كومونة باريس هو اسم أُطلق على الحكومة الديمقراطية الشعبية ، التي تولت سلطة الحكم على باريس من 18 مارس وحتى 28 مايو لعام 1871م وقد وصفها ماركس ، بأنها نموذج الحكومة الثورية الاشتراكية
ذلك لأن كومونة باريس ، قد أدارت كل ما يتعلق بالسلطة ، من خلال قرارات وسياسات اشتراكية ، اتجهت نتائجها لصالح العمال الباريسيين ، وذلك لفترة امتدت لشهرين ، قبل أن يستعيد الجيش الفرنسي ، زمام الأمور ويعيد لحكومة فرنسا سلطاتها مرة أخرى ، وقد أدت المواجهات بين العمال والجيش الفرنسي ، إلى ذبح آلاف العمال في تلك الفترة
أحداث أدت إلى كومونة باريس :
بالطبع لكل حدث بداية ، وكانت بداية تشكيل حكومة الكومونة بباريس ، عقب الأحداث التي وقعت بين كل من فرنسا والجيش البروسي ، الذي حاصر باريس العاصمة في الفترة ، من سبتمبر 1870م وحتى يناير 1871م ، تمت على إثرها عقد هدنة بين الطرفين ، عقب انتهاء الحصار والاقتتال باستسلام جيش فرنسا ، أمام الجيش البروسي
كان في هذه الفترة الآلاف من العمال ، الذين عانوا لفترات طويلة من التضييق الاقتصادي عليهم ، بسب الحرب إلى جانب معاناتهم من النظام الرأسمالي ، فحُرموا اقتصاديًا وتم قمعهم لصالح النظام الحاكم ، وكان الكثير منهم قد عملوا جنودًا ، في صفوف الحرس الوطني ، الذي قام بحماية العاصمة باريس ، إبان فترة الحصار البروسي لها
وخلال الفترة الحرجة ، التي مرت بها باريس وإبان فترة توقيع الهدنة مع البروسيين ، خشي العمال عودة النظام الملكي لفرنسا مرة أخرى ، خاصة وأن بعض الملوك ، كانوا على قيد الحياة ، ويعملون كجزء من الحكومة الفرنسية ، فاقترحوا تشكيل ما عُرف بالكومونة الفرنسية ، والتي دعمها الكثير من أعضاء الحرس الوطني ، لتبدأ المواجهات بين أعضاء الكومونة ، والجيش الفرنسي ، وتتم السيطرة للكومونة على مبان ومخازن الأسلحة داخل باريس العاصمة
ولم تكن تلك المواجهات وليدة اللحظة ، بل سبقتها قبيل عقد الهدنة ، العديد من التظاهرات للعمال الفرنسيين ، يطالبون فيها الحكومة بإخضاع الدولة ، لنظام ديموقراطي يضمن للجميع حقوقهم ، لتتصاعد حدة التوتر بين الطرفين ، ممن يطالبون الحكومة بسياسات جديدة ، ومن يعملون في إطارها بالفعل ، لتقع في تلك الفترة ، أول محاولة للاستيلاء على مباني الحكومة الباريسية ، ويتم تشكيل حكومة جديدة بدلاً عنها
ولم تتوقف تلك التظاهرات والمطالب ، حتى عُقدت الهدنة مع البروسيين ، وتبلغ التظاهرات ذروتها في 18 مارس 1871م ، يوم تم تشكيل حكومة الكومونة
كومونة باريس تحكم لمدة شهرين :
عقب أن تمت السيطرة لمجموعة الكومونة ، على مبان الحكومة بدؤا في تشكيل حكومتهم الدموقراطية ، واختيار حاكمًا للشعب الفرنسي ، يهتم بمصالح العمال منهم ، فتم الاختيار بين 60 مرشحًا ، من بينهم رجال الأعمال ومشاهير الصحافة ، والكتّاب والعلماء
إلى أن تم الاتفاق في النهاية ، بعدم السيطرة لشخص واحد ويتم اتخاذ القرارات ، بالاستشارة فيما بينهم ، فأطلقوا على مجموعتهم اسم الكومونة ؛ التي حكمت بين الشعب سواسية وعدم التفرقة فيما بينهم
وكان من أهم قرارات حكومة الكومونة ، إلغاء التجنيد الإجباري ، مع إلغاء عقوبة الإعدام والعمل الليلي بمخابز العاصمة ، إلى جانب صرف رواتب ومكافآت لذوي العمال الراحلين ، دفاعًا عن الكومونة ، مع إلغاء جديد للفوائد التراكمية على المديونين ، مع استصدار بعض القوانين التي تحمي العمال ، وحقوقهم
دعت الكومونة بتأسيس عددًا من الكومونات ، في مدن أخرى بخلاف العاصمة ، وأقرت بفصل الدين عن السياسة وأن ما تملكه الكنيسة ، هو ملك للجميع وأن الدين ، يمثل جزء من التعليم وليس الحكم
تجربة اشتراكية قصيرة :
لم تدم تجربة الكومونة سوى شهرين فقط ، استطاع بعدها الجيش الفرنسي أن يشن هجومًا قويًا ، على أعضاء الكومونة ، وهاجموا العمال وذبحوا وقتلوا الكثير من المدنيين ، منهم نساء وأطفالاً ، وأعدموا الآلاف من العمال المطالبين باستمرار الكومونة ، خلال أسبوع لقّب بالأسبوع الدموي ، ليتم دفن الآلاف في مقابر جماعية حول المدينة ، وعمل نصب تذكاري لهم عقب انتهاء كومونة باريس