قصة من روائع القصص العالمية اليابانية ، وتدور أحداث القصة عن إحدى غاويات الهوى ، التي اشتهرت بممارسة الهوى مع الرجال ، وبعد أن أصابها المرض المميت ، كان في جوارها أحد عاشقيها ، وأخذ يتأمل حالتها المتغيرة ويتذكر أنوثتها الطاغية قبل إصابتها بالمرض ، حتى أنه تخيل قناع الموت الذي لا يمكننا التفريق أن كان من يرتديه ذكر أم أنثى ، فالموت حينما يأخذ لا يفرق ، ويسرد الكاتب العالمي القصة كالتالي .
نبذة عن الكاتب : قصة من روائع الأدب الياباني ، للأديب الياباني ياسوناري كاواباتا “Yasunari Kawabata” الحاصل على جائزة نوبل في الأدب عام 1968م ، ولد في أوساكا باليابان في 14 يونيو عام 1899م ، بداية كتاباته أثناء دراسته الجامعية في جامعة طوكيو الإمبراطورية ، ففيها نشر قصته القصيرة الأولى مشهد من جلسة أرواح ، وتوفي كواباتا في 16 ابريل عام 1972م .
القصة :
لم يدر كم كان لها من العشاق من قبله ، ولكنه كان من الجلى ، على أي حال ، أنه سيكون العاشق الأخير ، لأن حتفها كان يدنو وئيدا منها ! لو أنني علمت أنني سأموت سريعاً على هذا النحو لتمنيت ، أن ألقى حتفي في تلك الأيام الخوالي … ابتسامة وذكريات : ابتسمت ابتسامة مشرقة ، وهي تقول هذه الكلمات ، وحتى فيما هو يحتضنها ، بدت النظرة المرتسمة في عينيها ، وكأنها توحي بأنها تستعيد ذكرى الرجال العديدين الذين عرفتهم ! حتى فيما النهاية توشك على الحلول ، فإنها لا تستطيع نسيان جمالها ، ولم يكن بمقدورها نسيان قصص حبها العديدة ، ولم تدرك أن هذا جعلها تبدو متألمة .
القتل : أراد الرجال جميعاً قتلي ، وعلى الرغم من أنهم لم يصارحوني بذلك ، إلا أنهم أرادوه في قراره أنفسهم ، لم يستشعر الرجل الذي كان في يحتضنها القلق حول أنه سيفقدها ليظفر بها آخر ، ولذا فربما كان محظوظاً بالمقارنة بعشاقها السابقين الذين عرفوا العذاب ، وهم يدركون أنه ما من سبيل للاحتفاظ بقلبها إلا بقتلها .
ولكنه أحس بالتعب وهو يحتضنها ، لقد طاردت الهوى الجارف على الدوام ، وحتى بعد مرضها ، لم يكن بوسعها الرقاد في سلام ، ما لم تستطع الشعور بذراعي رجل حول عنقها أو على صدرها .
الوحدة : تفاقمت حالتها على نحو تدريجي ، أمسك بقدمي ، فهما تشعران الوحدة على نحو لا أستطيع احتماله ! استبد الشعور بالوحدة بساقيها ، كأنما الموت يزحف على أطراف أصابع قدميها ، جلس عند طرف فراشها ، وأمسك بإحكام قدميها ، كانتا باردتين كالموت .
قداسة الموت : عندئذ وبلا توقع ، ارتجفت كفاه على نحو غريب ، كان بمقدوره أن يحس بالمرأة المتقدة حيوية عبر قدميها الصغيرتين ، نقلت هاتان القدمان الصغيرتان النشوة ذاتها ، إلى راحتي الرجل ، التي أحس بها وهو يلمس باطن قدمها الدافئة المتعرقه ، داخله شعور بالخجل من جراء إحساسه هذا الذي لطخ قداسة موتها .
غوايات الهوى : ولكنه إذا ما راح يتساءل عما إذ كان طلبها هذا بإمساك قدميها ربما كان اللجوء الأخير من جانبها إلى غوايات الهوى ، تفاقمت خشيته من أنوثتها التعسة ، إنك تحسب أن هناك شيئاً يفتقر إليه هوانا ، الآن بعد أن لم تعد هناك حاجة للغيرة ، ولكنني عندما أموت فإن موضوع غيرتك سيتجلى للعيان يقينا ، من مكان ما… قالتها ولفظت نفسها الأخير ! وكان الأمر على نحو ما قالت ، أقبل ممثل في المسرح الجديد إلى السهرة بجوار جثمانها ، ووضع لمسات من التجميل على وجه الميتة ، وكأنما ليبعث إلى الحياة من جديد الجمال المنتعش المتوهج بالحيوية ، الذي كادت تلك المرأة تحظى به خلال حبها له .
قناع الموت : في وقت لاحق أقبل فنان ليضع الجص على وجهها ، تمهيداً لإبداع قناع يحمل ملامحها ، وجعلت لمسات التجميل التي أضفها الممثل من قبل وجه المرأة ، متدفقاً بالحيوية للغاية ، بحيث أنه بدا كما لو كان فنان قد غطى المرأة بالجص ، حتى الموت ، من جراء غيرته من الممثل ، وأبدع قناع الموت لكي يتذكر محياها .
معركة الحب المستمرة : وإذ رأى الرجل أن معركة الحب التي أحاطت بالمرأة ، لم تنته بعد موتها ، فقد أدرك أن حتى موتها بين ذراعيه لم يكن إلا انتصاراً عابراً أجوف ، وراح يفكر في هذا وهو ينطلق إلى دار الفنان ليحصل منه على قناع الموت .
النار المتقدة : ولكن قناع الموت بدا شبيها بالمرأة ، وكذلك شبيها بالرجل ، بدا كأنه لفتاة وكذلك لعجوز طاعنة في السن ، وتردد صوت الرجل ، وكأنما النار المتقدة من صدره قد خمدت ، وهو يقول : هذا قناعها ، ولكن ليس بقناعها ، وفي المقام الأول ليس بوسعي أن أحدد إذا كان لرجل أو لامرأة .
القناع والأنوثة الطاغية : تحدث الفنان وقد كست الكآبة ملامحه : ذلك صحيح ، فلو أنك نظرت إلى قناع الموت من دون أن تعرف قناع من هو ، فإنك لا تستطيع بصفة عامة ، أن تحدد جنس صاحبه ، وعلى سبيل المثال ، فإنه في حالة وجه قوي كوجه بيتهوفين ، إذا حدقت في قناع موته ، فإنه يبدأ باتخاذ شبه وجه امرأة ، .
ومع ذلك فقد ظننت أن قناع وجهها سيكون أنثويا ، حيث أنه لا من امرأة كانت تفوقها في أنوثتها ، ولكنها شأن الآخرين جميعاً ، لم تستطع إلحاق الهزيمة بالموت ، فالتمييز بين الجنسين ينتهي بالموت .
موت ودراما فاجعة : كانت حياتها بأسرها دراما فاجعة ، قوامها نشوة كونها امرأة ، وحتى اللحظة الأخيرة ، كانت امرأة مفعمة بالأنوثة ، مد يد ، وقد ساوره شعور كأنما انتهى كابوس عانى منه وأضاف : إذا كانت في نهاية المطاف ، قد نجت من هذه المأساة ، فإن بوسعنا إذن أن نتصافح الآن .
ها هنا أمام قناع الموت هذا ، الذي لا نستطيع فيه أن نميز فيه الذكر من الأنثى .