هو السّموأل بن عاديا ، قيل نسبه في غسان ، وقيل هو من بني الكاهن بن هارون بن عمران عليه السلام ، وإنما كانت أمه غسانية ، وقد ذكرته الشعراء ، وكانت العرب تنزل به فيضيفها وتمتار من حصنه ، وتقيم هناك سوقا كما في الأغاني .
قصة السموأل : أما عن وفائه الذي يضرب به المثّل فكام من حديثه ، أن امرئ القيس بن حجر بن الحرث بن عمرو المقصور بن حجر الأكبر وهو آكل المرار الكندي ، كان والده ملكا على بني أسد بن خزيمة وغطفان فعدوا عليه فقتلوه ، واتصل مقتله بابنه امرئ القيس الشاعر وهو باليمن ، لأن والده طرده آنفا من قوله الشعر والغزل .
رحلة الأخذ بالثأر : فشمر للأخذ بثأر أبيه وسار إلى بكر وتغلب يستنصرهم وساروا معه ، حتى أوقع ببني كنانة يظنهم بني أسد ، فكره من كان معه ذلك وتفرقوا عنه ، حتى بقي في نفر يسير ، وألح المنذر بن ماء السماء في طلبه ، وكان عدواً لأسلافه فصار يستجير بأشراف العرب ، فجاء إلى عمرو بن جابر الفزاري فطلب منه الجوار ، حتى يرى ذات غيبة ، فقال له : يا ابن حجرإني أراك في خلل من قومك وبينك وبين اليمين ذؤبان قيس ، وأهل البادية أهل وبر ليست لهم حصون تمنعهم ، أفلا أدلك على رجل من شأنه كيت وكيت ؟ السموأل وامرئ القيس : فذكر له السموأل وحسن جواره وحصنه فدله عليه ، وعلى من أوصله إليه ، وكان مع امرئ القيس دروع لأبيه كان الملوك من بني آكل المرار يتوارثونها ، ومعه أيضاً بنته هند ، وابن عمه يزيد بن الحارث بن معاوية ، فعرف السموأل لهم حقهم وبني للمرأة قبة من أدم وأنزل الرجال في مجلس له براح ، فكان عنده ماشاء الله .
هلاك امرئ القيس : ثم إنه طلب إليه أن يكتب إلى الحارث بن أبي شمر الغساني بالشام ، ليوصله إلى قيصر ، ففعل واستصحب معه رجلا يدله على الطريق ، وأودع بنته وأدرعه السموأل وخلف ابن عمه يزيد بن الحارث مع ابنته هند ومضى حتى انتهى إلى قيصر ، فقبله وأكرمه وضم إليه جيشا كثيفا فيه جماعة من أبناء الملوك به إلى ملك أبيه ، ثم إن الطماح الأسدي أفسد عليه أمره ، حيث سعى به عند الملك ، بما كان سببا في هلاكه في خبر يطول ذكره .
موت ابن السموأل : وكان المنذر بن ماء السماء ، قد وجه الحارث بن ظالم المري إلى السموأل ليأتيه بمال امرئ القيس وأدرعه ، وقيل إن الذي طالب بأدرع امرئ القيس ، هو الحارث بن أبي شمر الغساني وأنه جاء بنفسه إلى السموأل ، فامتنع السموأل عن إعطاء الأدرع والمال وتحصن بحصونه ، وكان له ابن قد يفع فخرج إلى القنص ، فلما رجع أخذه أحد الحارثين ، ثم قال للسموأل : أتعرف هذا ؟ قال : نعم انه ابني ، فقال : إما أن تسلم ما قِبلك وإما أن أقتله ، فقال : شأنك به فإني لا أخفر ذمتي ، ولا أسلم مال جاري ، فضرب الحارث وسط الغلام فسقط نصفين وهو ينظر ثم انصرف عنه !!.
وفاء السموأل : ثم ان السموأل وافى الموسم بما كان معه من الدروع والمال ، فأسلمه إلى ورثة امرئ القيس ، وقال ذلك :
وفيت بأدرع الكندي إني .
إذا ماخان أقوام وفيت .
وأوصى عاديا يوماً بأن لا .
تهدم يا سموأل ما بنيت .
وقالوا إنه كنز عظيم .
ولا والله أغدر ما حييت.
بنى لي عاديا حصناً حصيناً .
وماءً كلما شئت استقيت.