لم يكن المطر الربيعي من الغزارة ، بحيث يجعل الأشياء تتبلل كان خفيفا حتى ليوشك أن يشبه الضباب ، ولا تتجاوز ندواته ما يرطب البشرة قليلاً ، انطلقت الفتاة تعدو إلى الخارج ، ولكحت مظلة الفتى !نبذة عن المؤلف:
من روائع الأدب الياباني ، للأديب الياباني ، الحاصل على جائزة نوبل في الأدب عام 1968م ، وهو الأديب والروائي ياسوناري كاواباتا ، ولد كاواباتا في أوساكا – اليابان في 14 يونيو عام 1899م ، من أشهر أعماله الأدبية : بلد الثلج ، طيور الكركي الألف ، ويعد ياسوناري كاواباتا هو الأديب الياباني الذي ترجم له أكبر عدد من الأعمال الياباني إلى اللغة العربية ، توفي كواباتا في 16 ابريل عام 1972م.أوه ، إنها تمطر .. بينما كان الفتى يمرأمام المتجر ، فتح مظلته .. ليحجب خجله بأكثر من حمايته لنفسه من المطر ، وعلى الرغم من ذلك ، فقد مد يده الممسكة بالمظلة نحو الفتاة ، فوضعت كتفا واحدة تحتها ، وشرع الفتى يبتل الآن .احتماء :
ولكنه لم يستطع إجبار نفسه على الاقتراب بشكل أكبر من الفتاة ، ليسألها عما إذا كانت ستشاركه الاحتماء بها ، وعلى الرغم من أنها أرادت أن تضع يدها على مقبض المظلة مع يد الفتى ، إلا أنها بدت كأنما توشك على الركض بعيدًا .الأستويو :
مضيا كلاهما إلى استوديو المصور الفوتوغرافي ، فوالد الفتى يوشك على أن ينقل في إطار وظيفته بالخدمة المدنية ،وهذه الصورة ستكون صورة وداعمهما ،أتجلسان معا هنا لطفًا ؟ .. قالها المصور ، وهو يشير نحو الأريكة ، ولكن الفتى لم يستطع الجلوس إلى جوار الفتاة ، وإنما وقف وراءها ، وهو يمسك عباءتها بخفة ، باليد التي أرخاها على ظهر الأريكة ، وقد أراد أن يشعر بأن جسديهما متصلان على نحو من الأنحاء .حرارة الجسد :
وكانت تلك المرة الأولى على الإطلاق التي يمسها فيها ، وجعلته حرارة الجسم ، التي كان بمقدوره أن يستشعرها من خلال أطراف أصابعه ، يحس بالدفء الذي كان يمكن أن يغمره لو أنه قدر له أن يعتنقها عارية !. لسوف يتذكر ، طوال عمره دفء جسمها ، عندما يتطلع إلى هذه الصورة ، أتودان أن ألتقط صورة أخرى؟ بمقدوري التقاط صورة عن قرب أكبر لكما أحدكما بجوار الآخر ، اكتفى الفتى بالإيماء موافقًا ، همس للفتاة قائلا : ماذا عن شعرك .نشوة :
تطلعت إليه وتضجرت وجنتاها خجلا ، وتوهجت عيناها بنشوة متألقة ، ومضت مذعنة إلى الحمام ، كانت عندما رأت الفتى يمر بجوار المتجر في وقت سابق ، قد انبعثت واقفة ، من دون أن يتاح لها من الوقت ما ترتب فيه شعرها .خجل :
والآن ساورها الشعور بالقلق لأن شعرها مشعث ، كأنما أزالت عنه لتوها الغطاء الواقي الذي تضعه خلال الاستحمام ، واستبد بها الخجل إلى حد أنها لم تستطع البدء في ترتيب خصلات شعرها النافرة على نحو سليم أمام رجل ، ولكن الفتى كان قد حدث نفسه بأنه سيجعلها أشد شعورا بالإحراج ، لو أنه طلب منها أن ترجل شعرها مجددًا .انتماء :
وبينما كانا يوشكان على مغادرة الاستديو ، تطلع الفتى حوله بحثًا عن المظلة ، ثم لاحظ أن الفتاة قد سبقته ، وأمسكت بها ، وعندما لاحظت أن الفتى يرمقها ، خطر لها فجأة أنها قد أخذت مظلته ، وجعلتها الفكرة تعقل ، ترى هل أظهر تحركها العفوي للفتى أنها تشعر بأنها بدورها تنمتي له ؟المظلة :
لم يستطع الفتى أن يعرض عليها الإمساك بالمظلة ، ولم تتمكن هي من إجبار نفسها على تسليمها له ، كان الطريق يبدو الآن بشكل من الأشكال مختلفا عن ذلك الذي أقبلا عبره إلى استديو المصور ، فقد أصبحا كلاهما فجأة ، من الكبار وعادا إلى داريهما ، وهما يشعران كأنهما زوجان .. حتى وإن اقتصر هذا الشعور على حادثة المظلة هذه .