كان عزمها على ترك الحياة أفضل مما وجدتها عليه ، وقد وجدت الحياة في ويمبيلدون كئيبة ومرهفة للغاية ، ومولعة بالتنس ، لا تضع في عين الاعتبار ، أو تعبير اهتمامًا ، بل غير عابئة في إعطاء أدنى أهمية لما تقوله أو تتمناه ، مما جعل الآنسة برايم ، ، ثالث ابنة لأحد أطباء ويمبيلدون أن تستقر في الخامسة والثلاثين في روشام .نبذة عن المؤلف :
قصة من روائع الأدب الانجليزي ، للمؤلفة فيرجينيا وولف ، ولدت في 25 يناير 1885م ، في لندن بانجلترا ، اشتهرت بروايتها التي تتخذ صف الضمير الإنساني ، وهي رائدة من رموز الأدب الحديث في القرن العشرين ، من أشهر رواياتها : السيدة دالواي ، إلى المنارة ، الأمواج ، بين الفصول ، الأعوام ، إلخ .كانت قرية فاسدة إلى حد ما ، كما قيل لعدم وجود أتوبيسات بها ، كما كان من المستحيل المرور بالطريقة المؤدية للمدينة في الشتاء ، لذا أصبحت روشام متحررة من آراء الآخرين ، لم يرتد القسيس السيد بيمبر ، قميصا ياقته نظيفة أبدًا ، لم يتحمل قط ، ولولا خادمته العجوز مابيل ، لكان مظهره في الكنيسة غير لائق في كثير من الأحيان .يفعلون ما لا يجب عليهم فعله :
بالطبع لم تكن هناك شموع على المذبح ، كان جرن المعمودية مكسورًا ، كما ضبطته الآنسة برايم يتسلل ، وسط الصلاة ، ليدخن سيجارة في فناء المقبرة !قضت الثلاث سنوات الأولى من إقامتها في روشام ، تضبط الناس يفعلون ما لا يجب عليهم فعله .مسحت حواف أغصان شجرة الدردار ، التي يملكها السيد بيّنت التوابيت وهي تمر بالزقاق ، يجب تقليمها ؛ جدار السيد قاب تقبقب ، تجب إعادة بنائه ، كانت السيدة باي سكيرة والسيدة كول عاشت بسمعة سيئة ، مع رجل البوليس ، وبما أن الآنسة برايم ضبطت كل أولئك يخطئون ، اكتسب وجهها تعبيرًا متجهمًا ، واحدودب جسمها ، وعبست بازدراء في وجه من التقت من الناس ، وعزمت على شراء الكوخ الذي استأجرته ، فيمكنها بكل تأكيد أن تقوم بدور فعّال ها هنا .في البداية اهتمت بمسألة الشموع ، واستغنت عن خادمتها ، هكذا وفرت ما يكفي لشراء شموع كهنوتية طويلة وسميكة ، من محل كنسي في لندن ، استحقت أن تضعهم على المذبح بتنظيفها أرضية الكنيسة ؛ وتطريزها مفرشًا للمذبح ، وفوزها بتمثيل مشهد من مسرحية الليلة الثانية عشرة ، مما مكنها من دفع قيمة إصلاح جرن المعمودية ، وقتها واجهت السيد بيمبر بشموعها .أشعل سيجارة أخرى ، وأمسك بأصابع مصفرة من النيكوتين ، بدا وجهه وجسمه كغصن عليق تائه ، غليظ وخشن وأحمر وغير مشذب يعوزه تهذيب ، وتمتم أنه لا يريد شموعًا ، لم يتبع الأساليب البابوية لم يفعل أبدًا ، مشى يتمايل متثاقلاً مدخنًا ، على بوابة فناء المزرعة متحدثًا عن خنازير كروبر .انتظرت الآنسة برايم ، وأقامت معرضًا بالسوق الخيري لإعادة تسقيف الكنيسة ، حضر الأسقف ، وسألت السيدة بيمبر عن الشموع مرة أخرى ، البعض ينحاز للشموع والتزمت ، والبعض الآخر يناصر الرجل العزيز والتيسير ، وقال السيد بيمبر بحدة وانفعال إنه كاهن الكنيسة ، وإنه لا يؤمن بالشموع ، وانتهى الأمر على ذلك .انسحبت الآنسة برايم إلى بيتها ، ولفت الشموع بعناية ووضعتها في الدرج الطويل ، لم تذهب للكنيسة بعد ذلك أبدًا ، ولكن القسيس كان رجلاً عجوزًا للغاية ، كان عليها فقط أن تنتظر ، في هذه الأثناء واصلت الآنسة برايم ، محاولاتها في إصلاح العالم ، فكان ما يعطيها إحساسًا بمرور الوقت سريعًا أكثر من أي شيء آخر .في ويمبيلدون كان الوقت يمر ببطء ، أما هنا فكان سريعًا ، غسلت الأطباق بعد تناولها الإفطار ثم ملأت استمارات ، ثم قرأت تقريرًا .ثم ثبتت إنذارًا على لوحة في حديقتها ، ثم بدأت في زيارة الأكواخ المجاورة ، لقد خففت عن أقارب مالتهوس كثيرًا من الأعباء بملازمتها إياه ، ليلة بعد أخرى ، وهو في أيامه الأخيرة ، بدأ بالتدريج إحساس بهيج ينتصب ويتحرك في عروقها ، كان أحلى من زواج الحب ، أحسن من إنجاب الأطفال ، إنه القوة لجعل العالم أفضل ، قوة في مواجهة العجزة والأميين والسكارى .بالتدريج بينما مشت في شوارع القرية برشاقة حاملة سلتها ، أو ذهبت إلى الكنيسة ، بمكنستها لازمتها آنسة برايم أخرى ، أعظم وأكثر حُسنًا ، وأكثر بهاء وروعة من الأولى ، بل كانت بالأحرى تشبه فلورنس ناتينجيل ، إذا ما نظرت إليها ، وقبل مرور خمس سنوات أصبحت هاتان السيدتان امرأة واحدة طبق الأصل .