قصة سأتوب في الوقت المناسب

منذ #قصص اجتماعية

لم يكن اليتم هو وفاة والديها ، اليتم الحقيقي هو ظناها لم تمت ، وأن صقر لم يمت أيضاً ، فقد بقي في العالم ليصير جلادها ، يفتش في حقيبة يدها بحجة أنه يبحث عن علكة ، ويبحث في أرقام الهاتف بحجة البحث عن رقم مطعم للوجبات السريعة ، ويراجع تواريخ جلوسها على الكمبيوتر ، كل هذا ليتأكد أنها لن تحيد عن صلاة الفضيلة ، ولا تتحاور مع رجال .محاولة الهروب :
وجدت نفسها تهرب دون أن يعلم أحد بأمرها ، وعادت خائبة ، كانت عاجزة عن أن تكون ، أن تكون وحسب ، أن تمشي في أرض الله الواسعة ، دون أن تحس أن العالم سوف يقوم بافتراسها .بائع الورود:
بائع الورد يعرفها ، فهي تتردد عليه من حين لآخر لشراء باقات الورود ، فهو يبتسم عندما يلف لها باقة الورد ، وعندما يبتسم تظن أنه واحد من الذئاب البشرية ، التي يتكلم عنهم صقر ، والذين يفترسون البنات ، لم تبادله الابتسامة ، واشترت ما تريد وانصرفت .البحث عن عالم آخر :
لقد تحول العالم بفضل أخيها صقر ، إلى مكان مشبوه ، بعد أن احتكر الشرف كله لنفسه ، كانت تريد ذلك المكان الذي بوسع المرء أن يكون نفسه ، أن يشبه ظاهره باطنه ، وأن ينسجم مع حقيقته ، أن يدرس الفرنسية ، أن يرسم عصفوراً ، أن يكتب قصيدة في النور ، أن يجلس وحيداً ، أن يركد في الملاهي ، أن يلامس البحر بقدميه ، أن يمشي إلى البقالة وحيداً ، أن يجالس الأصدقاء في المقهى .تريد فضاءها الخاص ، فضاءها الذي لا يخص سواها ، الذي لا يؤذي أحداً ، تريده كله ، وتتسآل لماذا سرقوه ولماذا اقتحمها العالم الى هذا الحد ؟معنى التحايل على الواقع :
أن تعيش في مكان يصادرك ، حتي آخر سنتيمتر منك ، يعني أن تبرع في فنون الالتفاف ، كان عليها أن تحتال ، أن تكيد ، أن ترقص رقصتها في الظلام ، أن تخفي الملفات بالكمبيوتر ، وتدمغها برقم سري ، حتى لا يهتك ولي الأمر سرانية قصائدها ، أن تحمل الكتب المقرصنة وتحفظها وتقرأها دون أن يكتشف ولي الأمر ، أنها خرجت عن المقرر الأيدلوجي وقائمة القراءات المسموح بها ، أن تمد يدها إلى شبكة الانترنت وتقطف ثمار العالم وتلامس فضاءاته .أن تكتب تحت اسم مستعار ، تضع الأقنعة لتكون حقيقتها ، تحذف تواريخ التصفح من الكمبيوتر ، وتحذف مرورها على منتديات الشعر والقصائد ، أن تجلس على دكه النافذة وترى الغبار وتسميه ضباباً ، أن تسافر دون أن تغادر مكانها ، أن تكتب قصائد غير موزونة وغير مقفاة ، لأن هذا النوع وحده يشبهها ، أن تكسر انسانيتها وتتذوق العالم في الخارج ، تتسلل في الليالي وتتدرب على الهرب .البحث والمجادلة :
كان ما يهم بالنسبة لها ، هو البحث عن آراء شرعية متعددة ومختلفة ومتضاربة ، حتى صارت ناشطة في مجال الفتاوى ، مجال البحث عن نوافذ وثقوب للنفاذ إلى وجهات نظر تخالف السائد ، كل ما قال لها الشيء الفلاني حرام ، تقول له العالم الفلاني له وجه نظر أخرى ، طوال الساعات كانت تجادله وتمتحن معرفته ، محاولة منها بإجباره على الاعتراف بوجود الاختلاف ، فكانت تفشل .خداع وحياة أخرى :
كان عليها أن تكذب ، أن تذهب إلى المكتبة وتخبره بأنها في الجامعة ، تجلس في ذلك المكان المهجور ، مختبئة بين أعمدة الكتب وتقرأ ، تحرسها أرواح الشعراء والفلاسفة ، تقيم علاقة مع أبطال الروايات ، وتعيش حيوات مفارقة.عذاب الضمير :
لقد قرأت طوال حياتها ، وهي تشعر أنها تقترف اثماً ، لدرجة أنها شعرت أنها لو ماتت سوف تقضي فترة في الجحيم ، عقوبة على عقوقها ، ومشاويرها غير المعلنة ، وقراءاتها السرية ، فقد شعرت أنها تقترف المحرمة ، وكان التفكير في جهنم يرعبها ، ولكنها منّت نفسها ، أنه سيأتي الوقت وتتوب ، في الوقت المناسب قبل موتها بخمس دقائق فقط .

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك