كان عمار يحبّ مراقبة راعي الغنم الموجود مع خرافه على التلة المطلة على شرفة بيته.
فما إن يفتح عمار عينيه حتى يذهب إلى النافذة ليراقب الراعي النشيط مع خرافه الجميلة.
في أحد الأيام سمع عمار صوت الخراف وهي تتراكض هنا وهناك.
ركض عمار إلى النافذة فوجد الخراف تركض إلى جهة الراعي، وهي خائفة من الذئب الذي كان يقترب منها.
ركض الراعي وأخذ عصاه الغليظة، وأخذ يهشّ الذئب كي يبتعد عن الخراف المذعورة.
ابتعد الذئب وهو يجرّ أذيال الخيبة، لأنه لم يستطع صيد أحد الخراف.
وهكذا في كل يوم، تتراكض الخراف إلى راعيها كي يحميها من الذئاب المفترسة.
في أحد الأيام جاء جزّار الحارة ليشتري خروفاً من الراعي، أمسك الراعي بالخروف وأخذ يداعبه ويربّت على صوفه بحنان، ثم أعطاه للجزار الذي أخذه وانطلق به إلى دكانه.
سار الخروف مطمئناً هادئاً مستسلماً للجزار مطأطأ رأسه، فقد شعر بالفرح عندما داعبه صديقه الراعي.
لحق عمار الجزار ليرى ما سيصنعه بالخروف، فإذا بالجزار يأتي بسكين حادة ويأخذ برقبة الخروف يجرّه كي يذبحه ويبيعه للناس.
كان الخروف مستسلماً، فلم يستنجد بصاحبه الراعي كعادته عندما يهاجمه الذئب، لأنه ظنّ أن الجزّار يداعبه كصديقه الراعي.
حزن عمار لموقف الخروف وسأل أباه عن سبب استسلام هذا الخروف للجزار، فقال له أبوه: يا بني.. هذا الخروف استسلم للراعي منذ كان صغيراً، فقد رآه يدافع عنه ويُبعد عنه الذئاب المتوحشة، فظن أن الراعي سيحميه طوال العمر، ولم يعلم هذا الخروف المسكين أن الراعي كان يدافع عنه كي يكبر ويبيعه للجزار.
قال عمار: إذن كان الراعي يبغي مصلحته هو كي يبيع الخراف ويقبض ثمنها، وليست المحافظة على الخراف من الذئاب؟؟
قال أبو عمار: لذا يا حبيبي الله أعطانا العقل لنميّز به ما ينفعنا وما يضرنا، ولا يجوز أن نستسلم لشخص غريب حتى وإن أظهر حبه لنا، لذا علينا أن نثق بالآخرين، ولكن أن نكون حذرين جداً، كي لا نصبح فريسة للغرباء كهذا الخروف المسكين.