قال الله عزوجل في كتابه الكريم ؛ {وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ ۖ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ} سورة الأنبياء الآية 85 وقال كذلك ؛ {وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الأَخْيَارِ} سورة ص الآية 48 ، وقال المولى عزوجل بعد قصة أيوب في سورة الأنبياء {وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا ۖ إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ } صدق الله العظيم.استدل علماء المسلمين من تلك الآيات الكريمة بأن ذا الكفل هو نبي من أنبياء الله تعالى ، وذلك حيث اقترن الثناء عليه بهؤلاء السادة من الأنبياء المكرمين ، وهذا هو الرأي الأشهر والأرجح ، ولكن اتجه فريق من أهل العلم والمفسرين إلى أن ذا الكفل كان رجل صالح يتمتع بصفات الأنبياء من الحكمة والقسط والعدل ، حيث قام في قومه وتكفّل لهم أن يكفيهم أمورهم ، وأن يقضي عدلاً بينهم ، ولما فعل ما وعدهم به سمي بذا الكفل ، نسبة إلى الكفالة أو التكفل بعمل الشيء .فقال السعدي في تفسير الآيات الكريمة ، أن هؤلاء الأنبياء قد استخلصهم الله تعالى بأحسن الذكر ، والثناء عليهم فقد استخلصهم من الخلق وانتقى لهم الأفضل من الأعمال والخصال الحميدة ، والخُلُق ، والطباع الحسنة .وقد رُوي عن ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد ، أن سيدنا ذا الكفل لما كبر في العمر ، خرج على قومه وقال لهم أنه يرغب في أن يستخلفه رجلاً على بني قومه ، فيعمل عليهم قبل موته حتى يدري ما سوف يفعله بهم .ولما جمع بني قومه آنذاك سألهم عمن يستطيع أن يتقبل منه أن يستخلفه في ثلاثة أمور هي ؛ أن يصوم النهار ، ويقوم الليل ، وألا يغضب ، وهنا نهض رجل فقال له أنا أفعل ، فسأله سيدنا ذا الكفل أأنت تصوم النهار ، وتقوم الليل ، ولا تغضب ؟ ، فأجابه الرجل أن بلى ولكن رده سيدنا ذا الكفل ، وفي اليوم التالي تكرر ما حدث ونهض نفس الرجل وقال أنا ، وبسؤاله أكد ما نوى ، ولكن رده سيدنا اليسع مرة ثانية ، إلى أن نهض ثالثًا ، فقال أنا ، فاستخلفه على بني قومه .قال فظل إبليس يتربص به ويقول لأعوانه من الشياطين عليكم بفلان ، فظلوا يراودونه حتى أعياهم ، فقال لهم إبليس دعوه لي ، فذهب إليه في هيئة شيخ عجوز كبير في السن وفقير ، وأتاه عندما أخذ مضجعه ، وكان لا ينام ليلاً أو نهارًا ، إلا تلك الغفوة في القيلولة ، وعندما بدأ يغفو إذا بالباب يطرقه أحدهم فصاح متسائلاً من ؟ فقال الطارق أنا شيخ عجوز مظلوم ، فنهض وفتح له الباب واستضافه ، فجعل يقص عليه أن قومه قد ظلموه ، وأنه بينه وبينهم ظلومة ، وقال أنهم فعلوا وفعلوا به ، حتى بدأ يجن الغروب وترحل القائلة ، فقال له إذا رحلت فإنني أجلب لك حقك .فانطلق إبليس منصرفًا ، فذهب ذا الكفل إلى مجلسه وطفق يسأل ويقضي بين الناس ، وينتظر العجوز أن يأتي حتى يرد له حقه فلم يره ، ولما عاد إلى بيته وراح يخلد إلى النوم في القائلة ، فإذا بالشيخ يطرق عليه الباب ، فنهض ذا الكفل وسأله لمَ لم يأت بين الناس ليسترد حقه ؟فقال له إبليس أنهم قوم خبث ، فإذا كان قد جليس بينهم قالوا له سنهبك حقك ، وإذا ما انطلق من خلفهم جحدوه ، فقال له ذا الكفل آتني بين الناس لأعطيك حقك ، وظل ذا الكفل ينتظر العجوز ولكنه لم يأت ، وشق عليه النعاس فأوصى أهله بألا يدعوا أحدًا يطرق الباب مجددًا ، حتى يحصل على بعض النوم فقد شق عليه ، وعندما خلد إلى مضجعه إذا بالعجوز يظهر ويطلب مقابلته .فقالوا له لقد انتظرك كثيرًا ولكنك لم تأت ، قال لقد أتيته بالأمس وذكرت له أمري فدعوني أجالسه ، فمنعوه وقالوا أنه قد أمرهم بألا يدعوا أحدًا يقترب من الباب ، فنظر العجوز حوله حتى وجد كوة في جانب المنزل ، فتسلل منها إلى الداخل ثم طرق على الباب ، فنهض ذا الكفل ليرى من أتى ، فإذا به معه داخل المنزل .فقال له ألم آمرك ألا تأتيني ، فمن أين أتيت ، قال ذلك وهو يدفع باب منزله ليجده مغلقًا كما هو ، هنا عرف أنه إبليس قد أتاه بتلك الهيئة فقال له أعدو الله أنت ؟ فقال له نعم لقد أعييتني حتى أنني فعلت كل شيء لأغضبك ، فأسماه الله تعالى ذا الكفل لأنه تكفّل بما وعد به وأوفى .