لعل قضية الشاب رشيد، اسم مستعار، من بين هذه الملفات الأكثر إثارة وحساسية، فالملف الذي يرفع من خلاله شكوى بزوجته ليس خصومة زوجية، أو تشاجراً ين زوجين، أو دعوى إلى الطلاق بالشقاق، بل كان هو ملف "ساخن" أثقل كاهل شاب لم يُنه بعد العقد الثاني من عمره.
كان الشاب يتحرك في كل حدب وصوب في ردهات المحكمة كالثور الهائج، حتى أنه لفت إليه أنظار الجميع، وبات خلال تلك الصبيحة محط تساؤلات العديد من رواد المحكمة عما يخفي الشاب، قوي البنية، من أسرار تضمها دفتر ملفه القضائي، تجعله يضرب أخماساً في أسداس، لا يهدأ له بال في أي مكان منتظراً دوره في قاعة المحكمة.
رشيد فتح قلبه المنكسر وحكى قصته المحزنة التي قال إنه "يخجل أن يذكرها بلسانه، لأن تفاصيلها تمس عرضه وتخدش كبريائه، لكن لم يكن لديه بُد من أن يرفع شكواه إلى القضاء بعد أن رفع شكايته إلى الله"، وفق تعبير الشاب المتزوج قبل سنوات قليلة.
تزوج رشيد ذات يوم بعد أن غزت فؤاده فتاة رقيقة الملامح، وبالرغم من أنه لم يجدها بكراً عند دخوله بها، فقد اختار أن لا يفسد فرحته وفرحة أسرته الصغيرة، خاصة بعد أن صارحته الفتاة بأن بكارتها افتضت في سن مراهقتها لأسباب لم يكن لها يد فيها، ووعدته بالإخلاص له والعيش معه في حياة سعيدة.
"وكذلك كان خلال الشهور القليلة الأولى من حياتنا الزوجية، حيث إنني لم أشك يوماً في سلوك زوجتي رغم قصة البكارة تلك، ورغم أنها تكبرني بسنتين تقريباً، حيث آليتُ على نفسي أن لا أحرمها من شيء، وأن لا أترك لوساوسي التفكير في شيء قد مضى، فالحاضر والمستقبل أبقى من الماضي" يورد الشاب بنبرة كلها أسى.
ورُزق الزوجان بصبية جميلة صغيرة في السنة الأولى من زواجهما، ما جعل رشيد يفكر أكثر في المسؤولية الكبيرة التي أضحت ملقاة على عاتقه، متمثلة في إعالة أسرته الصغيرة، وتربية طفلته، وتمتيعها بكل ما كان هو محروماً منه في صغره في كنف أسرته الفقيرة.
واستمرت الأيام، يضيف رشيد الذي كان صدره يهتز كالمرجل من شدة الحنق والغيظ، حتى صار يلاحظ تصرفات غير عادية من زوجته، خاصة أنها باتت لا تهتم لشؤونه كما في الأسابيع الأولى من زواجهما، بل أضحت تفضل غيابه عن البيت أكثر من وجوده فيه".
وزاد الشاب المتزوج بالقول "ما أثار شكوكي أكثر أن زوجتي صارت أكثر نفوراً من المعاشرة الزوجية، وتشيح عني بوجهها بسبب أو بدون سبب، حتى طال الهجر في الفراش ليمتد إلى أيام وأسابيع عديدة، حيث كانت تتذرع بشتى الذرائع فقط كي لا أحصل على حقوقي الشرعية كزوج".
ولأن الأحداث الكبيرة تبدأ بفكرة صغيرة مجنونة دائماً، قرر هذا الشاب أن يضع كاميرا صغيرة في غرفة نومه بالمنزل، دون أن تشعر الزوجة بذلك، وذلك حتى يهنأ باله من الشكوك التي باتت تذبح صدره يوماً عن يوم، بالرغم من أنه لم يسمع عنها لدى الجيران وفي الحي الذي يقطنه أي سوء.
فجأة..توقف رشيد عن الكلام متسمراً لا يلوي على شيء، كأنه سيتحدث عن أمر اكتشفه لتوه، ثم ما لبث أن رفع بصره إلى أعلى المحكمة، مثل كفيف ضرير يستنجد بضوء خافت من السماء لينير له دربه المظلم..وفجأة أطلق مفاجأة مدوية تكاد الأبدان تقشعر لسماعها.
مرت أيام قليلة فقط بعد نصبه فخ الكاميرا لزوجته "العفيفة"، وفق تعبير الزوج ذاته، حتى تفاجأ بمشهد فظيع ومُخز، تمنى على إثره لو انشقت الأرض، وبلعته بلعاً قبل أن يرى ما رآه بأم عينه في الكاميرا المتلصصة..شاهد زوجته في أحضان رجل غريب غيره، يمارسان الجنس بكل أريحية.. "لكن من يكون هذا الرجل الذي اختارت زوجته أن تدمر بسببه علاقة وثيقة العُرى مثل الزواج؟"..
بعين دامعة أجاب الزوج بزفرة علت صدره: "الرجل الذي كانت تخونني معه زوجتي لم يكن سوى شقيقها، ابن أمها وأبيها، وخال الطفلة الصغيرة"، قبل أن يستدرك بالقول "هذا إذا كانت ابنتي هاته من صلبي بالفعل"، مشيراً إلى أنه "بات يشك بقوة في نسبة الطفلة الصغيرة إليه بعدما شاهده بعينه".
وواجه الزوج زوجته بما شاهده، فلم تجد غير أنها أطرقت رأسها من فضيحة الجرم المشين الذي أقدمت عليه، فيما توارى أخوها عن الأنظار" يقول رشيد متحسراً على زواج كهذا كان من المفترض أن يتنبه إلى مهالكه، خاصة بعد أن وجدها ثيباً لا بكراً".
المفاجأة لم تقف هنا..فالزوج الذي ظن أن دليله المادي بخيانة زوجته، وهو المقطع المُصوَّر بكاميرته الخاصة، سيجعله رابحاً في قضيته التي رفعها ضد زوجته، خاب رجاؤه بعد أن صُدم بملف فارغ من تلك الأدلة التي راهن عليها، حيث قيل له إن الدليل المصور لا تعتد به المحكمة