من منا لا يستعمل الأقلام بأنواعها المختلفة ، إنها أداة بسيطة لكنها عظيمة النفع ، حيث يصعب حصر منافعها وأماكن استخدامها ، لكن هل فكرت في كيفية صناعتها ، وفي المراحل التي مرت بها في العصور المختلفة ، وكيف كتب القدماء قبل صناعتها التي بين أيدينا اليوم ؟تقف كثيرٌ من التجارب والعمل الشاق وراء صناعة الأقلام ، ولا عجب في ذلك فإن كثيرًا من الصناعات حتى وإن بدت بسيطة ، يقف وراءها الكثير من العمل الجاد الذي قام به المبتكرون لتسهيل حياة الناس الذين يأتون بعدهم .نبذة تاريخية عن أدوات الكتاب عبر الزمن :
كان الناس قديمًا يكتبون ليسجلوا أحاسيسهم المختلفة ، ولكن اختلفت أدوات الكتابة كما اختلفت الأحبار ، وتذكر لنا المصادر التاريخية ، أن الناس قديمًا كانوا ينقشون على الحجر لتسجيل ملاحظاتهم ، كما استخدموا دماء الحيوانات كأحبار ، ثم استخدموا ريش الحيوانات والبوص بدلًا من أصابعهم ، ويقومون بغمسها في الأحبار والأصباغ ، وتطوّرت الحضارات أشكال مختلفة من الأحبار والأقلام عبر الأزمان ، ويرجع الفضل إلى العرب في تنمية أشكال مختلفة من الأقلام لتتناسب مع أنواع الخطوط العربية المميزة .بدايات التفكير في صناعة القلم الحبر:
إن القلم الذي نستخدمه اليوم هو عبارة عن أنبوبة في داخلها الحبر ، وتنتهي الأنبوبة بكرة تتحرك بشكل انسيابيّ لتسمح بمرور الحبر من خلالها لسهولة الكتابة على الورق ، وتعتمد طريقة عمل القلم بشكل أساسيّ على وضع القلم في اتجاه الجاذبية بحيث ينتقل الحبر مع اتجاه القلم في سهولة ويسر .وترجع بدايات التفكير في صناعته برأس كروي إلى فترة الثمانينات من القرن التاسع عشر ، فقد حاول جون لاود صناعة تجويف يحمل في داخله الحبر ، وينتهي ببكرة مستديرة ، لتيسير تدفق الحبر من خلاله للكتابة على الجلود المدبوغة ، ولكن المشكلة التي واجهته هي أن الحبر الذي استخدمه كان يتدفق بشكل كبير ، فلا يسمح للكلمات بالظهور بالشكل المناسب على الورق ، كما أن كرة القلم لم تكن سلسلة بالشكل المطلوب فأصبحت علمية الكتابة مرهقة جدًا .تلك كانت الإرهاصات الأولى لبدايات التفكير في صناعة القلم ، وقد استلهم الصحفي لاديسلاو جوزيف بيرو تلك الأفكار ، فالاختراعات لا تولد دفعة واحدة ، حيث لاحظ الصحفي أن الأحبار التي تستخدم في طباعة الجرائد تجف في ثوانٍ معدودة ، بعد خروجها من المطبعة ، فتبلورت في ذهنه قضية استخدام حبر الطباعة في إنتاج القلم .ولكن بالتأكيد قد عانى من بعض المشاكل في طريقة تعبئة القلم بالحبر ، حيث إنه استخدم الحبر اللزج مع الأقلام التقليدية ، التي تعبأ أو الريشة التي تغمس في الحبر ، الأمر الذي يجعل من عملية الكتابة أمرًا صعبًا للغاية فعليه الآن أن يفكر في التطوير .تطوير صناعة الأقلام :
استعان جوزيف بشقيقه وعملا معًا على تطوير القلم ، وقد تمكنا من وضع كره صغيرة تتحرك حركات متوازنة تسمح بمرور الحبر إلى رأس القلم ، بالقدر المناسب منعًا لخروج دفعات كبيرة من الحبر على الورق ، وأطلقا على القلم بهذا الشكل اسم بيروم ، وتذكر المصادر إلى أنهما هاجرا معًا إلى الأرجنتين وهناك ظهر القلم لأول مرة عام 1943م ، وانتشر القلم بسرعة ونجح نجاحًا باهر ، فقد استخدمته القوات الجوية البريطانية لسهولة الكتابة به في الارتفاعات المختلفة .استغلال الفكرة وبناء أول مصنع للأقلام الجافة في العالم:
فكر المخترعان في بناء مصنع جديد لإنتاج الأقلام الجافة ، واستغلال فكرتهما لتحقيق الأرباح المادية وأعلنا أن القلم يمكنه حتى الكتابة تحت الماء ، وانتشرت الفكرة بعد ذلك إلى جميع أرجاء العالم ، وتعددت أشكال الأقلام وألوانها ، واختلفت أسعارها كذلك ، ولا شك أن طرق الكتابة ما زالت تتقدم وتتقدم فهي سنة الحياة .