قتلَ "عبد الله" العبّاسي، 38 ألف مسلم بعدَ أنْ دمّر الدّولة الأموية وأسّس الدولة العبّاسية، ودخل بخيله مسجد بني أُمَيّة! ولُقِبّ تاريخياً (بالسفاح).
دخل قصرهُ وقال: أَتَرَونَ أَحَد مِن النّاس يُمكِن أن يُنكِر عليّ؟!
قالوا له: لا يُنكِر عليك أحد إلا الأوزاعي!
فأمَرُهم أْن يُحضِروه.. فلمّا جاؤوا الإمام الأوزاعي..
قام -رحمهُ الله- فاغتسل ثم تكفّنَ بكفنِه، ولبس فوقهُ ثوبه! وخَرَج من بيتِه إلى القصر..
فأمر الحاكم وزراءه وجُندَه أنْ يقفوا صفّين عن اليمين والشّمال وأن يرفعوا سيوفهم في محاولةٍ لإرهاب العلاّمة الأوزاعي -رحمه الله-.
ثم أمرهم بإدخاله..
فدخل عليه -رحمه الله- يمشي في وقار العلماء وثَبَات الأبطال.. و يقولُ عن نفسِه: (والله ما رأيتهُ إلا كأنه ذُبابٌ أمامي يوم أنْ تصوّرتُ عرشَ الرّحمن بارزاً يوم القيامة، وكان المُنادي يُنادي فريقٌ في الجنة وفريقٌ في السعير.. والله ما دخلت قصرهُ، إلا و قد بعتُ نفسي من الله عز وجل
فقال له الحاكم "السّفاح": أأنت الأوزاعي؟
فرد عليه بثبات: يقول الناس أني الأوزاعي!
إغتاظَ الحاكم وأرادَ إهلاكَه، فقال: يا أوزاعي، ما ترى فيما صَنعنا من إزالة أيدي أولئك الظلمة عن العِباد والبِلاد؟ أجِهاداً ورِباطاً هو؟
فقال: أيها الأمير! يقول رسول الله يقول: «إنّما الأعمال بالنّيات، وإنما لكل امرئ ما نوى».
دهشَ الحاكم من هذه الإجابة المُسدَّدة!
فضرب بالخَيزرانة على الأرض، ثم قال: ما ترى في هذه الدماء التي سفكنا مِن بني أُميّة؟
فما كانَ ردّهُ -رحمه الله- ؟!
قال: حدّثني فلان عن فلان عن جدّك -عبد الله بن عباس- أنّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: {لا يحلُّ دمُ امرئٍ مسلمٍ يشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وأنّي رسولُ اللهِ، إلا بإحدى ثلاثٍ: النفسُ بالنفسِ، والثّيِّبُ الزاني، والمفارقُ لدِينِه التاركُ للجماعةِ}
فغضب الحاكم جداً.. ورفَعَ الأوزاعِي عِمامته حتى لا تعوق السّيف.. وتراجعَ الوزراء للوراء، و رفعوا ثِيابهم حتي لا يصيبهم دمه!
فقال له وهو يشتاطُ مِن الغَضَب: ما ترى في هذه الأموال التي أُخِذت، وهذه الدُّور الّتي اغتُصِبت؟
فقال له -رحمهُ الله-: إن كانتَ في أيديهم حراماً فهي حرامٌ عليك أيضا، وإن كانت لهم حلالاً فلا تحل لك إلا بطريق شرعي. وسوفَ يُجرِّدُك اللهُ يوم القيامة ويُحاسِبك عُرياناً كما خَلَقك فإن كانت حلالاً فحساب وإن كانت حراما فعقاب.
فزاد غيظَ الحاكم أكثر وأكثر.. والإمام يردد جهراً: حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم..
فقال له: أخرج عليّ ورماهُ بصرّة مال ليأخُذها فرفض الإمام أخذها، فأشار عليه أحد الوزراء بأخذها..
فأخذها من يدِه و نثرها أمامه في أثواب الوُزراء والحاشية، ثم ألقى الكيس وخرجَ مَرفوع الرأس قائلاً: ما زادني الله إلا عزةً وكرامة
ولما مات الإمام الأوزاعي -رحمه الله- ذهب الحاكِم إلي قبره وقال: والله إني كنتُ أخافك كأخوفِ أهل الأرض، وما خِفتُ غيرك. والله إني كنت إذا رأيتك رأيت الأسد بارزاً!!
يوم أن كان علماؤنا لا يرضون الدنية فى دينهم ولا يظهرون على الدين أحدا ولو كان رئيسا..