أشرق صباح يوم جديد على تلك المزرعة التي تمتلئ بالحيوانات والطيور، ودخل صاحب المزرعة كعادته كي يضع الطعام لحيواناته التي هجمت على الطعام من شدة الجوع، وما هي إلا لحظات حتى انتهى الطعام ومازالت الحيوانات جوعى لم تشبع بعد..
لقد كان صاحب المزرعة رجلاً بخيلاً يريد أن يوفر من طعام الحيوانات فلا يطعمها جيداً على الرغم أنها تتعب وتتحمل طوال اليوم العمل الشاق فى المزرعة من حرث الأرض وتشغيل الساقية وحمل البذور على ظهورها لمسافات طويلة والعودة بثمار الفاكهة.. ورغم هذا فإن هذا الفلاح البخيل لا يضع لهم إلا القليل من الطعام، فلم يشعروا بالشبع مرة واحدة منذ أن اشتراهم للعمل فى المزرعة..
وهنا قالت البقرة وهي تتلوى من الجوع: ما رأيكم يا أصدقائي .. إلى متى سنصبر على هذا الرجل البخيل!؟ إنه لا يعلم شيئاً عن الرأفة بالحيوان، إننا نعمل بالمزرعة ليل نهار دون كلل أو ملل ورغم هذا لا يعطينا ما نستحقه من طعام!! ما رأيكم لو علمنا هذا البخيل درساً لا ينساه ؟
وهنا قالت الدجاجة في حيرة: وماذا نستطيع أن نفعل نحن الحيوانات الضعيفة أمام ذلك الرجل القاسي القلب الذي لا يرحم الحيوانات التي تساعده؟ ردت عليها البقرة في اهتمام: أنا سوف أمنع لبني منذ اليوم عن هذا البخيل ولن يشرب مني لبناً طازجاً يغذيه بعد اليوم.
وهنا قالت الدجاجة هي الأخرى أنا أيضاً سوف أمتنع عن البيض ولن أبيض له بعد الآن ولن يجد بيضاً لذيذاً يفطر به كل صباح.
وهنا نهق الحمار قائلاً وأنا لن أجعله يركبني أو يحمل على ظهري أدوات المزرعة بعد اليوم ولن أسير خطوة واحدة إلا بعد أن يحسن معاملتنا.
وتدخل الديك فى الحديث قائلا: أما أنا فلن أصيح عند الفجر لأوقظه مثل كل يوم كى يذهب للمزرعة، سأمتنع عن إيقاظه منذ اليوم.
واتفقوا جميعا على هذا الرأي.
وعندما أشرق شمس اليوم التالي مضى الوقت دون أن يستيقظ البخيل صاحب المزرعة، وحينما استيقظ ونظر إلى قرص الشمس وجد أن الوقت قد تأخر كثيراً فغادر فراشه في سرعة وهو ينظر من الشباك إلى الديك الذى يقف في المزرعة وصرخ قائلا: لماذا لم تصح أيها الديك لتوقظني!! سوف أعطيك درساً قاسياً حتى لا تهمل عملك منذ الآن ولكن بعد أن أتناول إفطاري.
واتجه الفلاح البخيل إلى المزرعة وحاول كثيراً أن يحلب البقرة ولكن دون فائدة!! ظل يحاول ويحاول دون أن يحصل على قطرة لبن واحدة
وهنا شعر البخيل بالغضب وأخذ يصرخ: ماذا حدث!؟ كل يوم أحصل منك على الكثير من اللبن اللذيذ وهذا اليوم لا توجد قطرة لبن واحدة أفطر بها!! لا بأس سأكتفي ببيضة من هذه الدجاجة.
وما هي إلا دقائق حتى اكتشف أن الدجاجة لم تضع بيضاً هذا اليوم وهنا لم يتمالك البخيل غضبه وأخذ يصرخ من شدة الغضب.
ومر اليوم الأول بدون طعام وبطنه تتلوى من الجوع وفى اليوم التالي حدث نفس الشيء، وظل هكذا لمدة أسبوع.
وهنا شعر البخيل بالقلق على الحيوانات فذهب إلى الطبيب البيطري كي يكشف على حيوانات المزرعة وحينما انتهى الطبيب من كشفة نظر إلى البخيل في دهشة وهو يقول: حيواناتك ضعيفة جداً.. يبدو أنك لا تعطيها ما يكفيها من طعام!؟
وهنا صرخ البخيل: أيها الطبيب أنا أعطيها ما يكفيها كي تعمل في الحقل ورغم هذا فهي لا تعطيني اللبن والبيض كعادتها والديك لا يوقظني عند الفجر كالعادة.
وهنا قال الطبيب في حكمه : يبدو أنك لا تعلم أن الحيوان يحتاج أن يشعر بالشبع حتى يعمل بنشاط ويعطيك لبناً وبيضاً كما تريد، والحيوان يأكل على قدر حاجته وعندما يشبع فهو لا يلتفت إلى الطعام مهما وضعت أمامه.
ضع لهم الطعام الوفير واتركهم كي يستريحوا يوماً في الأسبوع من عناء العمل وستعود لهم صحتهم إن شاء الله.
وهنا قال البخيل في لهفة: ويعود للبقرة اللبن وللدجاج البيض وللديك الصياح؟
أجابه الطبيب فى ثقة: نعم وسيعملون بجد ونشاط أكثر مما اعتادوا.. اِهتم أنت بهم وسترى كيف يهتمون بك.
وبالفعل نفذ البخيل ما أشار به الطبيب وما هي إلا أيام حتى عادت البقرة تعطيه لبنها
والدجاجة تعطيه بيضها وعاد الديك للصياح كل يوم وقد تعلم البخيل منذ ذلك اليوم درساً لن ينساه.. إذا أراد أن يأخذ فيجب أن يعطي أولاً..
ولقد أعطى الحيوانات فلم تبخل عليه هي أيضاً وأعطته اللبن والبيض الذيذ.