في صبيحة يوم الجمعة ، طلب فهد من أخته أسماء أن تلبس العباءة لكي ترافقه للصلاة ، فسألته أسماء بعفوية قائلة : ألم تقل أن صلاة المرأة في بيتها أفضل ؟ ، فأجابها أخيها الكبير فهد : أن الأمر سيكون في صالحها ، حيث هي أصبحت كالموزة المنقطة ، التي لم يرغب في أكلها أحد ، وعليه أن يتصرف بهذا الشأن .كانت أسماء في السابعة عشرة من عمرها ، عندما أطلعها فهد بأسلوبه الفظ على حقيقة عنوستها ، فأخذت تتحدث إلى نفسها قائلة : أنا موزة منقطة ، ولن يرغب بأكلي أحد ، كانت خطة أخيها فهد تقتضي ببساطة ، أن يراها أحد من أصدقاؤه ويرغب بها ، وستكون طبعاً ملائمة أكثر كزوجة ثانية أو ثالثة ، على افتراض أن أصدقاؤه في مثل عمره .الصلاة :
انقضت الصلاة وانفض الجميع ، ولم يبقى في مصلى السيدات غيرها ، تفترش السجاد الأحمر الممتد ، وتقول : يا قاد ، اجعلني غير مرئية ، اجعلني اختفي ، بقيت في مصلى السيدات وانتظرت أن يمر الوقت ، وأن يمضي الجميع ، وكان بالطبع أخيها فهد يغلي رأسه تحت الشمس ، و هو يحاول تعطيل انصراف أصدقاؤه ، الذين يجدهم ملائمين كأنساب ، فقد كان يفعل كل ما بوسعه ، وكانت هى تفعل كل ما بوسعها لكي لا تخرج من المصلي ، حتى انصراف الجميع ، مرت ساعة حتى انصرف الجميع ، وبقي واحد .الصبر والانتظار:
فقد فهد رباطة جأشه وصار ينادي قائلًا : ياهيه ، ياهيه ، يا ولد ، طبعًا هو يناديها يا ولد ، لكي لا يقع في محظور لفظ اسمها الفضيحة على مسمع رجل أجنبي ، حتى لو كان ذلك الأجنبي موعود بالتهامها بعينيه السحيقتين في الشهوانية بعد لحظات ، فكان قد فاتح أحد معارفه بشأنها ، وقال له : أختي تربية ايدي ، وتبي السّتر .الزوج المنتظر:
كان الرجل الذي وقع عليه اختيار اخيها فهد ، بشكل عشوائي ووليد اللحظة على الأرجح ، بين الأربعين والخامسة والأربعين من عمره ، كان ذو لحية محناه ، وأنف معقوف ، وشارب حليق ، وجسد ممصوص .فهد والموزة المنقطة :
ظل فهد ينادي : يا ولد ، يا ولد ، اطلع ! ، ثم تجاسر وطل برأسه داخل مصلى السيدات ، فلمح طرف عباءة أخته أسماء ، وعرف بأنها مختبئة بجانب المدخل ، وقد كان قلبها يرتعد ، ولما عرف بأنها وحدها في الداخل ، فتقدم فهد خطوات وشدها من حجاب رأسها ، وهو يصرخ ويقول : شتسوين صار لي ساعة أناديك وما تردين ؟ ، فأجابته أسماء قائلة وهي ترتعد : أصلي ، أصلي ، فقال لها منفعلًا : تصلين يالكذابة ، تراويح القايلة ، امش قدامي ، ثم دفعها أمام صاحبه ، وهو يتضاحك معه ويردد : تستحي ! أختي تربية يدي ، مربيها على الأدب وغض البصر .أسماء والزوج المنتظر :
شعرت أسماء بنظرات الرجل ، تثقب وجهها وتوجع روحها ، كما لو كانت سيارة ، أو نعل جديدة ، أو ربما في هذه الحالة : ناقلة تصلح لسباق الهجن ، فرت أسماء من أمامهما مسرعة إلى السيارة ، وجلست في المقعد الخلفي ، وهى تكفكف دموعها ، وسلم أخيها فهد على صديقه ، ثم صعد الى السيارة وانطلقا متوجهان إلى المنزل .التهديدات المتبادلة :
وصلا أسماء وفهد إلى المنزل ، ركضت إلى المطبخ ، وكان فهد يطاردها ويهددها ، حملت سكين المطبخ في يدها ووضعته على خدها ، وقالت مرددة : قلت سأفعلها والله سأفعلها ، سأمزق وجهي وأرمي مزقه تحت قدميك ، إذا أجبرتني على الزواج منه ، ولم يرغب أحداً في الزواج مني أبداً .قال لها أخيها فهد : يالخبلة ، يالناقصة .. أنا أبيلك الزين ، اخترت لك الزين ، فأجابته أسماء : الزين خله لك أنا ما بيه ، فقال لها : أبو فارس عنده فلوس فلوس ، ما يخليكي تشتغلين ولا حتى تكملي دراستك ، هو اللى بيريحك .فأجابته أسماء بتحدي : أنا ما بيه ! أنا غاوية شقا ، فقال فهد بغيظ : صدق أنك ناقصة عقل ! قالها وهو يتكيء على ملافظه ، لفظاً لفظاً ، يخرج الأحرف بعناية ، يتلمظ بها ، ناقصة عقل ، وكان من شيمه أيضا أن يؤكد : ودين .