قصة سأمنحها يوم جديد

منذ #قصص اجتماعية

قررت أن أنتحر ، سألقي بنفسي من أعلى الجسر ، هنا حيث يختفي جسدي دون أي جلبة ، هنا حيث أموت دون ألم أو دماء ، لم يكن هناك أشخاص كثر في الشارع ، فقد كان الوقت متأخرًا ، لم يكن هناك إلا السكارى والفتيات السيئات والعائدون من السهرات أو ذاهبون إليها .وقت على الجسر حيث قابلت حبي الأول والذي انتهى منذ زمن ، هنا تذكرت كل شيء سيئ حدث في حياتي لكي أشجع نفسي على الموت ، ولا أتراجع عن القفز ، هنا تذكرت يوم موت أمي وصراخنا وملابسي أنا وشقيقتي التي كانت باللون الأسود ، وكان الجميع يبكي ونحن لا نعرف ماذا نفعل .تذكرت يوم تزوج أبي من جارتنا هذه السيدة ذات الشفاه الحمراء والأنياب البارزة ، وكأنها خرجت لتوها من أحد أفلام الرعب ، هذه السيدة التي جعلتني وشقيقتي ندرك أن كل ما نراه في الأفلام والمسلسلات حول زوجة الأب هو جزء صغير للغاية ، هذه السيدة التي أتقنت فنون إذلالنا وتعذيبنا على كل شيء وأي شيء .تذكرت زواج شقيقتي ووحدتي ، وتذكرت يوم ولادة شقيقتي ، حين خرج الطبيب على وجهه الأسى مطأطأ الرأس ، يخبرنا أنها لم تتحمل وماتت على سرير العمليات ، وأن ندعو للطفل لأنه في حالة خطرة ، هذا الطفل الذي مر على الحياة مرور الكرام ، وتوفاه الله لكي لا يعيش يتيمًا في دنيا لا ترحم وسط قلوب قاسية ، مات حتى قبل أن نطلق عليه أي اسم.شعرت بالحزن الشديد فقد تركتني شقيقتي وتركني ابنها الوحيد ، صرت وحيدة تمامًا ، أتذكر يوم أحببت أستاذي في الجامعة ، حاولت زوجة أبي أن تعجل بالزواج بأي شكل ، لكنني رفضت خفت أن ينتهي الحب بيننا ، وألا يبقى لنا سوى المشكلات والمشادات .أتذكر يوم التقيت به هنا على هذا الجسر وفي نفس المكان حين توفيت والدته ، أتذكر كيف عانقته حتى أنني تخيلت أني سمعت صوت دقات قلبه تتكسر بداخله ، طلبت منه يومها أن نتزوج ، فسألنني ألا أخشى على الحب بيننا ، الحقيقة أني كنت أخشى على الحب ، لكني كنت أخشى أن أفقده أكثر .تزوجنا وبعد زواجنا أخبرته أنني لا أريد أن أنجب ، لا أريد أن أموت وأنا في بداية شبابي مثلما توفيت شقيقتي ، وافق وأجلنا الإنجاب ، لم أترك له فرصة يتحدث فيها في هذا الأمر ، مر عام ونصف دون مشكلات أو خلافات .توفيت زوجة أبي فقرر أبي أن يأتي ليعيش معي ومع زوجي ، كان الأمر صعبًا ومربكًا ومحرجًا ، فقد كان أبي يثمل دائمًا ، وكان حين يثمل يتفوه بالكثير من الكلمات البذيئة ، كنا أنا وزوجي نحاول أن نتجاوز عن الأمر ونتغاضى عنه ، ولكن حين دخل أبي إلى غرفة نومي واتهمني بأنني قتلت زوجته كان الأمر مروعًا .فقد بدأ أبي في الصراخ أمسك برقبتي وبدأ يحاول خنقي ، يتهمني أني وضعت السم لها في الطعام لأني كنت أكرهها ، كان الأمر أكبر من طاقة احتمالنا ، وفاض الكيل حين بدأ أبي يصاب بأعراض الزهايمر وصار يسألني ما اسمي ولماذا أعيش معه وأين هو .قرر زوجي أن يودعه في مصحة خاصة بأمراض الشيخوخة والزهايمر ، وشعرت بالسوء وبدأت أتجنب زوجي لا نتحدث إلا نادرًا ، لا ننام في نفس الغرفة ، لا نتبادل إلا صباح الخير أو مساء الخير فقط من كل الكلام ، كان الأمر صعبًا ، الآن أشعر أن لا قيمة لحياتي ولا يوجد ما أعيش من أجله ، الآن قررت أن أنتحر .فتحت عيني حين سمعت صوت ابنتي الصغيرة تبكي في غرفتها ، توجهت لها مباشرة ومن خلفي زوجي ، هدأتها وخرجنا إلى الشرفة نتناول الكاكاو الساخن ، سألنني عن حال بطلة روايتي الجديدة ، فقلت له أنني سأمنحها يومًا جديد ، ربما تعرف أن هناك أشياء في الحياة تستحق أن نبقى من أجلها .

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك