قصة الجسر ” Old Man at the Bridge ” من روائع الأدب الأمريكي تحكي عن رجل يجلس على الجسر يراقب هجمات العدو ويلتقي بعجوز لتبدأ القصة .
نبذة عن المؤلف : للكاتب الأديب إرنست همينغوي ” Ernest Miller Hemingway ” ، ولد في 21يوليو عام 1899م ، في أوك بارك – إلينوي – الولايات المتحدة ، كان شغوفاً بالرياضة والصيد ، بدأ الكتابه حينما كان في المدرسة الثانوية عام 1917م ، وعاش في باريس ، كباقي أدباء وفنانين العالم بشكل عام وأدباء وفناني أمريكا بوجه خاص .
أصدر له أول كتاب في عام 1922م بعنوان ثلاث قصص وعشر قصائد ، ثم أتببعها بمجموعة من الروايات ومنها : في زماننا ، دفقات ربيع ، الرجل العجوز والبحر ، وغيرها… ، وقد منح جائزة نوبل للآداب عام 1954م ، توفي منتحراً بطلق ناري ، في منزله في آيداهو ، في 2يوليو عام 1961م .
جلس رجل عجوز بنظارة فولاذية الاطار ، وملابس مغبرة جداً على جانب الطريق ، كان هناك جسر عائم قد أقيم فوق النهر ، فعبرته عربات وشاحنات ورجال ونساء وأطفال .
الجنود والجسر : كانت العربات المجرورة بالبغال تتمايل صاعدة الضفة المنحدرة من الجسر ، والجنود يساعدون بدفعها من أشعة عجلاتها ، كما كانت الشاحنات تصر صاعدة ومبتعدة ، وهي تدفع عن طريقها كل الفلاحين ، الذين كانوا يمشون بتثاقل على طول الطريق وأقدامهم تغوص حتى كواحلها في التراب ، لكن العجوز جلس هناك بلا أية حركة ، كان تعباً جداً إلى حد أنه لم يستطع السير إلى مسافة أبعد .
المهمة : كانت مهمتي أن أعبر الجسر وأستطلع رأس الجسر من الجهة الأخرى وأكتشف إلى أي حد تقدم العدو ، قمت بهذا العمل وعدت فوق الجسر ، لم تكن هناك عربات كثيرة ، وكان هناك القليل جداً من المشاة ، لكن العجوز كان مازال هناك .
سألته : من أين أتيت ؟.
أجاب : من سان كارلوس .
وابستم ، كانت تلك بلدته فأثار ذكرها سروره فابتسم ، قال موضحاً : كنت أعتني بالحيوانات ، قلت له دون أن أفهمه تماماً : أووه ، فقال : نعم ، ظللت أعتني بالحيوانات كما ترى ، كنت آخر من غادر بلدة سان كارلوس .
مراقبة الجسر : لم يكن يبدو كراعي غنم أو بقر ، نظرت إلى ملابسه المغبرة السوداء ، ووجهه المغبر الأشيب ونظارته الفولاذية الاطارات ، ثم قلت : أية حيوانات كانت ؟.
قال : حيوانات مختلفة …وهز رأسه : كان يجب أن أتركها .
كنت أراقب الجسر ، وأرض دلتا إيبرو الشبيهة بأرض إفريقية ، وأنا أتساءل : كم من الوقت سيمضى قبل أن نرى الأعداء ، فأصيخ السمع طيلة الوقت لالتقاط أول ضوضاء ، تشير إلى وقوع الحدث الغامض المسمى التماس بينما كان العجوز لا يزال جالساً هناك .
سألته : أية حيوانات كانت ؟.
قال موضحاً : كان هناك ثلاث حيوانات ، كانت ثمة عنزتان وقطة وكانت هناك أربعة أزواج حمام .
سألت : وكنت مضطراً لبيعها ؟! قال : نعم ، بسبب المدفعية ، طلب مني النقيب أن أرحل بسبب المدفعية ، سألته وأنا أراقب نهاية الجسر البعيدة حيث كانت آخر بضع عربات ، تسرع هابطة منحدر الضفة : وهل لديك أسرة ؟ أجب : لا ، فقط حيوانات التي ذكرتها لك ، القطة ، ستكون في أمان طبعاً ، فالقطة تستطيع أن تدبر أمرها ، لكنني لا أستطيع أن أتصور ما سيحل بالحيوانات الأخرى !! بلا سياسة : سألته : ما هي سياستك ؟ قال : أنا بلا سياسية ، إنني في السادسة والسبعين ، لقد قطعت إثني عشر كيلو متراً وأظن بأنني لن أستطيع أن أسير إلى مسافة أبعد ، قلت : هذا ليس مكاناً مناسباً لتتوقف فيه ، إن استطعت السير فهناك شاحنات علي الطريق الذي يتفرع ليتجه إلى تورتوسا .
قال : سأنتظر وهلة ثم أذهب ، أين تذذهب الشاحنات ؟ قلت له : نحو برشلونة ، قال : لا أعرف أحداً في ذلك الاتجاه لكن أشكرك جزيلاً ، أشكرك جزيل الشكر مرة أخرى .
الضفة البعيدة والمدفعية : نظر إليّ نظرة خاوية ، وتبعه جداً ثم قال ليشاركه شخص ما قلقه .
القطة ستكون على ما يرام ، أنا متأكد ، لا داعي للقلق على القطة ، لكن الحيوانات الأخرى ، ما الذي تراه بالنسبة للحيوانات الأخرى ؟ لماذا من المحتمل أن تخرج سالمة ، أترى هذا ؟ ، قلت وأنا أراقب الضفة البعيدة حيث لم تعد فيها أية عربات ، لم لا ؟ لكن ، ما الذي ستفعله تحت قصف المدفعية في حين طلبوا مني ترك المنطقة بسبب المدفعية؟.
سألت ، اترك باب قفص الحمام مفتوحاً ؟ سيطير إذن ، نعم ، سيطير بالتأكيد ، لكن الحيوانات الأخرى ، يحسن ألا أفكر بالحيوانات الأخرى ، حثثته قائلا : إن استرحت أنت فإنني سأذهب ، انهض وحاول السير الآن ، قال : شكراً لك .
النهاية : نهض واقفاً ، فتمايل من جانب إلى آخر ثم جلس على التراب في الخلف ، قال ببلادة ، لكنه لم يعد يوجه كلامه إليّ : كنت أعتني بالحيوانات فقط ، كنت أعتني بالحيوانات فقط ، لم يكن هناك ما يمكن فعله له ، كان اليوم يوم أحد الفصح والفاشيون يتقدمون نحو إيبرو ، كان يوماً رمادياً مكفهراً ملبداً بسقف من الغيوم ، فلم تحلق طائراتهم ، فكانت تلك الحقيقة ، وحقيقة أن القطط تعرف كيف تدير أمورها ، كل ما سيحالف ذلك العجوز من حظ حسن .