا يعرف سوى القسوة والضياع .

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك