اعتاد طويلًا ، على حياة قوامها العزلة والعكوف على الذات ، وبدأ في الحنين إلى تكريس نفسه للآخرين ، وتجلى له نبل كلمة تضحية وأرضاه الشعور بضآلته ، باعتباره بذرة وحيدة ، هدفها محاولة المضي قدما من الماضي إلى المستقبل بحياة الكائنات التي يطلق عليها البشر ، بل انه تعاطف مع الفكرة القائلة أن الكائنات البشرية جنبا إلى جنب مع الأنواع المختلفة من المعادن والنباتات ، لا تعدو أن تكون عمودا صغيرا ساعد في دعم كيان هائل يضرب في أرجاء الكون ، ومع الفكرة القائلة بأنه ليس أكثر من قيمة من الحيوانات والنباتات الأخرى .نبذة عن المؤلف :
قصة من روائع الأدب الياباني ، للأديب والروائي ياسوناري كاواباتا ، الحاصل على جائزة نوبل في الأدب عام 1968م ، ولد كاواباتا في أوساكا – اليابان في 14 يونيو عام 1899م ، من أهم مؤلفاته : بلد الثلج ، طيور الكركي الألف ، ويعد ياسوناري كاواباتا هو الأديب الياباني الذي ترجم له أكبر عدد من الأعمال الياباني إلى اللغة العربية ، وتوفيّ في 16 ابريل عام 1972م .ليكن ! أدارت ابنة عمه الأكبر سنًا قطعة نقد فضية على قاعدة المرآة ، ثم سطحتها تحت راحتها ، وتطلعت إليه وقد ارتسم الجد على ملامحها ، واستقرت نظرته المضناة ، المكتئبة على يدها البيضاء ، ثم قال مبتهجا : كتابة !لعبة القطعة النقدية :
كتابة ؟ ولكن عليك أن تقرر مسبقا ، فإذا استقرت العملة على جانب الكتابة ، هل تتزوج تلك الفتاة أم لا ؟ دعينا نقل أنني سأتزوجها ، آه انها صورة ، هل الأمر كذلك ، أي نوع من الإجابات الحمقاء هي هذه الإجابة ؟.. أطلقت ابنة عمه ضحكة عالية ، ألقت بصورة الفتاة ، انبعثت واقفة ، وغادرت الغرفة ، كانت امرأة كثيرة الضحك ، وتردد صوتها الصافي الضاحك طويلا ، وأحدث في نفوس كل رجال الدار نوعًا غريبًا ، من الغيرة السمعية .صورة الزوجة المستقبلية :
التقط الصورة ، وتطلع إلى الفتاة ، سيكون الزواج من هذه الفتاة أمرًا جيدًا ، حسبما حدث نفسه ، فإذا كان بمقدوره أن يستشعر هذه الدرجة من العاطفة ، فلابد أنه لا تزال هناك فتيات كثيرات في اليابان ، يمكنه الزواج منهن ، حيث يتعهدن إلى إخوتهن الأكبر سنًا وآبائهن ، وحدث نفسه بأن ذلك أمر جميل .اتخاذ القرار من خلال إلقاء قطعة نقد :
أما ما هو قبيح فهو نفسه ، التي ضاعت لأنه استيقظ على وعي ذاتي تافه ، عندما تفكر في جوهر الأمر ، ستجد أن اختيار شريك الحياة يشبه اليانصيب حقا ، لأنه يشبه اتخاذ القرار من خلال إلقاء قطعة نقد لتسقط على أحد الوجهين ، عندما قالت ابنة عمه هذه الكلمات ، شعر بالنشوة ، حيال فكرة تسليم قدره لقطعة نقد ، تحت راحتها البيضاء ، ولكنه عندما أدرك أنها كانت عابثه فحسب ، حول نظرته الموحية بالوحشة إلى البحيرة المصفرة عند حافة الشرفة .البحيرة والشعور بالوحدة :
إذا كانت هناك فتاة أخرى يتعين أن تكون زوجتي ، فأرني محياها ، منعكسًا في المرآة ، قالها متوسلًا للبحيرة ، وقد اعتقد أنه من الممكن أن يرى عبر الزمان والمكان ، فإلى هذا الحد بلغ شعوره بالوحدة .رواج تدبره عصفورة دورى :
بينما هو يحدق في سطح الماء ، هوى إلى مجال رؤيته حجرا أسود ، حاد الأطراف ، ألقاه الرب ، وكان عصفوران من نوع الدورى ، في لقاء حميم قد سقطا من السقف ، رفا بأجنحتهما في الماء ، وانفصلا وحلق كل منهما في اتجاهات مختلفة ، وقد تفهم هذه اللمحة المتألقة من الرب ، غمغم في نفسه : أهكذا يمضي الأمر؟ انتشرت التموجات على سطح الماء ، وعادت إلى الهدوء مجددًا ، فواصل التحديق في البحيرة ، وغدا فؤاده مرآة كسطح الماء الهادئ .أغنية عصفورة دورى :
وفجأة انعكست عصفورة دورى وحيدة على نحو واضح هناك ، ومضت تغرد وكان معنى أغنيتها : أنت يامن ضعت ، لن تصدقني حتى لو أظهرت لك صورة المرأة التي ستغدو زوجتك في هذا العالم، لقدر تبت زوجتي الجميلة، الغالية التي سأتزوجها في العالم المقبل ، زواجا لي في هذا العالم ، وعندئذ وبتحية نابعة من قلب صاف للفتاة صاحبة الصورة ، استشعر جلال الرب .