من بعد 35 عام ديال الخدمة في الطرقان (30 عام منها في أوروبا)، قلت مع راسي الله يجعل شي بركة، وقررت أنني نشد التقاعد ديالي ونرجع للمغرب. الناس اللي كنت خدام عندهوم في إيطاليا هاذ المدة كاملة، دارو ليا حفل تكريم وعرضوا على كاع الناس اللي كانوا خدامين في الشركة، وكجزاء على المجهودات والتفاني ديالي في العمل طيلة هاذ السنوات الليدوزتها معاهوم، عطاوني مكافأة نهاية الخدمة وبزاف ديال الهدايا كعربون شكر وامتنان.
من بعد هاذ حفل التكريم بشي يامات قليلة، عيطات عليا نقابة السائقين المهنيين وخبروني أن الوزارة المكلفة بالنقل بإيطاليا، غادي تعطيني جائزة أخرى سميتها "السائق المثالي"، لأنني وطيلة 30 عام وأنا في إيطاليا عمرني مادرت شي مخالفة ولا ارتكبت شي حادثة. وذاكشي فعلا اللي كان، التحقت بيهوم في مقر البلدية كيما خبروني، وسلموني مبلغ مالي وطوموبيل دايزها الكلام، ودارو معايا روبورتاج في الراديو وحتى التلفازة.
الناس اللي ماكيعرفونيش فاش كايشوفو وجهي أول مرة كايدهشو وكايطيح عليهوم العجب، حيث النصف الأيسر ديال وجهي كحل وفيه التجاعيد، والنصف الأخر أبيض ونقي. وبلا شك حتى أنتوما غادي تسائلو علاش؟ ولكن أنا غادي نجاوبكوم، طيلة مدة الإشتغال ديالي في "الرموك" كنت كانسلك نفس الطريق في المشي ونفس الطريق في الرجوع، وكانت ديما الشمس كاتضربني على الجيهة اليسرى من وجهي، وكاتبقى الجهة الأخرى ماكتوصلهاش الشمس، وبمرور الأيام والشهور والسنين وبلا مانشعر ولا وجهي هاكا.
كان هاذ الأمر كايسبب ليا إحراج في الأول، خصوصا فاش كايبقاو الناس كيشوفو فيا وكايستغربو، ولكن مع مرور الوقت ولا الأمر كايجيني عادي، خصوصا بعدما زرت طبيب ديال الجلد وخرج ليا شي بومادات، ونقصات ذيك الكحولية شوية، على الأقل مابقاتش كيف الأول.
بقيت شي أسابيع قليلة من بعد حفلة التكريم الأخيرة، وشديت الطريق أنا والحاجة مراتي باش نرجعو للمغرب، أما ولادي الثلاثة بقاو في إيطاليا، 2 منهم خدمو في السياقة بحالي، أما الولد الصغير سلك مسار مختلف على خوتو، وقرر أنه يكمل الدراسة ديالو.
رجعنا أنا والحاجة للدوار، اللي حتى حاجة ماتبدلات فيه نهائيا هاذ السنين كاملة، بحالا الزمن جا حتال عندو وتوقف. وبما أنني شديت التقاعد ومابقى عندي مايدار، قررت نقابل ونطور المشروع الصغير ديال تربية الغنم والأبقار اللي كنت دايرو في الدوار، ومخلي ولد عمي مقابلو ليا. فاش كنت مازال في إيطاليا شريت شاحنة باش يبدا ينقل الأبقار والأغنام ويبيعها في أسواق بيع المواشي القريبة من الدوار. الواحد هو اللي يدير باش يرجع.
دابا هاذي شهرين وأنا في الدوار، وكانشوف ذاك "الكاميو" تقريبا كل يوم، وفي كل مرة كايشدني الحنين نرجع نسوق من جديد، ولكن عمرني مازعمت، حتال واحد النهار وقع ليا واحد الموقف خلاني نرجع للسياقة من جديد.
دابا هاذي شهرين وأنا في الدوار، وكانشوف ذاك "الكاميو" تقريبا كل يوم، وفي كل مرة كايشدني الحنين نرجع نسوق من جديد، ولكن عمرني مازعمت، حتال واحد النهار وقع ليا واحد الموقف خلاني نرجع للسياقة.
واحد الصباح، مشيت للمارشي ديال "الفيلاج" باش نتقدى الخضرة لمالين الدار، تفاجأت بالأثمنة الخيالية اللي كانوا كايبيعو بيها: الماطيشة ب 12 درهم، البطاطا ب 9 الدراهم، وحتى من البصلة دايرين ليها 5 الدراهم، واش أنا بصح في المغرب ولا مازال في إيطاليا؟ بقاو فيا غير الناس ديال الدوار مساكن اللي أغلبهم دراوش، ومايقدروش يتقداو لولادهم هاذ السوق.
رجعت للدار طالع ليا الدم وأنا كانهضر غير بوحدي. فاش قربت للدار وهو يبان ليا الكاميو من بعيد وهي تجيني واحد الفكرة. طلبت من ولد عمي "السالمي" يدوز عليه التيو وينظفو بالزربة، وقررت أنني نمشي للبحيرات القريبة من الدوار، ونعمر "الكاميو" كاملو خضرة، ونفرقها على الناس فابور قدام السوق.
وفعلا ذاكشي اللي كان فراسي درتو، ومارجعت للدار حتى خويت كاع الخضرة اللي كانت في "الكاميو" وفرقتها على الناس، واخا هاذشي جبد ليا الصداع والخصومة مع الخضارة، وهددوني أنهم غادي يدعيوني لأنني سببت ليهوم في الخسارة، ولكن حتى أنا واجهتهوم وهددتهوم بأنهم إيلا زادو في أثمنة الخضرة بدون سبب السوق الماجي، غادي نعاود ندير نفس الشيء واللي ليها ليها.
من النهار فاش رجعت المغرب، عمرني حسيت براسي ناشط وفرحان بحال اليوم، ماشي حيث فرقت الخضرة فابور على الناس، ولكن حيث رجعت نسوق "الكاميو" من جديد. حسيت براسي بحال شي حمامة كانت محبوسة مدة طويلة ويالاه طلقوها، الحياة بالنسبة ليا هي الطريق والسوقان. صحيح أنني كنت كانسوق السيارة ديالي يوميا ولكن سياقة الشاحنة شيء مختلف كليا، كانحس بالحرية والسعادة، وذاك النهار قررت أنني نرجع لميدان السياقة من جديد، مادام أن الله مازال عاطيني الصحة، وراكمت تجربة مهنية كبيرة وطويلة.
اتصلت بالحاج مبارك اللي كانت عندي معاه علاقة مهنية فاش كنت في إيطاليا، وتبارك الله عليه رجع للمغرب واستثمر فلوسو في النقل، وولاو عندو بزاف ديال الشاحنات اللي كايمشيو لموريتانيا ومالي. هضرت معاه وقلت ليه أنني باغي نرجع للسياقة من جديد. استغرب للفكرة وبدا كايضحك:
ـ واش أنت مازال مابغيتي تعيا ههه.
ـ راك عارف ألحاج مبارك، أنا السوقان كايسري ليا في الدم، وماكانرتاح حتى كانشوف "الكودرون" قدامي ههه.
فذيك المحادثة ديالي معاه، قدم ليا بزاف ديال النصائح والتوجيهات اللي غادي نحتاج، ولاقاني بشي ناس أخرين فادوني بزاف. دازت أسابيع من بعد شريت فيها رموك كبير، ولقيت راسي شاد الطريق لموريتانيا.
ذيك الرحلة كانت كلها غموض، ذاكشي اللي داز عليا فيها كرهني في السوقان ومايجي منو.
الطريق ديال الصحراء طويلة وصعيبة، وماشي أي واحد يقدر عليها. كنت كانديرها في السنوات الأولى ديالي في السوقان قبل مانمشي لإيطاليا. اليوم واخا الحال كان سخون شوية في الصباح، ولكن برد الجو في الليل وطاحت الضبابة، وبصعوبة وليت كانشوف الطريق، لأن الساحل مابعيدش بزاف.
الطريق مافيهاش الفيراجات والحديد اللي كايدوز منها قليل بزاف وهاذشي كايجيب النعاس، ماكاين لا ديور لا فيلاجات لا قهاوي، غير الرملة و"الكودرون". دزت على تزنيت، كلميم، طانطان، ودابا مازال قدامي الداخلة قبل مانوصل للمركز الحدودي الكركارات أقصى نقطة حدودية للمغرب مع موريتانيا.
شوية وهو يتقطع الراديو اللي كنت كانتونس بيه، وبدات الضبابة كاتزول شوية بشوية، وحتى من الريزو ديال التيليفون مشا، وفجأة وبدون سابق إنذار بان ليا بغل بيض كايجري قاطع الطريق، ماعقلتش على راسي حتى بركت على الفران، ولكن الحمولة ديال الشاحنة والسرعة اللي كنت غادي بيها ماخلاتنيش نحبس الفران بسرعة، وحسيت بالرويضة دازت عليه.
ولكن أش كايدير بغل فهاذ البلاصة الخاوية من الصحراء؟! كون كان جمل غادي يجيني الأمر عادي، واخا الأمر مستبعد الحدوث، أما يخرج لي بغل ووسط الصحاري، فهاذشي اللي ماستوعبتوش.
وقفت الشاحنة ديالي في جنب الطريق وهزيت "البيل"، قلت على الأقل إيلا مات نجرو ونروغو من الطريق لأنه يقدر يفاجئ شي حد أخر، ويسبب في شي حادثة، ولكن هنا كانت الصدمة.
فاش نزلت من الشاحنة مالقيت حتى شي أثر ليه نهائيا، لا جثة لا دم لا والو. قلبت تحت الروايض وفي جنب الطريق مالقيت حتى حاجة. وفذيك الأثناء اللي جاتني الحيرة والإستغراب، سمعت شي صوت بحال ديال شي حديدة طاحت فوق الأرض، تلفت ورايا باش نشوف، بانت ليا سلسلة غليظة وطويلة مرمية في الطريق، والبغل واقف على رجليه وكايشوف فجيهتي، وعينيه كايضويو بحال شي بولات. ماعقلتش على راسي حتى بديت كانجري للشاحنة، سديت عليا وبديت كانقرا في القرآن.
هاذشي عمرني ماصادفتو فحياتي، غادي وكانتلفت فجنابي وجاب ليا الله بحالا شي حد كايراقبني ولا جالس قريب حدايا. فجأة وهو يرجع الراديو يخدم بواحد الصوت قوي بزاف قفزني من بلاصتي، طليت على التليفون لقيت الريزو يالاه رجع ليه، وقررت فذيك اللحظة نعيط على الحاج مبارك نعاود ليه أشطرا. والصدمة كانت قوية فاش جاوبني وقاليا أن شي شيفورات خدامين عندو شافوا نفس ذاكشي اللي شفت، وأنه ماشي بغل وإنما حاجة أخرى.
أشنو ذاكشي بالضبط اللي ضرب الشيفور بنونة؟
موالف فاش كانكون كانسوق كانبدا نغني ولا نردد بعض التراتيل، ولكن هاذ المرة الطريق كاملة وأنا غير ساكت وكانفكر فهاذ الموقف اللي وقع ليا، صحيح أنني كانأمن بوجود الجن ولكن عمرني اعتقدت أنهم يقدرو يتمثلو على صفة حيوان.
وصلت للمركز "الكركرات" وهو أبعد نقطة حدودية بين المغرب وموريتانيا، وقفت الشاحنة في الصف نشد النوبة قبل ماندوز في السكانير ديال الجدارمية. اليوم كاين الزحام بزاف في المركز، وتقدر ماتوصلني النوبة حتى تدوز ساعتين ولا ثلاثة. قلت نزل نشم الهواء شوية ونشرب شي قهيوة، ونحاول ننسى ذاكشي اللي وقع وحتى ذاكشي اللي قاليا الحاج مبارك.
الحاج مبارك فاش اتصلت بيه ووصفت ليه أش وقع، ماكانش بغا يهضر معايا فذاك الموضوع نهائيا، وبدى كايحاول يقنعني أنني مانعمرش راسي بهاذشي، ولكن من خلال النبرة ديال الصوت والطريقة ديالو في الكلام حسيت بيه مخبي شي حاجة.
ولكن فاش بديت كانلح عليه قاليا بأنه ومن خلال ذاك الوصف اللي عطيتيو، فذاكشي اللي صدمتو في الطريق ماشي بغل كيما كان كيسحاب ليا، وإنما بغلة كايسموها "بغلة الروضة" وبالشلحة كاتسمى "تمغارت نسمدال"، وكاتخرج من المقبرة فاش كايطيح الليل، وكاتكون مربوطة بسلسلة ديال الحديد، وكاتبقى تجري حتى كايطلع الصباح.
وزاد شرح ليا أنه حسب المعتقد الشعبي المغربي، فهاذ البغلة كانت امرأة بحال كاع العيالات، ولكن فاش مات ليها الراجل ماشداتش حق الله، وبدات كاتخرج مع الرجال وكادير معاهوم شي حوايج خايبين، ذاكشي علاش الله مسخها بغلة، وأن أي شخص صادفاتو في الخلاء، يا إما كاتخطفو وكاتديه المقبرة كاتدفنو حي، ولا إما كاتقطعو أطراف وكاتاكلو وماكيبقى فيه والو.
أناري أميمتي أش بيني وبين شي بغلة حتى تخرج ليا في الطريق، كيغادي ندير في الرجوع والطريق خاوية غير الصحراء والقفار. أش داني لشي موريتانيا ولا مالي. كون غير بقيت مقابل دويرتي ومعيزاتي أحسن ليا من هاذ الويل...
من بعد 4 ديال السوايع عاد وصلاتني النوبة باش ندوز في السكانير، من بعدها دخلت موريتانيا وبت الليلة في مدينة "أطار" باش في الصباح بكري نشد الطريق لنواكشوط. وذاكشي فعلا اللي كان، فاش وصلت لنواكشوط فرغت الحمولة ديال الشاحنة، رتاحيت شوية وشديت الطريق ديال الرجوع للمغرب، وحتى حاجة ماكانت في بالي غير ذيك المصيبة ديال البغلة.
في الرجوع وعند المركز الحدودي ماتعطلتش بزاف حيث رجعت خفيف وبدون حمولة. وصلت لمدينة الداخلة وقررت أنني ننعس شوية لأن التعب والإرهاق هلكوني. السوقان في الصحراء كايختلف كليا على ديال أوروبا. أوروبا كلها طرق سيارة كاتسوق براحتك وبأقل جهد، أما ديال الصحراء كلها حفاري وضيقة، وشحال من مرة فاش كانتقبل مع شي شاحنة جاية من الجهة المعاكسة، كانكونو ملزمين نجبدو "الريتروفيزور" لعندنا باش مايتزداوش.
قبل مانخرج من الداخلة، حاولت نقنع راسي بأن ذاكشي اللي وقع ليا مجرد تهيؤات، وماكاين لاش نبرزت راسي بالأوهام، وحتى إيلا كان ذاكشي فعلا بصح كيما كايحكيو الشيفورات، هاذشي ماكيعنيش أن ذاك الموقف غادي يتكرر. ولكن وماحدي كانقرب حتى كانحس بقلبي كايضرب وباغي يخرج من بلاصتو.
هاذي 3 ديال السوايع باش خرجت من الداخلة، الجو بارد والضبابة طايحة، ولكن فاش بقات ليا شي 10 ديال الكيلومترات على ذيك البلاصة حتى بدا الجو كايصفى بالتدريج، وحتى من الراديو والريزو ديال التليفون تقطعو تماما كيما وقع في المرة الأولى، وبديت كانتسنى الأسوأ.
مادازش بزاف ديال الوقت حتى بانت ليا واحد الشاحنة قدامي، فرحت بزاف لأنني على الأقل غادي نلقى الوناسة في الطريق، ولكن هاذ الفرحة دغيا غادي تزول وغادي تولي خلعة فاش غادي نقرب ليها.
الشاحنة اللي قدامي كانت غادية بواحد البطء شديد جدا، وماقدرتش باقي نسايرها بنفس السرعة اللي كانت غادية بيها. كلاكصونيت عليها وهي تعطيني الإشارة باش ندوبلها، وذاكشي فعلا اللي درت.
ضوبلتها وأنا كانحاول نشوف شكون الشيفور اللي سايقها، وهنا كانت الصدمة، لقيت أن ماكاين حتى شي حد ورا "الفولون" وأن الشاحنة غادية غير بوحدها. فذيك اللحظة حسيت بجسمي كله كايترعد، وفقدت القوة في يدي ورجلي، حاولت نحافظ على الهدوء ديالي ونكمل "الدوبلاج"، ونحاول نخفي الخوف ديالي.
فاش ضوبلتها حاولت في الأول نشوفها في "الريتروفيزور" غير بنصف عين، لأنه ومن شدة الخلعة ماقدرتش ندور راسي كاملو باش نشوف، ولكن هنا كانت المفاجأة الكبيرة: الطريق ورايا خاوية، والشاحنة اللي يالاه ضوبلتها غبرات بحالا عمرها ماكانت. فقدت القدرة على التركيز، وبديت كاندور ونتلفت في كل الجوايه ساعا ما بان ليا والو، وهنا قررت أنني نزيد في السرعة ونحاول نبعد على هاذ الطريق بأسرع وقت، وبقيت غادي حتى دخلت لمدينة بوجدور، اللي رتاحيت فيها شوية وكملت من بعدها الطريق حتى وصلت للدوار. فاش دخلت للدار كنت مهلوك بالعياء، مشيت مباشرة باش ننعس ومافقت حتى دازت 15 ساعة.
فاش فقت خرجت قدام الدار نشم شوية ديال الهواء ومنها نيت نرجع السينتة اللور، شوية وهو يبان ليا ولد عمي السالمي كايدخل الماعز للزريبة، اللي غير شافني جا سلم عليا، وسولني كيفاش كان السفر. بقينا كانهضرو شوية. طلب مني باش نستنى شوية باش يجيب ليا شي حاجة لقاها مليوحة في اللور ديال الشاحنة ديالي، دخل للزريبة فين كان مخبيها، وجا هازها في يديه، اللي غير شفتها حسيت برجلي خوات، والريق اللي في فمي نشف.
فاش شفتو هاز ذيك السلسلة وجاي لعندي حسيت برجلي خوات، والريق اللي في فمي نشف. ماحدو كايقرب وأنا كانزيد نتأكد أن ذيك السلسلة اللي هاز في يديه، هي نفس ذيك السلسلة اللي طاحت عليها عيني في ذيك الطريق المشؤومة.
بقى السالمي كايهضر معايا، ولكن أنا عقلي كان مرفوع وماكنسمعوش أش تايقول. هاذ البلاء اللي وقع ليا واخا بعدت عليه بمئات الكيلومترات هاهو تابعني حتال داري، أش ندير إيلا ذاكشي بدا يخرج ويبان ليا في الدار. أش قربني لشي طريق وأش داني لشي صحراء؟ بقيت كانهضر غير مع راسي وكانخمم، وكانشوف فذيك السلسلة، حتى حسيت بالسالمي كايحرك فيا.
ـ وا الحاج، مالك ساته واش سمعتي أش قلت ليك؟
ـ أ...شنو؟ سمح ليا ماسمعتكش مزيان، الطريق هلكاتني ومازال خاصني نرتاح شوية، ذاكشي علاش. عاود أش قلتي ليا؟
ـ كنت كانسولك أش ندير لهاذ السلسلة، نرجعها الكاميو ولا ندخلها للزريبة حتى تحتاج ليها؟
ـ سير لوحها فشي بئر، لوحها في البحر، لوحها في الخلا، المهم ماتخليهاش عندنا، واش فهمتي؟
دابا هاذي سيمانة وأنا في الدار غير كانخمم أشنو غادي ندير من بعد، واش نقلب على الشاري ونبيع ليه الشاحنة ونهني راسي؟ واش نقلب على شيفور يخدم فيها؟ إيه علاش لا، حتى هاذي فكرة زوينة، ولكن صعيب نلقى شي حد يتهلا ليا في الشاحنة ويديرها بحالا ديالو. فكرت ولقيت أنني ماغاديش نلقى أحسن من ولد عمي السالمي، الثقة والأمانة والمعقول.
سولتو واش عندو "البيرمي" ديال الرموك، قاليا أنه عندو غير ديال الطوموبيل والكاميو، أما ديال الرموك كان ديما كايفكر باش يديرو، ولكن ماسالاش بسبب الخدمة. في نفس اللحظة جاتني فكرة أخرى، واقترحت عليه أنه يكون المساعد ديالي ويعود يمشي معايا لموريتانيا، أما الشغل ديال الزريبة والغنم غادي نشوفو شي حد أخر يقابلو.
السالمي تحمس بزاف للفكرة ووافق بالزربة، وحتى أنا عجبني الحال لأنه وافق يمشي معايا، لأنه بالإضافة للصدق والأمانة اللي كايتميز بيها، دمو خفيف والواحد ماكايشبعش من هضرتو، وغادي يعاوني ويونسني في الطريق. طلبت منو يقاد الباسبور ديالو وشي وراق، واللي مباشرة فاش قادهوم، لقينا راسنا كانوجدو باش ننطلقو لموريتانيا، وقررت أنني مانعاود ليه والو من ذاكشي اللي وقع ليا في الرحلة الأولى، حيث واخا نعاود ليه ماغاديش يصدقني، وغادي يقول : هذا غير شرف وخرف.
توكلنا على الله وانطلقنا، الجو زوين والطريق كاملة وحنا ناشطين وماحسيناش بالطريق. فاش قربنا نوصلو لذيك البلاصة المشؤومة حسيت بقلبي كايزدح وكنت كانتسنى الأسوء، ولكن الشيء الغريب أن حتى حاجة من ذاكشي اللي كنت خايف منو ماوقعات، وحتى فاش وصلنا لموريتانيا وتمينا راجعين ماوقع والو.
من بعد هاذ الرحلة ولينا كانمشيو بجوج وبصفة منتظمة لموريتانيا وحتى لمالي والسنغال، وعمر ماصادفاتنا شي مشاكل في الطريق، وبديت شوية بشوية كانسى كاع ذاكشي اللي وقع. كان كولشي غادي على أحسن مايرام. حتى لواحد النهار كنت كانوجد باش ننطلق في رحلة جديدة، وتفاجأت باتصال بولد عمي السالمي تايقول ليا فيه أنه مريض بزاف، ومايقدرش يمشي معايا هاذ المرة.
تلفت ماعرفت ماندير وكنت مضطر أنني نمشي بوحدي هاذ المرة حيث مانقدرش نعطل السلعة على ماليها. ذاكشي اللي وقع ليا فذيك الرحلة كان أسوء حاجة وقعات ليا في المسيرة المهنية ديالي كاملة، واللي بسبابها كانت هاذي أخر رحلة ليا للصحراء.
يتبع