استرخى الركاب في مقاعدهم داخل الطائرة ، وأخذوا يتبادلون الضحك والأحاديث ، وهم يربطون أحزمة الطائرة ، ثم ارتفع صوت محركات الطائرة وهي تتهاوى على طول ممر الاقلاع ، وفي نهاية الممر بمطار (جاندر نيوفوندلاند) فأوقف قائد الطائرة الكابتن الكندي (بوب نورمان) طائرته الكونستيليشن أ.هـ.ي.م 4 ، لمراجعة جميع المؤشرات والأجهزة التي أمامه ، ليتأكد أن كل على ما يرام قبل الاقلاع ، (فلقد راوده شعور قوي أن الطائرة تعتزم قتله) !!حوادث سابقة مجهولة السبب:
فمنذ سنة بالضبط ، في التاسع من يوليو عام 1947م ، مات الكابتن (آرثر لويس) القائد السابق لتلك الطائرة فوق لوحة قيادة الطائرة بسبب غير معروف ، وفي السنة السابقة لها وفي نفس اليوم ، كادت أن تحدث كارثة للطائرة ، عندما تسلل جسم غريب الى محركاتها ، وبعد مرور الطائرة بكافة الاختبارات والمراجعات على مدى ستة ساعات كاملة ، ثم انتهاء الكابتن (نورمان) من مراجعة كافة الأجهزة وهي واقفة عند نهاية ممر الاقلاع .بداية المعركة :
بدأت الطائرة تهتز بقوة فأمسك الكابتن (نورمان) بفرامل الطائرة جيدًا ، حتى اكتسبت الدفع المطلوب ، ثم رفع الكابتن قدمه من على الفرامل فاندفعت الطائرة ، وعندما بلغت سرعتها 145 ميلًا في الساعة ، وما أن دخلت عجلات الطائرة للداخل .وفجأة ، ظهر نور أحمر في لوحة القيادة ، وارتفع رنين جرس يعلو على صوت المحركات ، فلقد اشتعلت النيران في المحرك رقم 1، لقد بدى المحرك الذي جرى فحصه جيدًا كتلة من النيران ، فقام الكابتن (نورمان) على أحد الأزرار فانطلقت من تحت جناح الطائرة مواد الاطفاء ، فأخمدت الحريق .معركة أخرى مع الطائرة:
ولكن ظهرت مشكلة أخرى على الفور في الطائرة ، فقد بدى عن بعد من الطائرة وجود مبنى عالى جدا في مواجهتها ، وقد كانت الطائرة من التحليق دون ارتفاع سطح المبنى ، فلم تكن المناورة لتفادي المبنى ممكنه ، مع تعطل أحد المحركات ، وكان على الكابتن (نورمان) أن يرتفع بها ، وعندما حاول لم تستجب معه الطائرة ، فاستخدم آخر حيلة ممكنه معه .وهي الاقلاع مستعينًا بالثلاث محركات الباقية ، وهذه الطريقه لا تستخدم لأكثر من دقيقتين فمن المعروف أن طاقة الاقلاع تولد حرارة شديدة في المحركات وتحدث لها اجهاد ، ولكن تلك الطريقة لم تفلح أيضًا ، كانت المؤشرات تفيد بأن الطائرة ترتفع ، ولكن الطائرة لم تكن ترتفع ، وذراع القيادة المفترض بأنه يتحرك لأعلى ولكنه بدى وكأنه يتحرك لأسفل ، وكأنما تسلطت على الطائرة قوة خفيه تريد افشال أي محاولة لإنقاذها .محاولة النجاة :
استمرت جهود الكابتن (نورمان) دون جدوى ، حتى مال مساعد الطيار كابتن (لويس فورد) بجسمه جانبًا ، ومد يده لذراع القيادة تعاونا مع كابتن (نورمان) ، لإعطاء قوة دفع أكبر للطائرة ، حينها بدأت القوة المعاكسه تستجيب لقوتهما ، وأخذت تتناقص ، وارتفع أنف الطائرة على مسافة بسيطة من سطح المبنى العالي .آخر معركة مع الطائرة:
عادت الطائرة إلى المطار ، وأخذت تحلق فوق المطار لتستنفد الوقود ، فدقت أجراس الإنذار استجابة الى نداءات برج المراقبة ، التي حملتها مكبرات الصوت ، أن هناك (حالة طوارئ) ، وانطلقت للمر عربات الاطفاء والإسعاف ، وهبطت الطائرة على الممر بسلام وسط السائل الرغوي الذي أطلقته عربات الاطفاء .ظاهرة خارقة للطبيعة :
لم يتوقف الأمر الى ذلك الحد ، ففي يوم العاشر من يوليو عام 1949م ، تصدرت عناوين الصحف الرسميه خبر ، عن حدوث كارثة تحطم طائرة ، بالقرب من مطار شيكاغو وهي في الطريق إليها ، وقد مات الطاقم المكون من أربعة أشخاص وتسعة ركاب ، وكان رقم الطائرة أ.هـ.ي.م 4 وقائدها الكابتن (بوب نورمان).