قصة الوردة الحمراء : من الاساطير الشعبية الجزائرية


في احدى القرى البعيدة عاش رجل طيب مع بناته السبعة في منزلهم المتواضع ، كانت ام البنات متوفية لذا اهتمت الفتيات بوالدهم وأشغال المنزل خير اهتمام. كان الرجل بسيطاً في حياته لكنه كان قانعاً حامداً لله على كل شيء خاصة وأنه رزقه ببنات جميلات وماهرات اهتممن به ولم يحس بالوحدة ابداً بعد رحيل زوجته.

كانت بناته السبعة يعملن ويساعدن والدهن في كل شيء ولم يشتكين يوماً بساطة حياتهن او صعوبتها ، وكان من عادة والدهن الذهاب لسوق القرية كل اسبوع لشراء حاجات البيت كما كان من عادته ان يسألهن عما يردن من السوق فيطلبن اشياء بسيطة.

!@!
كان الاب يحب بناته السبعة كثيراً لكن البنت الصغرى كانت الاحب إلى قلبه لأنها كانت صغيرة جداً عند وفاة امها فلم تشبع من حنانها لذا كان يشفق عليها ويفضلها اكثر من بناته الاخريات.

ذات يوم عندما كان الاب يهم بالذهاب إلى السوق كعادته سأل ابنته الصغرى عن ماذا تريد ان يحضر لها من السوق فقالت ببراءة وبساطة اريد وردة حمراء لكي اقوم بغرسها يا أبي واشم عبيرها ، فقال الاب حسنا ليكن ما تريدين ، ثم سأل بناته الاخريات ، فقالت الكبرى نريد أيضاً وروداً حمراء ، فقال الاب لا اختكم الصغيرة هي من طلبت وردة حمراء اختارو الواناً اخرى ، عندها طلبت كل واحدة لوناً مختلفاً عن الاخرى ، فاختلفت الالوان بين الابيض والازرق والاصفر والبنفسجي والوردي والبرتقالي ، فوافق الاب وانطلق الى السوق.

بقيت البنات في المنزل بعد ذهاب الاب فقالت البنت الكبرى لماذا دائماً يفضل ابي اختنا الصغيرة حتى طلباتها دائماً مجابة رغم انها لا تعمل إلا اعمالا بسيطة أما نحن فنقوم بكل شيء غسل وطبخ وتنظيف ، فوافقتها اخواتها ، وبدأن يكدن لاختهن الصغرى المكائد.

عاد الاب من السوق وهو يحمل لكل واحدة من بناته الوردة التي طلبتها فقمن بغرسها والعناية بها ، لكن الوردة الحمراء كانت اجملهن فقد كبرت واينعت وكان شذى رائحتها يشم من بعيد فاصبح والدهم يلقب ابنته الصغرى بالوردة الحمراء مما زاد من كره اخواتها لها.

وذات يوم اتفقت البنات على التخلص من الوردة الحمراء فطلبن من والدهن السماح لها بمرافقتهن إلى الحقول للتنزه والتمتع بالطبيعة لكن الاب رفض خوفاً عليها لأنها لا تزال صغيره وقد تؤذي نفسها او تسقط او تتوه في الغابة ، لكن البنات اصررن عليه وهن يؤكدن على العناية بها لأنها اختهن الصغرى المدللة ، فوافق الاب على مضض خاصة وانه شاهد الوردة الحمراء سعيدة بالنزهة مع اخواتها.

انطلقت البنات إلى الحقول وهن يغنين سعيدات تاركات والدهن في البيت وهو قلق ولا يعرف لقلقه سبباً. وعندما وصلت البنات إلى الحقول لعبن وغنين واستمتعن بوقتهن بين الأزهار والفراشات وتعالت ضحكاتهن وعند اقتراب المساء وحان موعد عودتهن التفتت البنات حول اختهن الصغرى التي كانت قد نامت من شدة التعب وهن يخططن للتخلص منها فقالت واحدة منهن لنتركها هنا فتتوه وتضل طريقها ، فقالت اخرى لا بل نتركها في احد الكهوف ، فتكلمت اخرى لا بل ناخذها إلى الغابة ونتركها فتفترسها الحيوانات البرية .. وهنا تكلمت البنت الكبرى قائلة لا هاذا ولا ذاك بل سنقتلها ونتخلص منها نهائياً ، فقالت الاخريات بدهشة نقتلها هذا أمر لا تقدر عليه اي واحدة فينا ، فقالت الكبرى انا استطيع اعرف أنكم جبناء ، وهنا استلت سكيناً كبيراً كانت قد احضرته معها وقامت بحز عنق الوردة الحمراء ثم ساعدتها اخواتها ووضعنها في حفرة واهالوا عليها التراب وكان شيئاً لم يكن رغم خوفهن ورعبهن مما حدث.

تاخرت البنات في العودة للبيت ما أثار خوف والدهم فبقي ينتظر عند الباب وعندما شاهدهن ركض اليهم ليطمئن عليهن فتلقى الخبر كالفاجعة ولم يصدق ان ابنته اختطفها حيوان مفترس وسحبها إلى الغابة رغم محاولة البنات بكل قوتهن مساعدتها لكن الحيوان كان اكثر قوة سرعة واقنعنه بالبكاء والحزن عليها.

صبر الاب على مصابه ووكل أمره الى الله وكأن كل يوم يسقي الوردة الحمراء ويعتني بها كذكرى من ابنته المحبوبة يبقى جالساً قربها حزيناً. وهناك في الحقول حيث دفنت الوردة الحمراء كان احد الرعاة يرعى غنمه وعندما تعب جلس ليرتاح على ربوة صغيرة من التراب وفجأة سمع انيناً حزيناً وصوتاً ضعيفاً يقول ايها الراعي ايها الراعي اياك أن تعطبني انا الوردة الحمراء التي اسالوا دمي.

تفاجا الراعي مما سمع واحس بالرعب وعاود الجلوس ليتاكد من انه لا يتخيل فعاد نفس الصوت ، وهنا ركض نحو غنمه يجمعها ويسوقها بعيداً خوفاً مما سمع .

انتشر خبر الصوت القادم من تحت التراب حتى وصل إلى والد الفتيات عندما كان في السوق فسأل عن المكان فدلوه عليه وذهب مسرعاً وعندما وصل لمس التراب فسمع الصوت الذي لطالما اشتاق اليه قائلاً يا ابي ياابي اياك ان تعطبني انا الوردة الحمراء التي اسالوا دمي وهنا تأكد ان هذه ابنته فسألها من فعل هاذا بك ، فسكت الصوت ، عندها عرف الأب ان بناته هن من فعلن هاذا ، فعاد للبيت واحضرهن جميعاً إلى القبر وطلب من كل واحدة الجلوس امامه ، فجلسن واحدة بعد اخرى ، وكلما جلست واحدة صاح الصوت يا اختي يا اختي اياكي ان تعطبيني انا الوردة الحمراء التي اسلتم دمي ، وعندما وصل دور البنت الكبرى وجلست على القبر صاح الصوت يا اختي يا اختي اياكي ان تعطبيني انا الوردة الحمراء التي اسلتي دمي ، وهنا عرف الاب ان ابنته الكبرى هي قاتلة ابنته المحبوبة فغضب وكاد ان يقتلها لولا ان اهتز القبر وتحرك التراب وخرجت الوردة الحمراء مضرجة بدمائها وسط ذهول الجميع وقالت لوالدها لا يا ابي لقد كشف الله الحقيقة فلا تؤذي اختي انا سامحتها ويكفي انك وجدتني وعرفت طريقي ، فبكت البنات واعترفن بما فعلن وطلبن السماح من اختهن الصغرى التي سامحتهن وعاد بها والدها إلى البيت فعالجتها اخواتها من جراحها واعتنين بها حتى شفيت وعادت المحبة بينهن وعاد والدهن مطمئن البال على بناته السبعة.

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك