إن الأخلاقيات لا تتجزأ في أي مكان أو فيما يخص أي مهنة ؛ حيث أنه من الضروري أن يظل الاحترام المتبادل بين جميع الأفراد الذين يحتكون ببعضهم البعض هو الشيء الأساسي ؛ الذي على إثره تستقيم العلاقات الإنسانية ، كما أن الخلاف في الرأي هو ضرورة حياتية لأنه من المستحيل أن يتفق كل البشر على كل شيء ؛ غير أن ذلك يوجب أيضًا الاحترام عن طريق الردود المهذبة وقبول رأي الآخرين دون التعدي على حقهم في التعبير عن آرائهم الخاصة .يختلط جميع البشر مع بعضهم البعض ، حيث أنهم يسيرون جميعًا في نفس الدائرة اليومية سواء في العمل أو البيت أو الشارع أو أماكن الخدمات العامة ؛ لذلك يتوجب على الجميع أن يتحلون بحسن الخُلق ، وقد تحدث الكثير من الخلافات ولكن حينما تصل إلى الإهانة والسب فإن الأمر يبدو في غاية الصعوبة بين الطرفين ؛ ورد إلي المحكمة قضية نزاعية بين محاميين تطاول أحدهما على الآخر بشكل مهين للغاية .قام المحامي المُدعي بتقديم شكوى إلى هيئة المحكمة ضد زميله المُدعي عليه بأنه قد قام بإساءته والتطاول عليه بوابل من الكلمات البذيئة ؛ كما قام بإهانة قبيلته وأساء إلى مكتب المحاماة الذي يعمل به ، وقال أيضًا أنه قذفه بكلمات عنصرية قاسية أثناء حدوث مشادة كلامية بينهما داخل إحدى المحاكم .أحضر المُدعي اثنين من الشهود لتدعيم موقفه في القضية ؛ كما قام بإعداد محضر ليُثبت من خلاله أن واقعة الإهانة قد تمت بالفعل داخل واحدة من المحاكم ، وقد دعمّ الموقف بالشاهدين المذكورين من موظفي المحكمة الذين شهدا ما صدر من إهانة شديدة اللهجة من المُدعي عليه ضد المُدعي .قام المحامي المُدعي عليه بالطعن في ذلك المحضر ، وذكر أنه يُعتبر باطلًا لا يعتمد على هيكل نظامي ليكون صادقًا ويؤخذ به في الهيئات القضائية ، كما أكدّ تبعًا لادعائه أن واحدًا من الشهيدين المذكورين هو من قبيلة المحامي الذي قدّم ضده ذلك المحضر ؛ وذلك ما يُضعف حجة القضية بسبب ضعف الشهادة .طالت المداولات داخل هيئة المحكمة في تلك القضية حتى دامت لمدة ستة عشر شهرًا كاملة ، وبعدها قررت المحكمة أن تطلب من المحامي المُدعي أن يُقسم اليمين أمام المحكمة ؛ كي يؤكد صحة ادعاءه ضد زميله ؛ وحتى يُدعم ما قدمه من أدلة وقرائن للمحكمة بشأن تلك القضية .لم يتردد المُدعي في أن يُقسم اليمين الشرعي أمام هيئة المحكمة ؛ لكي يحصل على حقه الذي أهدره زميله بإهانته وعدم احترامه أو احترام شرف المهنة التي تُعتبر عاملًا مشتركًا بين الطرفين .قامت المحكمة بعد أن سمعت القسم الشرعي من المُدعي بتأييد حكم السجن ضد المحامي المُدعي عليه لمدة ثلاثين يومًا ، كما أمرت بجلده مائة وثلاثين جلدة ؛ لأنه أهدر الحقين العام والخاص باستخدامه للألفاظ العنصرية ضد زميله وضد قبيلته ومكان عمله الخاص .كان حكم المحكمة نهائي ولم يعد فيه أي رجوع أو استئناف وأصبح واجب التنفيذ ، كما قامت هيئة القضاء بالحصول على تعهد مُشدد بألا يعود المُدعي عليه إلى ذلك الفعل المشين الذي لا يحترم حقوق الآخرين ويتعدى عليهم بشكل شخصي ومباشر ، وأيدت محكمة الاستئناف ذلك الحكم الصادر من الهيئة القضائية .تُعد قضية النزاع بين المحاميين هي قضية عامة تغزو العالم أجمع ؛ حيث أن الخلافات بين أفراد المجتمع موجودة في كل مهنة ؛ وقد تصل إلى حد الوقوع في جرائم ؛ لذلك يجب الحد من تلك المشكلات والنزاعات بين الأطراف ؛ عن طريق التحكم في الذات وعدم إطلاق اللسان ببذيء الكلمات التي قد تودي بفاعلها إلى الهلاك مثلما حدث مع ذلك المحامي ؛ الذي تم سجنه وجلده نتيجة سوء فعلته .