قصة القعود والعضباء

منذ #قصص دينية

كانت للرسول صّل الله عليه وسلم ناقًة تسمى العضباء ، اشتهرت هذه الناقة بقوتها في السباقات التي كان يجريها العرب في الصحراء ، لم يغلب العضباء حيوان من جنسها قط ذكرًا كان أو أنثى ، وذات يوم جاء أعرابي ممتطيًا قعوده ، وهو جمل صغير السن ، وطلب من الرسول صّل الله عليه وسلم أن يجري سباقًا بين قعوده والعضباء !وافق الرسول صّل الله عليه وسلم ، وأعلن عن السباق وتجمع الناس كعادتهم في مثل هذه الحالة ، واستعدوا استعدادًا خاصًا ، فقد كانوا متلهفين لمشاهدة هذا السباق ، فهو حدثٌ فريد من نوعه ؛ سباق بين قعود صغير السن لإعرابي يتحدى وبين ناقة الرسول صلّ الله عليه وسلم ، وهي العضباء الناقة التي لا تهزم .كان الفأل ظاهرًا على ملامح الحاضرين ؛ أولئك المحتشدين لرؤية هذا السباق ؛ فأل يعبر مقدمًا عن النتيجة ، وماذا تكون النتيجة سوى النصر ، نصر جدير بناقة رسول الله صّل الله عليه وسلم ، فكان الناس يبتسمون إشفاقًا على هذا الأعرابي المغرور وجمله الصغير المسكين الذي لن يتحمل السباق .انطلق القعود وانطلقت معه العضباء ، وبدا القعود لأول وهلة وكأنما يهاجم الأفق بسرعته الفائقة ! إذ بدا منغرسًا في جوف الصحراء ؛ كأنما أراد أن يلحق بالسراب ! ، وبجواره انطلقت العضباء وتناثرت سحب الرمال من إخفاقهما السريعة ، سحب الرمال بدت من خلفهما كسحب الدخان المنطلقة من مؤخرة الصواريخ هذه الأيام !هلل المشاهدون على طول الطريق ، تحية لهذا السباق ، ولوحوا بالأيدي تشجيعًا للعضباء التي بدت لهم متباطئة تباطؤًا مثيرًا للقلق ! ، لم يلبث القعود أن تقدمها ، وتفوق عليها وجعل بينه وبينها مسافة ! ، وأخيرًا برز القعود فائزًا وكسب السباق ، وحزن المسلمون : كيف تنهزم ناقة الرسول ؟ كيف تهزم العضباء ؟ كيف يفوز قعود صغير لأعرابي ؟! ويا أسفاه !وبدت على ملامح المشاهدين الكآبة ، وأخذوا يرددون في أسى ، وكأنهم يلطمون : سبق القعود العضباء ، سبق القعود العضباء ! ، تقدم الرسول صلّ الله عليه وسلم منهم ، وواجه هؤلاء الحزانى ، واستنكر عليهم هذا الحزن ، ولم يقبله منهم ، ورآها عليه السلام فرصة أن يقول كلمته فيما حدث ، وقال في تواضع الحكيم : من حق الله تعالى أن يغلب من يشاء من خلقه ، ويهزم من يشاء .بهذه العبارة القصيرة قدم الرسول صلّ الله عليه وسلم درسًا في التواضع ، وقدم خُلقًا من أخلاق الفتوة ، وسلوكًا راقيًا يشير إلى أن الرسالة التي يحملها عليه السلام ليست عملًا خارقًا للطبيعة ، أو سحرًا يجعله فوق الهزائم ، هو أو ناقته أو أي تبع من أتباعه ، حيوانًا كان أو إنسانًا ، بل إن النصر أو الهزيمة هو أمر يؤكده رسولًا ويؤكده إنسانًا ينتصر على نفسه ، فلا يحزن لهزيمة ، أو يهلل لانتصار.

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك