طالما سمعنا عن التوائم المرتبطة ، جينيًا وعاطفيًا وروحيًا بشكل هو أقرب للخيال ، منه للواقع الذي نراه بأعيننا ، خاصة التوائم المتشابهة بشكل متطابق ، وكثير منهم يروي حكايات وقصص للعلاقة بينهم ، كما حدث في قصة ميرنا وتوأمتها ماريا .ماريا وميرنا توءم سيامي متشابه ، تبلغان من العمر واحد وعشرون عامًا ، وتعيشان برفقة والديهما في مدينة صغيرة ، ولشدة التشابه بينهما كان الجميع يخطئون في التفريق بينهما .مرت الأيام وانتهت الفتاتان دراستهما ، وانطلقتا للبحث عن عمل ، مثل غيرهم من الطلاب حديثي التخرج ، وظلتا تبحثان سويًا حتى وجدت ماريا إعلانًا ، عن شركة بإحدى الصحف المحلية ، لشركة كبرى تطلب عددًا من المحاسبين ، فقررتا الذهاب إليها معًا من أجل ألا يفرقهما العمل .ذهبت الفتاتان إلى العمل ولقاء مدير الشركة ، كانتا في غاية الحسن والبهاء ، حتى أن مدير العمل قد طلب الزواج من واحدة منهما ، وترك لهما التفكير في عرضه ، في مقابل أن يقوم بتوظيف الأخرى ، والإغداق على من ستتزوجه منهما ، الكثير من الأموال .كان مدير الشركة كبيرًا بالعمر ، فهو في أواخر العقد الخامس من العمر ، بينما هما زهرتان في ريعان الشباب وأوائل العقد الثاني فقط ، صُدمت الفتاتان وقررتا ألا تذهبا ، إلى الشركة مرة أخرى ، ولكن عقب عودتهما إلى المنزل فوجئتا بكارثة حلت عليهما ، توفى الوالد إثر اصطدامه بسيارة متهورة ، ولن يكون لهما سندًا أو عائلاً الآن ، فوالدتهما ربة منزل لم تعمل قط ، بينما كان الأب متوسط الحال ، فما العمل الآن ؟مرت أسابيع قليلة وفوجئت الفتاتان بمدير الشركة التي كانتا قد قررتا عدم العمل بها ، بأنه يزورهما في المنزل ، وبعد تقديم واجب العزاء جلس الرجل بصحبة الفتاتين ووالدتهما وكرر عرضه ، السابق بشأن الزواج من إحدى الفتاتين ، أي صفاقة تلك التي دفعته لطلب مثل هذا الآن ؟الآن بلا شك أصبح العرض واضحًا ، وأهدافه أيضًا فالأمر مساومة الآن ، بين الفقر والمال وهو يعلم هذا ، فحاجة الفتاتين للمال قد أصبحت ضرورة ، ولكن يا ترى من منهما يمكنها أن تضحى بنفسها من أجل شقيقتها التوءم ؟اتخذت ماريا القرار عقب أسبوع من الصمت ، ليس به سوى دموع منهمرة من أعين الفتاتين ، أي جحيم هذا الذي ساقه إليهما القدر! يا الله .. هكذا كانت تهتف السيدة المكلومة ، فقد فقدت زوجها عما قريب ، والآن تفكر أن تعطي إحدى ابنتيها لرجل في مثل عمر والدها ، حتى تستطيع أن تنفق عليهما وألا تمد يدها لمن حولها.هاجمتها أمها ولامتها شقيقتها ، ولكن الإصرار كان هو الإجابة الوحيدة ، أخبرتهما ماريا أنها وافقت ، وتحدثت إلى السيد أدهم مدير الشركة ، وسوف تنتهي الإجراءات الرسمية لإتمام الزواج عقب يومين ، فالرجل في عجالة وهم يحتاجون المال .بالفعل عقب يومين تم توظيف ميرنا بالشركة ، وتمت الإجراءات المهمة وأصبحت موظفة بلا قيود ، ولا يستطيع أحدهم أن يسحب من تحت قدميها تلك الوظيفة ، وذلك بالتزامن مع عقد زواج ماريا من مدير الشركة ، ولكنها طلبت من زوجها بأن تذهب معه إلى منزله في اليوم التالي ، وكان لها ما أرادت .استيقظت ميرنا ووالدتها وأعدتا الفطور ، وذهبت ميرنا لتوقظ شقيقتها حتى تنعم بيوم آخر ، معها قبل أن تذهب إلى منزل زوجها ، ولكن شاء القدر ألا تستيقظ ماريا قط ، فقد فاضت روحها إلى بارئها ، بعد أن أتمت مهمتها من أجل توأمتها .