قابلنا العديد من الظواهر غير العادية في حياتنا ، وقد نقابل بعض الأشخاص غير العاديين أيضًا بالمثل ، فليست الظواهر الطبيعية أو الجماد وحدهم ، هم ما يمكن أن تقابله بشكلٍ غير سوي أو طبيعي في حياتك ، وبطل قصتنا هو شخص غير عادي ، يكفي أنه لا توجد كلمة (شبع) في قاموسه أو حياته بوجه عام ، قد نأكل ما يسد رمقنا ونحمد الله ونكتفي ، ولكن بطلنا لا يفعل بالمثل ، فهو دائم الجوع ولا تعرف له كلمة شبع طريق ، فمن هو ؟يُدعى (تارار) ، ولد عام 1772م ، في مدينة ليون بفرنسا ، لأبوين متوسطي الحال ، ولاحظ أبواه أن تارار لا يشبع أبدًا ، وأن شهيته مفتوحة طوال الوقت ! ، وظلا على هذا الحال آملين أنه إذا ما تقدم بالعمر سوف تنتهي تلك الرغبة ، والتي ظنوا بأنها قد تكون عادة ليس أكثر .ولكن وللأسف تطور الأمر مع تارار ، وعندما بلغ سن المراهقة صارت شهيتة أكثر شراهة خاصة للحم ، الذي كان يأكله بنهم شديد للغاية ، وعندما أُسقط في يد والديه ، اضطرا لطرده من المنزل نظرًا لعدم تمكنهما من تلبية احتياجه من الطعام ، فجأة وجد تارار نفسه وحيدًا بلا أهل أو طعام أو مأوى !وظل يتنقل بين الناس وبدأ بالسرقة من أجل شراء الطعام لسد شهيته التي ابتلي بها ، وما لبث أن انضم لفريق من العاهرات واللصوص وبدأ في التحرك معهم ، من أجل سرقة الطعام ومساعدتهم لينال المال اللازم لسد شهيته.انتقل تارار بعد ذلك إلى مجموعة جديدة من الأفراد ، كونوا فرقة شعبية تجوب المدن والأقاليم ويقدمون عروضًا فنية ومسرحيات هزلية ، ويجمعون في النهاية بعض المال ، هنا قاموا بعمل فقرة خاصة لتارار ؛ الذي كان قد صار يأكل الأحجار ويبتلع الطيور والحيوانات ، بل ويأكل النفايات أيضًا ! ونالت عروضه إعجاب الجماهير الذين كانوا يغدقون عليه بالمال نظرًا لإعجابهم بفقرته ، والتي جعلتها الفقرة أولى افتتاحيات عروضها في كل مرة .انضم تارار إلى صفوف الجنود إبان حرب التحالف ، ولكنه صُدم في كمية الطعام المُقدمة للجنود آنذاك ، فقد كانت ضئيلة للغاية وهو لا تسد شهيته بكمية كهذه ، فلجأ تارار إلى عرض خدماته بالقيام بمهام زملائه في مقابل إعطائه جزءً من طعامهم ، ولكن حتى تلك الوسيلة لم تفلح معه .بالطبع تدهورت صحة تارار ونقل إلى المشفى إثر تعرضه لوعكة شديدة ، ويا لحظه! فالمفشى لا يقدم سوى أربعة وجبات بسيطة للمرضى ، لا تكفي لسد رمق تارار أيضًا ، لذا بقي تارار يتنقل بين لعنابر يأكل بقايا طعام المرضى ، ويبحث في النفايات ليأكلها ، ووصل الأمر إلى ذهابه إلى صيدلية المشفى وتناول الضمادات الموجودة بها! ، فأصدر قادة الجيش أوامرهم بإخضاع تارار إلى الفحص الدقيق ، والتجارب الفسيولوجيةبواسطة الطبيب كورفل ، وقد خضع تارار إلى عدة تجارب فعلية ، حيث قدم له الأطباء وجبة تكفي لخمسة عشرة شخصًا ليروا قدرة تارار على تناول كميات مهولة من الطعام ، فتناولها تارار ببساطة شديدة ، تلا ذلك إعطائه قطة حية ، قام تارار بفتح بطنها بأسنانه وشرب دمائها ، ثم تناول لحكمها وفرائها وجلدها ، وترك العظام ، ثم تقيأ الفرو والجلد فيما بعد .وتنوعت التجارب والحيوانات التي تم تقديمها إلى تارار وقام بالتهامها جميعًا ، هنا أصدر قادة الجيش أمرًا بعودة تارار إلى صفوف الجيش مع زملائه ، ولكن الطبيب المعالج اقترح استغلال تارار ، فقد أعطاه صندوقًا وداخله وثيقة وتركه يلتهمه ، ثم استخرج بقايا الصندوق من براز تارار ، وبقيت الوثيقة سليمة .اتجه تفكير القادة بالجيش إلى استغلال تارار في نقل الوثائق المهمة ، ولكن القائد العام كان يشك في قدرات تارار العقلية لذا أخبره أنه يحمل وثيقة مهمة ولكنها في الحقيقة لم تكن كذلك ، عبر تارار الحدود حاملاً الوثيقة في جوفه ، وتم إلقاء القبض عليه نظرًا لأنه ارتدى زي فلاح ألماني ، وهو لا يعرف الألمانية قط ، فقُبض عليه وأُبرح ضربًا حتى اعترف أنه يحمل وثيقة مهمة ، فتم ربطه بالمرحاض إلى أن استخرجوا الوثيقة بالفعل ، وغضب القائد بشدة لأنه وجدها وثيقة عادية وأمر بقطع رأس تارار ، ولكن في اللحظة الأخيرة تراجع عن قراره وأرسله إلى أقرب نقطة للخطوط الفرنسية .عاد تارار وقد ضاق ذرعًا بشهيته الملعونة تلك ، وطلب من الطبيب أن يخلصه منها ولكن للأسف باءت المحاولات بالفشل الذريع ، فقد كان تارار يتسلل من حجرته بالمشفى ويذهب ليأكل جثث الموتى بالمشرحة ، ويشرب دماء المرضى ، وحتى الحيوانات النافقة لم تسلم منه ، لذا طالب كل من بالمشفى تحويله إلى مصحة عقلي .ولكن الطبيب تمسك به من أجل إجراء المزيد من التجارب عليه ، ولكن وقع حادث مؤلم حيث اختفى طفل يبلغ أربعة عشر شهرًا ، ولم تكن هناك أدلة بأن تارار قد التهمه ولكن تصرفاته بالفعل ، جعلت منه متهمًا قويًا ، وتم طرده من المشفى وانقطعت أخباره.وعقب ذلك بأربعة أعوام ، اتصل أحدهم بالطبيب وأخبره بأن هناك شخصًا يريد رؤيته ، وبالطبع لم يكن هذا الشخص سوى تارار ، كان مريض جدًا وأخبر الطبيب أنه أكل شوكة ذهبية ، ويظن أنها سبب مرضه نظرًا لأنها لم تخرج من جسده ، ولكن بفحصه تبين أنه مصاب بالسل ، وظل تارار مريضًا إلى أن أصيب بإسهال شديد عقب عدة أشهر ، وتوفى على إثرها .أغلق ملف تارار ولم يستطيع الأطباء فهم حالته ، فقد كانت أعضاؤه أكبر حجمًا من الإنسان العادي ، ورغم ذلك كانت هيئة تارار مثيرة ، فقد كان نحيلاً وبلغ وزنه في عمر السابعة عشرة من عمره حوالي 45 كيلو جرام ، وتوفى تارار وهو أحد أبرز العجائب التي واجهت العلم إلى اليوم.