يزخر تراثنا الانساني الشعبي بالعديد من القصص و الحكايات العجائبية و الشخصيات السحرية و المخلوقات الاسطورية ، لكن هذه الاساطير ليست مجرد قصص من الخيال ، فبعضها مبني فعلاً على جذور تاريخية , إذ لا يمكن ان تنشأ من العدم إلا نادراً.
و موضوعنا اليوم أعزائي القراء يتمحور حول حيوان اسطوري يدعى بالبازيليسق أو الباسيليكس , وهذا المصطلح يعني حرفياً: "المتتبع" , و هو حيوان خيالي يصور كالزواحف و يعرف بكونه ملكاً للثعابين , و هناك من يقول انه سحلية ضخمة جداً تجمع بين الديك و الزواحف.هذه الخرافة انتشرت بشكل كبير في العصور الوسطى على ان البازيليسق حيوان ذو رأس ديك و يرتدي تاجاً على رأسه و له عيون كعيون الضفادع و اجنحة كاجنحة الخفافيش و جسد تنين! .. و له القدرة على قتل ضحاياه بالنظر إليهم فقط و تحويلهم إلى صخور , و كذا قدرته على الطيران و نفث سم فتاك و قاتل الذي لا يمكنك الشفاء منه سوى بترياق نادر و هو دموع طائر الفينيق الخرافي.
!@!
يعتقد الكثيرين ان البازيليسق مصنوع من الشر الخالص. وقد ورد ذكر هذا المخلوق في العديد من الأساطير الاغريقية و الرومانية , وقيل بأنه حيوان يعيش في مصر و قاتل للتمساح.
أما في المصادر العربية والإسلامية ، فيقول الدميري عنه : "وهو عظيم جداً اذ له وجه كوجه الانسان الذي يصير عليه بعد مرور آلاف السنين عليه. و يقولون أيضاً انه ثعبان ذو رأسين تهابه كل الثعابين عند سماع فحيحه الرهيب".
و تبعاً للأسطورة فإن هذا الحيوان يولد من بيضة ليس لها مح توضع اثناء أيام سبيريوس و تبقى لمدة سبع سنوات حتى العلجوم إلى أن تنفقس و يظهر الوحش.
وحسب الحكايات فإن هناك نوعان من البازيليسق: الذي يحرق كل شيء أمامه و الذي يقتل اي شخص بنظراته المميتة فقط.
و لعل الشهرة الواسعة للبازيليسق مؤخراً أتت من ظهوره في سلسلة هاري بوتر و بالتحديد في جزءها الثاني: "هاري بوتر و حجرة الاسرار" حيث يظهر بأسم بازيليسق توم ريدل , وهو وحش قابع في حجرة الاسرار بمدرسة السحر هوجورتس. اذ قام الساحر سلازار سليذرين بأستولاده و صار خاضعا لسيطرة المعالجات المظلمة التي تستخدم هذا الوحش بغية تطهير العالم من السحرة ذوي الدم غير الصافي.
و يتم استعمال شكل هذا الحيوان كرمز للشيطان او عدو المسيح (Antichrist).
حسب الخرافات فأن عدو هذا الوحش هو رائحة جثة ابن عرس النتنة.
و يرجع اول ظهور لهذا المخلوق عندما استولده الساحر الإغريقي هيريبوا من بيضة دجاجة رقدت عليها ضفدعة.
و لا تنسى عزيزي القارئ ان تحمل معك مرآة صغيرة عند ذهابك إلى الغابة كي تحمي نفسك من البازيليسق فحسب الخرافة فإن رفع المرآة امام عينيه و رؤيته لإنعكاس وجهه يجعله ميتاً في لحظات قليلة. ولا ينبغي لحامل المرآة التحديق في ذلك الوحش مباشرة.
ختاماً فحتى لو كانت هذه الاسطورة مجرد خرافات غريبة غابرة فأنها تبرز ثقافة الشعوب و فلكلورها الشعبي المثير. و من يدري ربما عاش هذا المخلوق على الارض منذ آلاف و الاف السنين و لكن الناس كعادتهم أضافوا اشياء و تشبيهات اخرى من خيالهم ليجعلوا منها مثيرة و صعبة التصديق لتغدو كخزعبلات لا أساس و لا معنى لها.
و ستظل كل الاساطير محفورة في الذاكرة لتحكى للأحفاد القادمين، لان الخرافة لا تموت ابداً.