في صباح يوم الثالث من سبتمبر عام 1950م ، بارح القطار الكهربائي المحطة الرئيسية لمدينة أنتورب ، ليقطع 15ميلا تصل به الي مدينة بروكسل ، كان القطار مزدحما كعادته ، وكان مئات الركاب سواء من عمال أو من أصحاب أعمال يمضون في رحلة لم تفارق ذاكرتهم أبداً.ذلك لأن القطار الذي تحرك من أنتورب الساعة 8.10 ، كان أمام لوحته سائق متوفى ، ورغم أن القطار من محطة أنتورب حتى محطة بروكسل ، مليء بالتقاطعات والتحويلات وإشارات الحركة ، فقد قام القطار برحلته في سلام ، بينما كان سائق القطار جاستون مايرز البالغ من العمر ثلاثين عام ، منكفئ على لوحة القيادة بعد أن لفظ أنفاسه الأخيرة ، مع العلم أن القطار كان غير مزود بأجهزة للإدارة الذاتية .بداية القصة :
في صباح يوم الثالث من سبتمبر عام 1950م ، في الساعة السادسة والنصف صباحًا ، أقبل سائق القطار جاستون مايرز إلى عمله ، محمومًا شاحب الوجه ، وقد قال لأحد زملائه أنه أمضى ليلته مسهداً نتيجة لارتفاع حرارته ، وأنه جاء إلى العمل رغم إرادة أفراد عائلته .نصحه أحد زملائه بالذهاب الى طبيب المصلحة ، ولكن جاستون رفض اعتقادًا منه أن صحته سوف تتحسن من تلقاء نفسها ، وبعد أن شرب قدحًا من القهوة واستراح ، بدا بالفعل في حالة أفضل .رحلة القطار:
عندما تحرك القطار في الساعة الثامنة وعشر دقائق ، كان يسبقه على الخط قطار آخر بخمس دقائق فقط ، وغادر المحطة أيضا قطار ثالث يسير على نفس الخط بعده بعشر دقائق أيضا ، ومن هنا كانت أهمية التوقيت الدقيق في حركة القطارات .شهادة أحد الركاب:
قال أحد ركاب القطار ويدعى بول هارمل ، أنه بعد تحرك القطار بخمس دقائق لاحظ هبوطًا في سرعته ، ثم تسارع ثانياً ، وفيما عدا ذلك كانت الرحلة طبيعية تماماً ، وعندما اقترب القطار من محطته الأولى في مدينة بلانسفلور، أبطأ القطار حركته مستجيبا لاشارات الإنذار.شهادة ضابط الرصيف:
وقال ضابط الرصيف أن القطار دخل إلى المحطة بسهولة ، ووقف في مكانه السليم ، وذكر أنه لم يستطع التعرف على شخصية السائق عند مرور القاطرة أمامه ، لأن السائق كان منتكس الرأس ، وبدا بالنسبة إليه وكأنه منشغلًا بمتابعة جهاز من أجهزة لوحة القيادة .شهادة عمال التحويلات:
أما عامل التحويل موريس تانسر ، الذي كان يجلس في كابينته الخاصة على الطريق ، قد تجمد في مكانه عندما مر القطار أمامه ، حيث خطف نظره الى كابينة القياده ليجدها خالية تماماً.فأسرع موريس تانسر واتصل فوراً ، بالتحويل التالي على الخط قائلاً :
قطار 8.10 لا أرى به سائق
!! ، أعطى رجل التحويلة التالية اشارة الابطاء للقطار القادم ، وبالفعل حرص أن ينظر جيداً في كابينة السائق ، وكانت المفاجأة عندما وجد هو اللآخر كابينة القيادة خالية ، وأن القطار يسير دون سائق .المحطة التالية:
كان القطار قد اقترب من مدينة فرميلين ، وهي المحطة السابقة لبروكسل ، فطلبت إدارة التحكم المركزي من ناظر محطة فرميلين ، مراجعة سائق قطار 8.10 ، للتأكد من أن كل شئ يسير على ما يرام .فأعطى ناظر المحطة اشارة الوقوف للقطار ، وعندما سكتت حركته سار على الرصيف حتى وصل الى كابينة السائق ، فلم ير في مكانه أحداً ، فاندفع يفتح باب الكابينة ، ليجد السائق (جاستون مايرز) مرتميا برأسه على لوحة القيادة وقد تدلت ذراعاه الى الأرض .. لقد كان ميتاً بالفعل .شهادة طبيب المحطة :
أسرع طبيب المحطة الي مسرح الحدث ، متوقعا وفاة السائق بنوبة قلبية مفاجئة بعد وقوفه في المحطة ، ولكن كانت المفاجأة عندما كشف عليه فقال ، هذا الرجل توفي من حوالي نصف ساعة ، وقتها كان قد مضى على دخول القطار للمحطة خمسة دقائق بالضبط ، وقد جاءت أقوال الطب الشرعي مؤيدة لقول طبيب المحطة.وصول القطار بلا سائق :
فكيف سار القطار الكهربائي عابراً مختلف الاشارات والتحويلات ، مهدئاً من سرعته عند دخول المحطات ..وبلا سائق !! ، فلا أحد يعرف اجابة عن هذا السؤال حتى الآن .