بالطبع شاهدنا أفلام والت ديرني ، ونحن صغار ومنا الكثيرون الذين يتابعونها بشغف ، حتى الآن ولكن هل لفت انتباهك ، هذا القصر المرسوم بالجرافيك بجوار ، شعار شركة الوت ديزني المنتجة لرسوم الأطفال المتحركة؟هذا القصر الذي ظننا جميعًا بمخيلتنا ، أنه من وحي خيال المؤلف ولا نعلم أنه حقيقي ، نعم قصر والت ديزني بأفلام الكرتون ، هو قصر حقيقي وشهير يقبل عليه الملايين ، لمشاهدة روعته وسحره ، وبالتأكيد قصر بمثل هذا الجمال ، لابد أن خلفه قصة مثله .البداية ..
يعود بناء قلعة لودفينج ، إلى القرن التاسع عشر ، عندما رُزق ملك مملكة بافاريا ، بمولود هو ولي العهد لودفينج ، قُرعت آنذاك الطبول ، ودُقت الأجراس احتفالاً بولي العهد الأمير الصغير .ما لبث الأمير أن ظهرت عليه علامات ، الإرث الملكي من حيث الطباع ، حيث كانت تلك العائلة الملكية مميزة بعراقتها أولاً ؛ حيث تنتمي إلى أعرق العائلات الملكية الأوروبية ، وبالإضافة إلى ذلك ، تميزت العائلة جميعها بغرابة الأطوار والطباع ، حيث اتضح أن الأمير الصغير يميل إلى العزلة ، والخيال الواسع ، ويعشق المبارزة مع الأبطال غير الموجودين ، هم موجودون فقط في خياله ، الأمر الذي أثار قلق والده كثيرًا ، مما دفع بعض المقربون إلى اقتراح قضاء رحلة منفردة ، مع الأمير يتعلم من خلالها أصول الحكم ، ولكن الملك رفض الأمر بشدة نظرًا لكون الأمير ، لا يهوى الاستماع لنصائح الآخرون!كان لودفينج حالة خاصة جدًا ، فلم يكن يميل إلى النساء ، ولا يميل إلى السياسة ، أو أحاديث البلاط ، مما جعل منه حالة غريبة بالنسبة لمن حوله ، فقد كان الأمير للشعر ، حتى أنه كان يحفظ الملاحم الشعرية مع صديقه بول ، والذي أشيعت عنهما الكثير من الأقاويل ، نظرًا لعلاقتهما سويًا ، ولكن هذا لم يغير رأي الأمير أو ميوله ، بل جاءت عكسيًا ، فقد أمرته العائلة بخطبة إحدى بنات أعمامه ، ولكنه أراد العزلة فهي غايته ، وما لبثت الخطبة أن فُسخت وانتهت ، ولكنه على الرغم من ذلك ، كانت ابنة عمه الآخر صديقة مقربة له بشدة ، ولكنه لم يتزوج قط طوال حياته.تغيرات جذرية ..
عقب إصابة الملك بوعكة صحية ، فاضت روحه إلى بارئها على إثرها ، تُوج لودفينج ملكًا على عرش مملكة بافاريا ، كان شابًا حالمًا ، لا يدري شيئًا عن أمور المملكة ، أو الامساك بزمام الحكم ، ولكنه كان كريمًا سخيًا مع شعبه ، وقاسيًا لا يعطي وقتًا للحكومة ، وشاء القدر أن واجه الملك لودفينج نكبة في بداية حكمه ، إذا منّيت جيوشه المتحالفة مع النمسا ، بهزيمة على يد بروسيا ، وتم توقيع معاهدة أصبحت بافاريا وقتها جزء من ألمانيا الوليدة.تلك الهزيمة أدت إلى إحباط الملك لودفينج ، وإصراره على الابتعاد عن السياسة ، فخصص الوقت والمال لإنشاء عدد من المشاريع والبنايات الضخمة ، منها المسارح ، والأوبرا ، وقلعة نويشفانشتاين وهي القلعة الأشهر بينهم.تلك القلعة التي أسسها الملك ، من أمواله الخاصة وبموجبها عمل بها العديد من الفقراء ، وكانت تجمع بين الطراز القوطي والرومانسيكي ، في سيمفونية رائعة ، مغلفة من الداخل بالمرمر الفاخر ، حيث وضع الملك لودفينج لمساته الفنية ؛ ولعل هذا الأمر هو السبب في شدة جمالها حتى الآن .نهاية لودفينج ..
الأموال التي أنفقها لودفينج ، في المشاريع والبناء بطول البلاد وعرضها ، جعلته مديونًا هو وحكومته للبنوك ، ولأقاربه وكل من حوله ، لدرجة أنه قد حاول اقتراض مبلغ مالي من الحكومة ، إلا أنهم رفضوا بشدة ، فحاول إقالتهم إلا أنهم كانوا قد سبقوه ، وشكّلوا لجنة من أربعة أطباء نفسيين ، لإقرار أن الملك لودفينج مجنونًا وبهذا يمكنهم إزاحته من العرش .وبالفعل تم جمع مستندات وأدلة ، بشهادة بعض الناقمين على الملك ، وألقي القبض عليه واحتجازه في قلعة قريبة من النهر ، إلى أن طلب لودفينج من الطبيب التمشية بمحاذاة النهر ، دون حراسة وخرج كلاهما في السادسة مساء ، وكان من المقرر أن يعودا بحلول الثامنة ، ولكن أحدهما لم يعد ، فخرج الحراس بحثًا عنهما إلى أن وجدا ، جثتيهما تطفوان على سطح النهر في العاشرة مساءً ، وكانت ساعة الملك تشير إلى السابعة إلا ربع مساءً .مات لودفينج ، ولكن بقيت قلعة نويشفانشتاين بشكلها الساحر ، علامة مميزة تشهد على هذا الرجل ، وروحه السامية بالمتعلقة بالفنون بشدة ، ولازالت تلك القلعة ، من أهم وأشهر المعالم السياحية حول العالم ، والتي يأتي إليها الزائرون من كافة أنحاء العالم.